الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> كم ذا سَرَى بالموتِ عنّا مُدْلِجُ >>
قصائدالشريف المرتضى
كم ذا سَرَى بالموتِ عنّا مُدْلِجُ
الشريف المرتضى
- كم ذا سَرَى بالموتِ عنّا مُدْلِجُ
- أبكي اشتياقًا بي إليه وأنشِجُ
- وأوَدُّ أنِّي ما تَعرَّى جانبي
- منّي ولم يُخْرجْهُ عني مُخرجُ
- وكذا مضى عنّا القُرونُ يكبُّهمْ
- خطبٌ أخو سَرفٍ وصَرْفٌ أعوجُ
- خَدَعَتْهُمُ الدُّنيا برائقِ صِبْغِها
- واقتادَهُمْ شَوقًا إليها الزِّبْرِجُ
- فتطامَحوا وتَطاوحوا بيدِ الرَّدَى
- وتقوّموا ثم انثنوا فتعوّجوا
- وكأنهم لما عموا بظلامِ أرْ
- ماسٍ لهمْ ما أَشرقوا أو أبْلجوا
- لم يُنجِهمْ وقدِ الْتَوى بهمُ الرَّدى
- وإليهِ يُمضى أو عليه يُعَرَّجُ
- وهو الزمان فمسْمِنٌ أو مُهزِلٌ
- طولَ الحياة ِ ومحزنٌ أو مُبهِجُ
- ومسلِّمٌ لا يَبْتَلي ومُسالمٌ
- وموادِعٌ لا يختلي ومُهَيِّجُ
- والمرءُ إمّا راحلٌ أو قد دنا
- منهُ وما يدري الرَّحيلُ المزعجُ
- بينا تراهُ في النّديِّ "منشِّراً"
- حتى تراهُ في الحفيرة يُدرجُ
- تَسري به نحو الرَّدى طولَ المدَى
- بيضٌ وسودٌ كالرّكائبِ تهدجُ
- وإذا الردى كان المصير فما الأسى
- منّا على نشبٍ وثوبٍ يَنْهَجُ؟!
- لولا المقادِرُ قاضياتٌ بيننا
- خَبْطًا لما سَبق الصحيحَ الأَعرجُ
- ياناعيَ ابنِ محمدٍ ليتَ الذي
- خبّرتَنيهِ عن الحقيقة ِ أعوجٌ
- أفصحتَ لا أفلحتَ بالنبإِ الذي
- للقلبِ منه توقّدٌ وتوهجٌ
- ولَطالما ضنَّ الرِّجالُ بمثلِ ما
- صرّحتَ عنه فجمعوا أو لَجْلَجوا
- يا ذاهبًا عنّي ولي مِن بعدهِ
- قلبٌ به متلهّبٌ متأجْجٌ
- أعزِزْ عليَّ بأنْ أراكَ مُسَرْبَلاً
- بالموتِ تُدفن في الصعيد وتولَجَ
- في هوّة ٍ ظلماءَ ليس لداخلٍ
- فيها على كرّ اللّيالي مَخْرَجُ
- بيني وبينك شاهقٌ لا يُرتقى
- طُولاً وبابٌ للمنيَّة مُرْتَجُ
- ويُصَدُّ عنك القاصِدونَ فما لهمْ
- أبدًا على شِعْبٍ حَلَلْتَ مُعَرَّجُ
- كم ذا لنا تحتَ التُّراب أناملٌ
- تندى ندى ً وجبين وجهٍ أبْلَجُ
- من أين لي في كلِّ يومٍ صاحبٌ
- يَرضاهُ منِّي الدَّاخلُ المُتَوَلِّجُ؟
- هيهاتَ فرَّ من الحِمامِ مغامِرٌ
- حيناً وَكَعَّ عن الحِمامِ مُدَجَّجُ
- وكَرِعْتُ منك الردَّ صِرفاً صافياً
- وَلَكَمْ نَرى ودًّا يُثابُ ويُمزَجُ
- لا تُسْلِني عنهُ فتسلية ُ الفتى
- عمّن به شَغَفُ الفؤادِ تَهيّجُ
- ولكمْ غَطا منّي التجمّلُ في الحَشى
- مِن لاعِجاتٍ في الأضالعِ تَلْعَجُ
- فاذهبْ كما شاء القضاءُ وكن غداً
- في القومِ إمَّا سُوِّدوا أو تُوِّجوا
- لَهُمُ بأفنية ِ الجِنانِ مساكنٌ
- طابتْ مساكنُها وظلٌّ سجْسَجُ
- وسقى ترابَكَ كلُّ مُنخرِقِ الكُلى
- يسري إذا ما شئتَهُ أو يُدلِجُ
- للرَّعدِ فيهِ قعاقِعٌ وزماجِرٌ
- والبرق فيه توهجٌ وتموجُ
- والنَّوْرُ في حافاتِهِ مُتفسِّحٌ
- والأُقحوانُ بجانبيهِ مُفَلَّجُ
- وإذا سقاكَ اللهُ من رحماتِهِ
- فَلأَنتَ أسعدُ من أتاهُ وأفلجُ
المزيد...
العصور الأدبيه