قصائدمحمد حسن علوان



صداع
محمد حسن علوان



  • وقلتُ :

  • (( إذا ارتادني هاجسُ البوحِ يوماً ..

  • أنادي عليكْ

  • أضمُّكَ في غرفة الغرباءِ .. وأبكي ،

  • كأني تلاشيتُ من دفتر البؤسِ يومَ

  • التقى كتفانا ..

  • وبحتُ ! ))

  • تلعثمتُ في دفتري ساعتينِ ،

  • شممتُ على الورقِ المستبدِّ

  • روائحَ ما بَعَثتها يديْ !

  • وما بَرِحَ الخوفُ يلقي أمامي جَزُورَ الكتابة !

  • وكان طريقي اضطهاداً طويلاً ،

  • يمصُّ الدقائقَ من موعديْ

  • جلستُ على آخر السطرِ

  • أحصي خرافي ..

  • وأحملُ في داخل الجرحِ ذاك الثغاءَ الأخيرْ !

  • ومن أول الجوع ِ

  • مارستُ قبل اكتشافِ الحقيقةِ

  • رعيَ الكلامْ !

  • ومن أول الإحتقانِ تعلمتُ ،

  • قبل اختراع الكآبة ،

  • كيف أرشُّ الدموع لترطيبِ همي ،

  • وكيف أداعب خدشَ المرارةِ في داخلي

  • كي أنامْ !

  • وها أنتَ ذا جئتَ تصفعني

  • لتغيِّر فوق الملامح هذي الرتابة !

  • ها أنت مؤتزراً بالشتاتِ

  • أتيتَ لتفرض فوضاكَ ،

  • أهلاً ..

  • وسهلاً ..

  • ركامَ الركامْ !

  • تعال احترق هاهنا في بقية

  • مدفأتي قبل أن يسرق السهد

  • ما ظلّ من حفناتِ الرمادْ

  • يقولون إن الرماد على الحزن

  • مثل الظلال على السفحِ ،

  • مثل النحيبِ على الحلقِ ،

  • مثل الحنينِ على عتباتِ البيوتِ القديمة ،

  • مثل المناديلِ .. فوق الزكامْ !

  • تعال ارتجف ها هنا ،

  • بعضُ جلدكَ يرقص من ضجة القلبِ ،

  • أعلمُ هذا ..

  • وأعلمُ أنكَ آخر خدشٍ يوقِّعه

  • فوق جلدي الزحامْ

  • تعال .. تعال ،

  • وأفرغْ على الجرحِ قِطْراً

  • فلن ينقبوه سوى حين يأذن ربي

  • لقيحكَ أن يفسد الذاكرة !

  • تعال .. اتكئ فوق رأسي ،

  • وقاوم مؤامرة الصمتِ فوق جبيني ،

  • لئلا يؤممني الغير ذات هجوعٍ ،

  • وأنسى الكلامْ

  • تعال احتضر ها هنا ،

  • في فراغي ،

  • كضوءٍ قديمٍ

  • تلوّى على دكّة الليل ،

  • ثم هوى ميِّتاً .. في الظلامْ

  • تعال انتفض ها هنا ..

  • يا صداعي ..

  • ومت في سلامْ !

  • * * * * * *

  • تعيساً ..

  • أشاهدُ وجه الجدارْ

  • وفي داخلي ألفُ طبشورةٍ

  • تستعدُّ بغبنٍ لهذا الحوارْ !

  • (( أنا يا إله الأماكنِ

  • أكره كالموتِ هذي المدينة !

  • أنا أكره الجرعاتِ المقيتةِ منها ،

  • تسافر في شريان عيوني ،

  • تسمِّمُ ذائقتي ،

  • تترسّبُ مثل الدهون القبيحةِ

  • في قعر عقلي ..

  • وأكرهها حين تزحفُ نحوي

  • برائحة الجوعِ ،

  • تقتحمُ الروح قسراً وتأكلُ

  • في عشِّ رؤياي ..

  • بيضَ السكينة !

  • أنا أكره المشي في

  • وسط أحشائها ،

  • ليس عندي طقوسٌ من الغثيان

  • بحجم حقارتها !

