الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> هيَ الدّارُ موقوفٌ عليكَ بكاها >>
قصائدالشريف المرتضى
هيَ الدّارُ موقوفٌ عليكَ بكاها
الشريف المرتضى
- هيَ الدّارُ موقوفٌ عليكَ بكاها
- فلا تعُدها يوماً تؤمُّ سِواها
- وخلِّ اعتذاراً بالرِّكاب فإنَّما
- بكفّ الذى يعدو الرّكابَ خطاها
- هَوِيتُ ثَراها قاصداً مَن مشَى بها
- ولولا هواها ما هويتُ ثراها
- ولمّا عرفنا دارها بمحجّرٍ
- وحلّتْ عيونٌ بالدّموعِ حباها
- نظرتُ إليها يومَ سارتْ حُدوجُها
- فلم يكُ للأجفانِ غيرُ قَذاها
- وقفنا عليها طاعة ً لقلوبنا
- رِكاباً حَداها الشَّوقُ حينَ حَداها
- فكانَ حنينَ المُهْجَساتِ رُعودُها
- وصوبَ دموعِ النّاشجين حياها
- فيا منزلاً بانتْ وفيه ضياؤها
- وليستْ به وهناً وفيه نشاها
- سقاكَ من الأنواءِ ما شئتَ من ندًى
- ولازلتَ ريّانَ الثَّرى وسَقاها
- أُحبُّكَ والبيتِ الّذي طوّفَتْ به
- قريشٌ ومسّتْ تربهُ بلحاها
- ومَنْ حَطَّهُ بيتاً عتيقاً محرَّماً
- وجابَ له الأحجارَ ثمَّ بناها
- وقومٍ نَضَوْا بالمَوْقِفَيْنِ ذنوبَهُمْ
- ومن حلَّ فى وادى منًى وأتاها
- وبالحصياتِ اللاّتى ينبذن حسبة ً
- ومنْ قلّها منْ صخرها ورماها
- لَئِنْ كنتِ من دارِ الغرامِ صحيحة ً
- فلي مُهْجَة ٌ لم يبقَ غيرُ ذَماها
- وزارتْ وسادى فى الظّلامِ خريدة ٌ
- أرها الكرى عيني ولستُ أراها
- تَمانَعُ صُبحاً أنْ أراها بناظري
- وتبذلُ جنحاً أنْ أقبّلَ فاها
- ولمّا سرتْ لم تخشَ وهناً ضلالة ً
- ولا عرف العذّالُ كيف سراها
- فما ذا الذى من غير وعدٍ أتى بها
- وماذا على بعدِ المزارِ هداها ؟
- ويا ليتني لمّا نزلتُ بِشِعْبها
- تكونُ قِرايَ أوْ أكونُ قِراها
- وقالوا : عساها بعد زورة ٍ باطلٍ
- تزورُ بلا ريبٍ فقلتُ: عساها
- ألاّ نكّب الأنواءُ دارَ مهانة ٍ
- فما عندنا للنّفسِ غيرُ ضناها
- مقيمٌ بلا زادٍ سوى الصّبر والحجى
- على شجراتٍ لا أذوق جناها
- لغيري اخضرارٌ من فروعِ غُصونِها
- وليس عليه بلْ على َّ ذواها
- أشيمُ بروقاً لا أرى الغيثَ بعدها
- وأرقبُ سُحْباً لا يَطُلُّ نَداها
- ولو كنتُ أرجوها قنعتُ فإنّنى
- حُرِمْتُ بها فيما حُرِمتُ مُناها
- وإنّى لمغرورٌ بقومٍ أذلّة ٍ
- يحلّون من أرضِ الهوانِ ذراها
- وإنْ جئتهمْ تشكو مضيضَ ملمّة ٍ
- تَقَوْا بك مغلولَ اليدين شَباها
- وكلِّ مَليءٍ بالمَلامِ مذمَّم
- عرته المخازى مرّة ً وعراها
- يهشُّ إلى العوراءِ وهى َ قصيّة ٌ
- ويعمى عن العلياءِ وهو يراها
- صحبتكمُ أجلو بكمْ عنّى َ القذا
- فأعشَى عيوني قربُكمْ وغَطاها
- وكنتُ أُرَجِّي صبحَكمْ بحنادِسٍ
- فكنتمْ نهاراً للعيونِ دُجاها
- فليت الذى ما كان للعين قرّة ً
- وقد أبصرته لا يكون عماها
- ودارُكمُ دارٌ إذا ما مضَى بها
- كريمٌ عداها معرضاً وطواها
- إذا قرّبتْ شيئاً لديه انتوى لها
- وإنْ عُرضتْ يوماً عليه أباها
- وماهانَ إلاّ خائفٌ يستجيرها
- ولاخاب إلاّ مَنْ مَنا فَرَجاها
- وما المُسْلَمُ المخدوعُ إلاّ نَزولُها
- ولا المُهْمَلُ المبذولُ غيرُ حِماها
- فلا بارك الرّحمان فيمنْ أحبّها
- وبارك فيمن ملّها فقلاها
- ولا بَلَغَتْها النّاجياتُ طَلَبْنَها
- وعقّلنَ عن إدراكها بوجاها
- فأَيُّ انتفاعٍ بالبلادِ عريضة ً؟
- وباتَ قصيراً في الرّجال جَداها
- فكلُّ بلادٍ لم يفدك اقترابها
- فما قربها إلاّ كبعدِ مداها
- رمِ المطرحَ الأعلى من الفضل كلّهِ
- ولا ترضَ فى أكرومة ٍ بسواها
- وخلِّ ضنيناً بالحياة ِ فإنّه
- فداها ببذلِ العِرْضِ حين فَداها
- فلستَ لدى حكمِ العشيرة ِ شيخَها
- إذا لم تكنْ يوم الطّعانِ فتاها
- وكيف ولم تحملْ بظهرك ثقلها
- تدورُ على قطبٍ نَصَبْتَ رحاها؟
- وما سدتها فى يوم سلمٍ ولم تكنْ
- بسيّدها فى الضّربِ يوم وغاها
- فكن إنْ أردتَ العزَّ فيها مسالماً
- شِفارَ مَواضيها وزُرْقَ قناها
- فلي في معاريضِ الكلامِ تَعِلَّة ٌ
- ومن عللِ الأدواء منه شفاها
- فإن يمكن التّصريحُ صرّحتُ آنفاً
- وروَّيتُ أحشاءً أطَلْتُ ظماها
- وإلاّ فجمجامٌ من القولِ سائرٌ
- بأيدي عِناقِ النّاعجاتِ كفاها
المزيد...
العصور الأدبيه