الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> مَن ذا يؤمِّلُ بعدَك الأيّاما >>
قصائدالشريف المرتضى
مَن ذا يؤمِّلُ بعدَك الأيّاما
الشريف المرتضى
- مَن ذا يؤمِّلُ بعدَك الأيّاما
- ويروم فى الدّنيا الغداة مراما
- خلطتْ مصيبتُك الولاة َ ونظَّرَتْ
- بين الرّجال وسوّتِ الأقداما
- فاليومَ لا حرمٌ يصان ولا شباً
- يُخشَى ولا عِزٌّ عليه يُحامَى
- الملكُ زالَ دعامُهُ وقدِ التوى
- والجيشُ ضلَّ دليلُهُ فأقاما
- والرّأيُ مشتَرَكٌ بأيدي مَعشرٍ
- لا يحسنون النّقضَ والإبراما
- كانت حياتُك للزَّمانِ حياتَه
- وغدا زمانُك للزَّمان حِماما
- فبكاؤنا حلٌّ عليك وطالما
- كان البكاءُ على سِواكَ حَراما
- ماذا الذى صنع الحمام فإنّه
- ما جبَّ إلاّ ذروة ً وسناما
- وهَوى إلى مَطْوَى الشّجاعِ فحازَهُ
- واستلَّ من أخياسه الضّرغاما
- ما ضرَّه لو كانَ قدَّمَ غيرَهُ؟
- لكنَّه يتخيَّرُ الأقواما
- ومعوَّدٍ جَذْبَ الأزمَّة ِ في الوَرى
- جذب الرّدى منه إليه زماما
- بلغَ المُنى ويزلُّ مَن بلغَ المُنَى
- وكما اعتبرتَ النَّقصَ كان تماما
- يجني الحِمامُ ونحنُ نُلحي غيرَهُ
- " فاذهبْ " حمامُ فقد كفيتَ ملاما
- تعدو على من شئتَ غيرَ " مدافعٍ "
- تلجُ البيوت وتدخل " الآطاما "
- قُلْ للذين بنَوْا عليهِ ضَريحَهُ
- وطووا عليه صفائحاً وسلاما
- لم تدفنوه وإنّما واريتمُ
- فى التّربِ منه يذبلاً وشماما
- وكأنّما الجدثُ الذى وسّدته
- جَفْنٌ تناولَ من يديَّ حُساما
- أرجُ الجوانبِ لم أُصِبْهُ بمنْدَلٍ
- لدنٍ ولم أشننْ عليه مداما
- ما زالَ والأوتارُ تحقرُ غيظَه
- يضوى الحقودَ ويسمنُ الأحلاما
- وتراه يدّخر المكارمَ والعلا
- وسواه يذخر عسجداً أوساما
- إنّ الجيوش بلا عميدٍ بعده
- فَوْضَى كسِيدِ الدَّوِّ راعَ سَواما
- يغضون من غير العوارِ عيونهمْ
- جزعاً له ويطأطئون الهاما
- فضعوا السُّيوفَ عن الكواهل خُشَّعاً
- فحسامُكمْ قد شامَهُ مَن شاما
- وإذا أرادكُمُ العدوُّ فأَحجِموا
- ذهب الذى يعطيكمُ الإقداما
- وإذا عقرتمْ فالجيادُ فلا فتًى
- يَبغيكُمُ الإسراجَ والإلجاما
- كُبُّوا الجِفانَ فليسَ تُملأُ بعَدهُ
- للنّازلين من الضّيوفِ طعاما
- وتعوَّضوا عنه القُطوبَ فلن تَرَوْا
- من بعدهِ مُتبلِّجاً بَسّاما
- والثّغرَ خافوه فقد أخذ الرّدى
- مَن كان للثَّغرِ المخوفِ كِعاما
- وانسوا نظامَ الأمر بعد وفاته
- بَطَلَ النِّظامُ فما نُحسُّ نِظاما
- قد بصَّرَتْنا الحادثاتُ وأيقظتْ
- منّا العقولَ وإنّما نتعامى
- وأرتْ مصارعنا مصارعُ غيرنا
- لكننّا نتقوّتُ الأوهاما
- يُفني البنينَ اليومَ مَن أفنَى لهمْ
- من قبله الآباءَ والأعماما
- أينَ الَّذينَ على التِّلاعِ قصورُهمْ
- قطعوا السِّنينَ وصرَّموا الأعواما؟
- من كلّ معتصبِ المفارقِ لم يزلْ
- تعنو لهُ قِممُ الرِّجالِ غُلاما
- ومحكَّمين على النُّفوسِ كرامة ً
- حكم الزّمانُ عليهمُ فألاما
- لمّا بَنَوْا خُططَ العَلاءِ وشيَّدوا
- قعد الرّدى فيما ابتنوهُ وقاما
- سكنوا الوهادَ من القبور كأنّهمْ
- لم يسكنوا الأطوادَ والأعلاما
- أأبا عليٍّ دعوة ً مردودة ً
- هيهات يسمعك الأنيس كلاما
- مالي أراكَ حللتَ دارَ إقامة ٍ
- من حيث لا تهوى الرّجالُ مقاما ؟
- هبَّ النِّيامُ وفارقوا سِنَة َ الكَرَى
- وأراك مُلْقى ً لا تهبُّ مَناما
- شِبْهَ السّقيمِ وليتَ ما بكَ من ردى ً
- نزلتْ بهِ الأقدارُ كانَ سَقاما
- جادتْك كلُّ سَحابة ٍ هطّالة ٍ
- وحدا الغمامُ إلى ثراك غماما
- وعداكَ ما كان الجَهامُ فلم تكنْ
- " لمريغِ " ما تحوى يداك جهاما
- وعليك من ماضٍ مودّعٍ
- ويقلّ إهدائى إليك سلاما
المزيد...
العصور الأدبيه