قصائدمحمد حسن علوان



إياب
محمد حسن علوان



  • I

  • يبقى وقتٌ للخَدَرِ الصلبِ.. ولا يبقى وقتٌ للتأبينْ

  • يبقى وقتٌ لبناءِ الوجهِ الدامعِ في الشرفةِ، أو تلقينِ النورسِ آدابَ البعدِ، وهدرِ الكلماتِ العجلى عند البائعِ، لكن لا يبقى وقتٌ لصلاةِ الغيم، ولا شربِ النهر، ومضغِ الغاباتْ!

  • يبقى وقتٌ للحالاتِ الصغرى دوماً..

  • للترتيلِ على عُقَدِ الشنقِ، وتحقيقِ الأمنيةِ المحدودة،

  • لكن.. لا يبقى وقتٌ يُبدِئُ، من فجرٍ، أعمارَ الأمواتْ!

  • لاحظتُ كثيراً أن الشمس إذا انشَغَلَت بعظامِ الأطفال، ورسمِ ظلالِ المارّة، تخلُفُها في القلبِ دقائقُ خائنةٌ للضوءِ، ومخطئةٌ في تقدير زوايا الحزنِ، وشمِّ الجدرانِ المبتعدة..

  • يحزنني ألا تنتبه الشمسُ لهذا إلا في الضائعِ من غيّ تذاكرنا!

  • II

  • لا ترحلْ في الليلِ الهاربِ:

  • 1) ورقُ الشجرِ النائمُ في صدركَ لن يفعل في الصبحِ الأشياءَ العاديةَ دون سؤالْ!

  • 2) القَدَحُ المائلُ عند جبينكَ لم يتأهبْ، ((لا ترحلْ والأفكارُ صيامْ))!

  • 3) الشارعُ مكسوٌ بمواعيدَ ستُخلِفها حتماً، وفراغاتٍ مُلئت بالأشقرْ!

  • 4) قميصكَ يدخلُ من كُمَّيه حَمَامٌ أزرقُ لا يعرفُ بيتاً إلا الصدرَ، ولا دفئاً إلا الصعداء!

  • يا أنتَ المبتلَّ بدهشتهم.. يوم أتيتَ.. ويوم رحلتْ..!

  • يبقى وقتٌ لتقيس الدرب البالي عكس الأرض ولكن لا يبقى وقتٌ تنقشُ فيه على مهلٍ تلك الشبهاتِ التاريخية في طرقاتِ الغرباء!

  • الأحرى أن تكسر ما دون الجفنين: الآنيتين/الطافحتين بخذلان العمرِ/الخاسرتين دماء القلبِ البكرِ بلا شبقٍ/والعائدتين من الثقب إلى الثقب بدون عشاءْ..

  • أو تُقسِمُ أنكَ لن تنفق من عمركَ ميلاً في أفقٍ تخطئه الريح، وتسخرُ من وجهته أعناق الطير، وأوراق الشجعانْ!

  • III

  • بين الصُدْفةِ والصُدْفةِ.. توتْ!

  • لا تنكرْ يوماً شفتيكَ إذا التقتا بكلامٍ لا تفهمه، بعضُ الماءِ هناك يُعلِّمُ لغةً أخرى!

  • بعضكَ يتفاقمُ تدريجياً، والمشهدُ من نافذة السيارة يفتحُ في القلب مدارس للصبيان، وأسواقاً لبناتِ الحيّ، ويُنجزُ في أود الجفنين: حضارة.

  • والإلكُ حكيمٌ يتراءى فوق العشبِ وتمتدَّ الحكمة في الأفقِ قروناً تكتبُ ما يمشي!

  • الآن بحيرتنا هذي الأولى بعد الألف الثانية، وسجِّل يا كوكبْ!

  • والشجرُ يسميه القرويون هناكَ: (الأخضرُ دوماً)، هل تعرفُ إيماناً هذا الحدّ؟

  • لا فرقَ إذن ما بين خريطتنا هذي والأديان: وكلُّ الدهشاتِ إلى الجنة!

  • IV

  • بالأمسِ، العاجيّون اجتمعوا..

  • رقصوا حتى غفتِ الشمسُ على الزندِ المتعب، واتكأ على حد القوسِ المكسور (ثلاثُ) رفاقٍ بسطاء وليس (ثلاثة)!

  • شربوا رَوْحاً، وانكسروا. انهمروا مثل الحشراتِ الزرقاءِ على ذمةِ عودٍ خصبٍ، واشتركوا في ترتيبِ البحرِ، وتصحيح الأفقِ، وتمزيقِ الواجبِ بالأحمرْ.

  • اقتسموا الضحكاتِ الصوفية مثل سجائرهم. وارتجلوا بالخطأ مخاوفَ لا تعنيهم، واعتذروا بالقبلاتِ الشائعة بلا معنى، ثم إذا أزف الحزن القادم: رقصوا أخرى.. أخرى..

  • في الخلفِ، احتجزوا ذاكرةً أقرب من رائحة الشمع على أطرافِ أصابعهم، والمنفضةِ الملئى بالبصماتِ، وجوُّ الغرفة مشحونٌ بغبارٍ ضوضائيّ الفتنة، وقنانيَ فارغةٍ دون رسائلَ فيها، وانتبهوا للأشياءِ الغائبة: ورائحة العرَق الفضية.. أخطرْ..!