  • ليس عنديَ قيءٌ بطول سنيني

  • لأغسل هذي الدهاليز في جوف

  • صدريَ من لعناتِ قذارتها !

  • أنا يا إله الأماكن بذرة بؤسٍ

  • رمتها الطيور هنا .. خطأ ً ..

  • وسقاها بصاقُ المشاةِ ،

  • لتنموَ بين الرصيفِ

  • وبينَ الطريق ،

  • وتأكلَ من غمغماتِ العبورْ

  • أنا قملةٌ سقطت من ضفيرة

  • بنتٍ يتيمة !

  • لها والدٌ دون قلبٍ ..

  • وأمٌ .. ولكن بدون أمومة !

  • أنا بثرةٌ وسط حقل بثورْ

  • أحاول أن أتعامد مع مستوى

  • القبحِ لكنني عاجزٌ عن ممارسة

  • الواقعيةِ في السِرِّ ..

  • دون حضورِ الحضورْ !

  • أنا يا إله الأماكنِ عندي جوازٌ

  • عبرتُ به من حنينٍ لآخرَ

  • لكنه ظلّ دون ورقْ !

  • وعندي ملامح وجهٍ

  • بلا سمةٍ ،

  • تتغيّرُ كل مساءٍ .. بفعلِ القلقْ !

  • وأيقنتُ أن المكان هنا

  • لا يؤرشفني جيداً ..

  • مثلما لا يؤرشف أيُّ الأماكن

  • سقْطَ الهوامشْ !

  • توترتُ ،

  • وامتزجت داخلي الأمنياتُ

  • مع اللعناتِ ،

  • وحاولتُ أن أستفزّ دمي

  • دون جدوى ..

  • أنا يا إله الأماكن جداً

  • فقيرٌ ، ومنذ شهورٍ وكل ُّحروفيَ

  • لم تستلم راتباً واحداً من دميْ ! ،

  • كيف أكتبْ ؟

  • وما زلتُ دون اقتناعٍ

  • أعلِّلُ من ظلَّ منهم بأن

  • القصائد سوف تجيء غداً ..

  • والكتابة في حفرة الكبتِ

  • تخرج أقوى ..

  • وأمضى ..

  • وأرقى ..

  • ومن ظلَّ حتى غدٍ سوف

  • يعرفُ كم كنتُ أكذبْ !

  • أنا يا إله الأماكن

  • لونٌ تسلّل في طيفه

  • الموتُ ، ما زال مرتهناً بالغبار

  • على سطح لوحته الواهنة !

  • إذا شدَّني الليل فوق

  • صليب شجوني غليتُ السكوتَ ،

  • لأنثر من فوقه حفناتٍ من الدمع

  • أكنسها من رصيف السجودِ ..

  • وأكسر عودين من حسرتي ، ثم

  • أدهن جسمي ..

  • وأسمع حين أنام شجاراً على

  • سطح جلديَ بين التمرد .. والمسكنة !

  • أنا ليس تدخلني الأدوية ..

  • كما أنني ، يا إله الأماكن ، لست

  • أزور مكاناً سوى لأزيد على

  • حرقتي الأمكنة ! ))

  • * * * * * *

  • أنا ..

  • وأنا ..

  • ولعلمكَ : عمري إلى الآن

  • خمسون ألف حصارْ !

  • وفي داخلي يتشظَّى الفلاسفة

  • السائرون إلى حيث ترشدهم

  • في المتاهاتِ أنفُ العصا .. أو يلوِّح

  • في أفْقِهِم قبسٌ للنهارْ

  • لحاهم مبللةٌ بشكوكي ،

  • وظلّوا طوال الطريق جياعاً ،

  • وما أطعمتهم عروقي سوى طلحةِ الإنتظارْ !

  • لعلمكَ : عقلي إلى الآن ليس

  • يميز بين الشهية .. والإشتهاءِ ،

  • وبين النهاية .. والإنتهاءِ ،

  • ولا يتخيل شكل "اتخاذ قرارْ" !

  • فلا تندهشْ ، وتأمل ورائي ..

