الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أتمضي كذا أيدي الرّدى بالمصاعبِ >>
قصائدالشريف المرتضى
أتمضي كذا أيدي الرّدى بالمصاعبِ
الشريف المرتضى
- أتمضي كذا أيدي الرّدى بالمصاعبِ
- وتذهب عنّا بالذُّرى والغواربِ
- وتُستلَبُ الآسادُ وهْيَ مُلِظَّة ٌ
- بأخياسِهِنَّ من أعزّ المسالبِ
- وتُؤخذ منّا من وراء سُجوفنا
- بلا رأيِ بوّابٍ ولا إذْنِ حاجِبِ
- وتُقنص فينا روحُ كلِّ محاربٍ
- أبيٍ جرئٍ وهو غير محاربِ
- أيا صاحبي إنْ كنتَ في إثرِ من مضى
- على مثل حلاتي فإنّك صاحبي
- دعِ الفكرَ إلاّ في الحِمامِ ولا تُقِمْ
- مع الحرصِ في دار الظّنونِ الكواذبِ
- وإنْ كنتَ يوماً بالحديثِ مُعلِّلاً
- لسمعي فَحَدِّثْني حديثَ النّوائِبِ
- فلي شُغُلٌ عمَّنْ أقامَ بمنْ مَضَى
- وعن مُعجباتٍ رُقْنَنا بالعجائبِ
- وناعٍ لسيف الدّين أضرم قولُه
- ولم يدنْ ما بين الحشا والتّرائبِ
- وجاءَ بصدقٍ غيرَ أنّي إخالُهُ
- خِداعاً لنفسي، إنّه قولُ كاذبِ
- فأثْكَلني طيبَ الحياة ِ وضمّني
- إلى جانبِ الأحزانِ من كلِّ جانِبِ
- فيالك من رُزءِ أزارَني الأسى
- وعرّف ما بيني وبين المصائبِ
- ولولاه لم أغضِ الجفونَ على قذى ً
- ولا لانَ للوجدِ المبرِّحِ جانبي
- أساقُ إلى الأحزانِ من كلِّ وِجْهة ٍ
- كأنّي ذلولٌ في أكفّ الجواذبِ
- فلا مَطعمٌ فينا يطيب لطاعمٍ:
- ولا مشربٌ منّا يَلَذُّ لشاربِ
- وقلْ لطِوال الخَطِّ يُركَزْن فالذي:
- سَقَتْكُنَّ يمناهُ مضى غيرَ آئبِ
- وقلْ لجيادِ القُودِ لستنّ بعد ما
- تولّى جديراتٍ بركبة ِ راكبِ
- وقُل للمغيرين الذينَ تعوَّدوا
- زِحامَ العوالي في صدورِ الكتائبِ:
- دعوا ما ألِفْتُمْ من قراعٍ فقد مضى
- بحكمِ الرَّدى منكم قريعُ المقانِبِ
- وقل للسَّراة النازعين إلى الغِنى
- فهمْ أبداً ما بين سارٍ وساربِ
- أقيموا فلا نارٌ تَوَقَّدُ للقِرى
- ولا راحة ٌ مفجورة ٌ بالمواهبِ
- فتًى أوحشَتْ منه المكارمُ والعُلا
- وإن أقاموا لم ينظروا في العواقبِ
- وكم لك من يومٍ لدغت كُماتَه
- بشوك العوالي لا بشوك العقاربِ
- وحيٍّ خبطتَ الليلَ حتى ملكتَهُ
- على آلفاتٍ للصّعابِ شَوازبِ
- تراهُنّ يقضُمنَ الشّكيمَ كأنّما
- لَبِسنَ بنسجِ الطَّعنِ حُمْرَ الجلابِبِ
- وحولك طلاّعون كلَّ ثنيّة ٍ
- إلى المجد حلاّلون شُمَّ المراقِبِ
- إذا عزموا لم يرجعوا من عزيمة ِ
- وفقدُ الصَّديقِ المحض صَعْبٌ فكيف بي
- وفَقدي صديقًا من أجلِّ أقاربي؟
- ويؤلمني أنّي تركتكَ مفرداً
- بمَدْرَجة ٍ بينَ الصَّبا والجنائبِ
- يطاع بها أمرُ البِلى في معاشرٍ
- أبَوْا أن يطيعوا غالبًا بعدَ غالبِ
- وما منهُمُ إلاّ الّذي نال رتبة ً
- سَمتْ وعلتْ عن كلِّ هذي المراتِبِ
- فإنْ يُكسَفوا في غَيْهَبٍ من قبورهمْ
- فقد ضوّؤا دهراً ظلام الغياهِبِ
- وإنْ قُبضتْ منهمْ أكفٌّ عنِ النّدى
- فقد بُسطتْ دهرًا لهمْ بالرَّغائبِ
- وإنْ جَثَموا بالتُّربِ طوعَ حِمامِهمْ
- فكم جرَّروا فينا ذيولَ المواكِبِ
- ألا سقّياني دوعَ عيني بعدَه
- ولا تُسمعاني غيرَ صوتِ النّوادبِ
- سَقى اللهُ ما أَصبحتَ فيه منَ الثَّرى
- زُلالَ التَّحايا عن زلالَ السّحائبِ
- ولا زال منضوحاً بعفوٍ ورحمة ٍ
- ورَوْحِ الجنانِ مِن جميع الجوانِبِ
- فقد طُويَتْ منه الصفائِحُ
- على سامقِ الأعراقِ ضخمِ الضَّرائبِ
المزيد...
العصور الأدبيه