الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> ياسر الأطرش >> المعري دمشقياً([1]) >>
قصائدياسر الأطرش
- المعري دمشقياً([1])
- وقفتَ..
- ولا تزال..
- ولا تزولُ!
- صعودٌ أنت
- ليس له نزولُ!
- وُلدتَ
- وما وُلدتَ كأيِّ شيءٍ
- فمن إلاك مولده هطولُ؟!
- صعدتَ.. فغمتَ..
- حتى صرتَ سقفاً
- إذا كدنا نلامسهُ..
- يطولُ!
- كأنك في كتاب الدهر عامٌ
- وكل الآخرين.. به فصولُ
- وقد صنعوا رجالاً ذات مجدٍ
- وقد كانت لهم خيلٌ تصولُ
- وأنت، وما جنيتَ على وليدٍ
- خلدتَ أباً.. سلالته عقولُ
- ***
- فيا رجلاً يحاول وهو مَيْتٌ
- لنا عمرٌ يموت.. ولا يقولُ
- نعضُّ على مواجعنا بصمتٍ
- ونزعم أنه صبرٌ جميلٌ
- نُذلُّ، ونرتدي ثوباً كريماً
- ليسترنا، فيفضحه الذليلُ
- ندور إذا الدوائر غالباتٌ
- وإن هُزم المربع.. نستطيلُ!
- هربنا من تراكمنا.. فصارت
- بيوت الذات يسكنها البديلُ
- لنا عُمَرٌ، وما عُمَرٌ لدينا
- وماذا ينفع العُمَرُ القتيلُ؟
- بهاء الفاتحين لهم، وشمسٌ
- لهم تعلو، وليس لنا فتيلُ
- لهم عسل الولادة حين مرّوا
- إلى ما يشتهون.. دماً يسيلُ
- تضيق بهم جسوم من ترابٍ
- فأقصر ما أرادوا المستحيلُ
- ***
- رهين المحبسين أراك حرّاً
- فبيتك واحةٌ، وعماك نيلُ
- تجوع إليك أزمنةُ حيارى
- يضلُّ بها عن الوعي السبيلُ
- تمدُّ إليك كفاً من سؤالٍ
- عسى في كفك الأعلى حقولُ
- فلا تنهرْ.. كثيرٌ أنت حتّى
- عليك، ومنك يكفينا القليلُ
- جنيتَ فلم تكن يوماً أبانا
- ولم تمدد يديك، فتاهَ جيلُ
- أتتركنا بلا أفقٍ وتمضي
- وخلف عماك تختبئ الحلولُ
- أبي.. قد مسّنا جوعٌ وخوفٌ
- فأدركنا.. لقد عاد المغول
- قضتْ بغداد قهراً واستراحتْ
- ولم يسلم من النار الخليلُ
- ولم تغرقْ بغصَّتها عُمَانٌ
- ولم يُسمع بمكناسٍ صهيلُ
- ولا ركب الملوك خيول عزٍّ
- فلا عزٌّ هناك ولا خيولُ
- ولا نهضت شعوبٌ من كراها
- وما اهتزتْ ـ وإن نهضتْ ـ ذيولُ
- نقاتل بالحمام، وليس يجدي
- إذا نطقت بنادقهم.. هديلُ
- وسيف أميةٍ ما زال بكراً
- ولكنْ كفُّ حامله خجولُ
- تقحّم ما خُلقتَ له، فإما
- حياةٌ، أو يُقال: دمٌ نبيلُ
- فموتك قد تعيش به حياةٌ
- وعيشك قد يموت به النخيلُ!
- ***
- على أعتاب باب دمشق حشرٌ
- فهذا اليوم.. هادٍ أو ضليلُ
- بما كسبت ستُجزى كلُّ نفسٍ
- وإنَّ حساب أنفسنا ثقيلُ
- سنخجل من دمشق، فإنَّ حباً
- لها سقناه، ينقصه الدليلُ
- فليس الأمر أن نقضي كراماً
- ولكنْ أنْ يكون لنا القبولُ
- فهل متنا بما يكفي لنحيا؟
- ودون دمشق كلُّ دمٍ ضئيلُ
- هنا امتزج الوليد بياسمينٍ
- هنا اكتشف الإله.. فكان إيلُ
- فغيم دمشق سقفٌ من إلهٍ
- وطين دمشق.. تاريخٌ طويلُ
- ووجه أبي العلاء يشعُّ فيها
- كعيسى.. إذ دمشق هي البتولُ
- --------
- تشرين أول 2003
- ------------------------
- ([1]) ألقيت في مهرجان أبي العلاء المعري الثقافي السابع 2003.
المزيد...
العصور الأدبيه