الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نزار قباني >> أحاولُ إنقاذَ آخِرِ أُنْثَى قُبَيْلَ وُصُول التتارْ. >>
قصائدنزار قباني
أحاولُ إنقاذَ آخِرِ أُنْثَى قُبَيْلَ وُصُول التتارْ.
نزار قباني
- 1
- أَعُدُّ فناجينَ قهوتِنَا الفارغاتِ،
- وأمضَغُ..
- آخرَ كَسْرَةِ شِعْرٍ لديَّ
- وأضربُ جُمْجُمَتي بالجدارْ..
- أعُدُّكِ.. جُزءاً فجزءاً..
- قُبيلَ انسحابكِ منّي، وقَبْلَ رحيلِ القطارْ.
- أعُدُّ.. أناملكِ الناحلاتِ،
- أعدُّ الخواتمَ فيها..
- أعدُّ شوارعَ نَهْدَيكِ بيتاً فبيتاً..
- أعُدُّ الأرانبَ تحت غِطاءِ السريرِ..
- أعدُّ ضلوعَكِ، قبلَ العِناقِ.. وبعدَ العناقِ..
- أعُدُّ مسَاَمات جِلْدِكِ.. قبل دُخُولي، وبعد خُرُوجي
- وقبلَ انتحاري .
- وبَعدَ انتحاري .
- 2
- أعُدُّ أصابعَ رِجْلَيكِ..
- كي أتأكَّدَ أن الحريرَ بخيرٍ..
- وأنَّ الحليبَ بخيرٍ..
- وأنَّ بيانُو (مُوزارْتٍ) بخيرٍ..
- وأنَّ الحَمَام الدمشقيَّ..
- مازالَ يلعبُ في صحن داري.
- أعُدُّ تفاصيلَ جِسمِكِ..
- شِبراً.. فشِبرا..
- وبَرَّاً.. وبَحْرا..
- وساقاً.. وخَصْرا..
- ووجهاً.. وظهرا..
- أعُدُّ العصافيرَ..
- تسرُقُ من بين نَهْدَيْكِ..
- قمْحاً، وزهْرَا..
- أعُدُّ القصيدةَ، بيتاً فبيْتاً
- قُبيْلَ انفجار اللُّغاتِ،
- وقبلَ انفجاري.
- أحاولُ أن أتعلَقَ في حَلْمَة الثدْيَ،
- قبل سُقوط السَمَاء عليَّ،
- وقبل سُقُوط السِتَارِ.
- أُحاولُ إنقاذَ آخرِ نهْدٍ جميلٍ
- وآخرِ أُنثى..
- قُبيلَ وُصُولِ التَتَارِ..
- 4
- أقيس مساحةَ خَصْركِ
- قبل سُقُوط القذيفةِ فوق زجاج حُرُوفي
- وقبلَ انْشِطاري.
- أقيسُ مساحةَ عِشقي، فأفشلُ
- كيفَ بوسع شراعٍ صغيرٍ
- كقلبي،
- اجتيازَ أعالي البِحَارِ؟
- أقيسُ الذي لا يُقاسُ
- فيا امرأةً من فضاء النُبُوءَاتِ،
- هل تقبلينَ اعتذراي؟
- 5
- أعُدُّ قناني عُطُوركِ فوق الرُفُوفِ
- فتجتاحُني نَوْْبةٌ من دُوارِ..
- وأُحصِي فساتينكِ الرائعاتِ،
- فأدخُلُ في غابةٍ
- من نُحاسٍ ونارِ..
- سَنَابلُ شَعرِكِ تُشْبِهُ أبعادَ حُريتي
- وألوانُ عَيْنَيْكِ،
- فيها انْفِتَاحُ البَرَاري.
- 6
- أيا امرأةً .. لا أزالُ أعدُّ يديها
- وأُخطئُ..
- بينَ شُرُوق اليدينِ.. وبينَ شُرُوق النَهَارِ.
- أيا ليتَني ألتقيكِ لخَمْسِ دقائقَ
- بين انْهِياري.. وبينَ انْهِياري.
- هي الحَرْبُ.. تَمْضَغُ لحمي ولَحْمَكِ...
- ماذا أقولُ؟
- وأيُّ كلامٍ يليقُ بهذا الدَمَارِ؟
- أخافُ عليكِ. ولستُ أخافُ عليَّ
- فأنتِ جُنُوني الأخيرُ..
- وأنتِ احتراقي الأخيرُ..
- وأنتِ ضريحي.. وأنتِ مَزَاري..
- 7
- أعُدُّكِ..
- بدءاً من القُرْطِ، حتَّى السِّوارِ..
- ومن منبع النَهْرِ.. حتى خليجِ المَحَارِ..
- أعدُّ فناجينَ شهوتنا
- ثم أبدأُ في عَدِّها من جديدٍ.
- لعلّي نسيتُ الحسابَ قليلاً
- لعلّي نسيتُ الحسابَ كثيراً
- ولكنني ما نسيتُ السلامَ
- على شجر الخَوْخ في شفتيكِ
- ورائحةِ الوردِ، والجلَّنارِ.
- 8
- أُحبُّكِ..
- يا امرأةً لا تزال معي، في زمان الحصارِ
- أُحبُّكِ..
- يا امرأةً لا تزالُ تقدِّمُ لي فَمَها وردةً
- في زمانِ الغُبَارِ.
- أحبُّكِ حتى التقمُّصِ، حتى التوحُّدِ،
- حتى فَنَائيَ فيكِ، وحتى اندثاري.
- أُحِبُّكِ..
- لا بُدَّ لي أن أقولَ قليلاً من الشّعرِ
- قبلَ قرارِ انتحاري.
- أُحبُّكِ..
- لا بُدَّ لي أن أحرِّرَ آخرَ أُنثى
- قُبيلَ وصول التَتَارِ..
المزيد...
العصور الأدبيه