  • رقصوا أخرى.. محترفينَ، وغسلوا العالم بالصابونْ!

  • اليومُ،

  • العاجيّان اجتمعا..!

  • V

  • صباحُ القلق الغائر يا مايو،

  • هل أنصحكَ بظهر جدارِ الغيبِ، ولا تخجلْ؟

  • قلبي دلوٌ من خشبٍ لا تعرفه، مملوءٌ ملحاً/ خرزاً أبيضَ/ تابوتين/ قواميسَ معطلةً/ آلهةً عمياءَ/ وأرقامَ بلادي..

  • وفلاناً.. وفلاناً.. وفلانة..

  • وأنتَ، الوردُ الفائض عن أرحامكَ أصبح صمغاً في الأرض، وأقدامُ العابر فوق الحلمِ.. خفيفة!

  • صباحُكَ فخمٌ يا مايو،

  • ممهورٌ ذيلُ القهوةِ بالجينز، ومكتوبٌ فوق الأرصفة الخضراء هنالك ((لا فضل لحلمٍ في الأرض على حلمٍ إلا بالسعي)) تزخرفه الأضواء البشرية!

  • VI

  • ومريم كانت ترقصُ بهدوءٍ في الشارعِ، وتهزُّ الجذعَ، ويسّاقط رزقْ..

  • يسّاقط خيلٌ، ووجوهٌ، ووسائدْ

  • يتحرّكُ كدرٌ لا يفهم ماذا كدّره في الأصل، ويصبح مشيُ المارّة ما بين المتحفِ والبحرِ نقوشٌ في ذهن القرناءِ العاديينْ..

  • لكن مريمُ تمشي أكثر..

  • مريمُ ترقصُ، ثم تفرُّ لتنظر ماذا يحدثُ في الخلف، وترقصُ، ثم تصافح ضيفاً قبّل أنملها، ترقصُ، ثم تعيد الأغنية إذا انحرفت عن طربِ الوقتِ، وترقصُ، ثم تعاتبُ في الزاوية البكماءِ مواربة الزوجِ، وترقصُ، ثم ترتب كل الأشياء، وتغسلُ كل الأطباقِ، وتشكرُ كل الشر

  • مريمُ ملئى.. مثل البحرْ!

  • VII

  • وقضينا اليومَ على الشاطئِ..

  • كنّا نغرز عوداً خشبياً في الرمل، ونسحبه جهة الأفقِ.. ونقتسم الدنيا !

  • نتذكّرُ حتى تبتلّ القبعةُ بما يذرفه الذهنُ من الأبيضِ، وأصيح به: لا تحرقنا !، دعنا نعبر مثل السوّاح، ونبتاع التذكاراتِ، ونأكل في المطعمِ إياه..

  • لكن، كالعادة، عبد الله..

  • كان يصلي قبل أذان النورسِ، كي يدركَ فضلَ الغرباء!

  • .. أكملتُ مع المطر الهادئ تفسير كتاب الغربة، وكسرتُ الهامش عمداً، كي لا يكمل هذا الوجع الطافر دورته حولي، وجلستُ أغني كالبحارة حتى يعرف مفتاحي كيف يشمُّ، كقطٍّ، ثقب الشقة!

  • هائنذا مبتلٌّ بالصبح الغامض، وجبيني مفقودٌ.. وبعيد..

  • VIII

  • كسر الحلمُ ثقابي،

  • (كي أشعل فجراً ذهبياً لا بد لظفري أن يحترق قليلاً..)

  • قررتُ على منهاج الصوف المجدول بأن أغمس تفاحي في الأفواه.. وأرجعْ..

  • يبقى عندي ظلٌ، وطوابعُ، وقليلٌ من حذق الوقتِ، وأشباحِ الأرقامْ..

  • أذكر أني أطعمتُ النافذة المغلقة كؤوساً، وسألتُ الليل بأن يصبغ خصلات القلبِ البيضاء، ويأتيني فردا..

  • وجلستُ على حافة يأسي، ولبستُ النظاراتِ الحولية كي أحسبَ تاريخي المشدودَ كقطعةٍ جلدٍ ما بين الناتئ من حزني، وكتبتُ كثيراً، ومحوتُ كثيراً، وتفاجأتُ بأني لن أملك شيئاً أنفقه إن بقيت أوراقي كل مساءٍ تخصم كفراً من إيمانْ..!

  • IX

  • يبقى وقتٌ للإغواءِ، وللإسراءِ، وللإيماءِ، وكل بوادر دهشتنا، لكن لا يبقى بعد اليقظة وقتٌ لطلاءِ الروحِ، وترتيبِ ثيابي فوق الرفِّ، وطرد العثّة..

  • يبقى وقتٌ نعتنقُ به كل دياناتِ الأرض، ولكن لا يبقى وقتٌ نسجدُ فيه إلى الضوء مباشرةً، ونكنِّسُ سبعَ سماواتٍ ترهقنا، ومواقيتَ كثيرة..

  • هل تعلمُ أن دعاءً يصدأ في الدربِ، يكلفنا أحزاناً أكثر؟

  • يجعلنا نثملُ كل الأيام ونكبرُ مهووسين بأشياءَ مؤقتةٍ كالسلمِ،

  • وأشياءَ مؤجلةٍ.. كالحلمْ



أعمال أخرى محمد حسن علوان



المزيد...

العصور الأدبيه

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك