الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> هل الشيبُ إلاّ غصّة ٌ فى الحيازمِ >>
قصائدالشريف المرتضى
هل الشيبُ إلاّ غصّة ٌ فى الحيازمِ
الشريف المرتضى
- هل الشيبُ إلاّ غصّة ٌ فى الحيازمِ
- وداءٌ لرّباتِ الخدور النّواعمِ
- يحدنَ إذا أبصرنه عن سبيلهِ
- صدودَ النّشاوى عن خبيث المطاعمِ
- تعمَّمتُهُ بعدَ الشَّبيبة ِ ساخطاً
- فكان بياضُ الشّيبِ شرَّ عمائمى
- وقنّعتُ منه بالمخوفِ كأنّنى
- تقنَّعتُ من طاقاتِهِ بالأراقمِ
- وهيَّبني منه كما هابَ عائجٌ
- على الغابِ هيباتِ اللّيوثِ الضَّراغمِ
- وهدَّدني في كلِّ يومٍ وليلة ٍ
- سَنا وَمْضِهِ بالقارعاتِ الحواطمِ
- كفانيَ عُذَّالي على طِرْبَة ِ الصِّبا
- وقامَ بلَوْمٍ عِفْتُهُ من لوائمي
- وقصَّر عنِّي باعُ كلِّ لَذاذة ٍ
- وقصَّر دوني خَطْوُ كلِّ مُخالِمِ
- فوالله ما أدرى أصكّتْ مفارقى
- بفهرِ مشيبٍ أوْ بفهرِ مراجمِ ؟
- ولمّا سقانيهِ الزّمانُ شربتهُ
- كما أُوجِرَ المَأْسورُ مُرَّ العلاقمِ
- حنتنى َ منه الحانياتُ كأنّنى
- إذا ظَلْتُ يوماً قائماً غيرُ قائمِ
- وأصبحتُ يُستَبْطَى مُثولي ويُدَّعَى
- وما صَدقوا فيَّ اختلالُ العزائمِ
- فلا أنا مدعوٌّ ليومِ تَفاكُهٍ
- ولا أَنا مرجُوٌّ ليومِ تخاصُمِ
- فلا تَطلبا منِّي لقاءَ مُحارب
- فما أنا إلاّ فى ثيابِ مسالمِ
- ولا تَدفعا بي عنكما غُشْمَ غاشمٍ
- فإنّى َ فى أيدى المشيبِ الغواشمِ
- فلو كنتُ آسو منكما الكلمَ ما رأتْ
- عيونُكما عندي كُلومَ الكوالِمِ
- وإنّى أميمٌ بالمشيبٍ فخلّيا
- ولا تَطلبا عندي علاجَ الأمائِمِ
- مشيبٌ "كخرقِ الصّبحِ عالٍ" بياضهُ
- بُرودَ اللّيالي الحالكاتِ العوارمِ
- وتطلع فى أفقِ الشّبابِ نجومهُ
- طلوعَ الدّرارى فى خلالِ الغمائمِ
- كأنِّيَ منه كلمَّا رمتُ نهضة ً
- إلى اللّهوِ مقبوضُ الخُطا بالأداهمِ
- تُساندني الأيدي وقد كنتُ برهة ً
- غنيّاً بنفسى عن دعامِ الدّعائمِ
- وأخشعُ في الحطبِ الحقيرِ ضَراعة ً
- وقد كنت دفّاعاً صدورَ العظائمِ
- وقد كنتُ أبّاءً على كلّ "جاذبٍ"
- فلما علاني الشيَّبُ لانتْ شكائمي
- ولمّا عرانى ظلّهُ وحملتهُ
- أنِسْتُ على عَمْدٍ بحَمْلِ المظالِمِ
- فلا ينغُضَنْ رأسي إلى العزِّ بعدَما
- تجللّهُ منه مذلُّ الجماجم
- فيا صبغة ً حمّلتها غيرَ راغبٍ
- ويا صبغة ً بدّلتها غيرَ سائمِ
- ويا زائرى من غير أن أستزيره
- كما زِيرَ حَيْزومُ الفتى باللَّهاذِمَ
- أقمْ لا ترمْ عنّى وإنْ لم تكنْ هوًى
- فكم قد سَخِطْنا فَقْدَ غيرِ مُلائمِ
- فمن مبدِ لى من صحبهِ بظلامهِ ؟
- ومن عائضى عن بيضهِ بالسّواهمِ ؟
- ومن حاملٌ عنِّي الغَداة َ غرامَهِ؟
- وقد كنتُ نهّاضاً بثِقْلِ المغارِمِ؟
- فيا بيضَ بيضَ الرّأسِ هل لى َ عودة ٌ
- إلى السّودِ من أغياركنّ الفواحمِ ؟
- تنازحْنَ بالبِيضِ الطَّوالعِ شُرَّداً
- كما شرّد الإصباحُ أحلامَ نائمِ
- ويا فجرَ رأسي هل إلى ليلة ِ المُنَى
- سبيلٌ وكرّاتِ المواضي القوائمِ؟
- ليالى َ أفدى بالنّفوسِ وأرتدى
- من البيض إِسعافاً ببيضِ المعاصِمِ
- فإنْ كان فقدانى الشبيبة َ لازماً
- فحُزْني عليها الدَّهرَ ضربة ُ لازمِ
- وإنْ لم يكنْ نوحى بشافٍ وأدمعى
- فدمعُ الحيا كافٍ ونَوْحُ الحمائمِ
المزيد...
العصور الأدبيه