  • عشر سنينٍ .. طفولة ..

  • وأخرى ..

  • كهولة !

  • أين من العمر أجلس

  • في هدأةٍ لأقشِّر جوز الظنونِ العنيدة !

  • لعلمكَ : لم يبق عنديَ ثوبٌ

  • لأرقعه بالنصائحِ ..

  • لا بابَ حوليَ للطارقينَ ،

  • ولا دربَ فوقيَ للسالكينَ ،

  • فوفِّر من النصح واجلس ندخِّن سوياً ..

  • أو ارحل ..

  • فلم يبق إلا لفافة تبغٍ وحيدة !!

  • * * * * * *

  • لماذا ترى يكتبون الوصايا ؟ ،

  • وهل هو أسلوبهم في مغايرة الموتِ ؟ ،

  • أم هي آخر نقلاتهم فوق رقعةِ

  • أرضٍ ستخلو غداً منهمو ؟ ،

  • أم ترى كان حقاً .. حسدْ !

  • لماذا ؟ ، وقد كان أولى

  • بتلك الوصية يومُ الولادة

  • لا يومُ يرتحلون ،

  • ترى أي معنى لرغبتهم بعد ذلك ! ،

  • كم كنتُ مشتبهاً بالسؤالِ ،

  • وتطردني طرقات الإجابة !

  • ويوم ولدتُ

  • كتبتُ بماء الصراخ وصية عمري ،

  • وعشتُ ولم يحترمها أحدْ !

  • مارستُ نفسي هنا

  • أتأمل خلف المكانِ ،

  • وأقلبُ ذاكرتي مثلما يقلب الطفل

  • حصالة المال بعد شهورٍ ،

  • أفتِّشُ جيباً قديماً ،

  • وأفتحُ درجاً عتيقاً ،

  • وأبحثُ ..

  • ما زلتُ أبحثُ ..

  • منذ قرونٍ ..

  • وحتى الأبدْ !

  • وقد كنتُ أجلس في كل مقهى ،

  • وأدخل في كل بيتٍ ،

  • أجوب الشوارع كالحشراتِ الحبيسة

  • تبحثُ عن منفذٍ للخروج ،

  • وعن فرجةٍ لتمرر منها طعام الشتاءْ

  • وكلَّ اصطدامٍ جديدٍ

  • أفيق بكاءً ..

  • أفكِّر في أي أنموذجٍ لأركِّبَ

  • روحي الحزينةَ فوق تراب الجسدْ !

  • تجاهل فمي حين يغدو كلامي

  • نقيعاً من البؤسِ ،

  • لكن تفهَّمْ ،

  • فلن أتحامل وهماً على الغير ،

  • لن أتعارك مع صنم العمر

  • من أجل مجتمعٍ خانقٍ .. وبلدْ !

  • فما هكذا تتجلّى حياتي ،

  • وما هكذا يتهيأ صوتي ،

  • ولكن إذا شئت قل : إنني

  • عاشقٌ مضطهدْ !

  • * * * * * *

  • ترى أيُّ شيءٍ تبقى لنا ؟

  • لماذا مشينا بكلِّ اتجاهٍ

  • ولم نمش ، لو مرةً ، نحونا !

  • تراك تميِّز طعم الفصول

  • إذا نمتَ في وسط البوصلة ؟!

  • تراك تحسُّ بلون الرياحِ

  • إذا كان جسمك صندوقَ شمعٍ

  • ووجهك نافذةً مقفلة ؟!

  • تراك تراقب أوركيدة العمر

  • في غسقٍ غارقٍ في الهواجسِ ،

  • تغسل صوتك في جدولٍ غمست

  • فيه بنت الرؤى رجلها ..

  • وطفت فوقه الروح

  • نرجِسةً مستحيلة !

  • تراك تحمّست يوماً لتختار

  • أطول سنبلةٍ في الحقول ..

  • وتحملها مثل فرشاة رسمٍ ..

  • وتعبر فوق المساء ..

  • وفوق الكلام ..

  • وفوق القبيلة !

  • تراك اتكأت على خصر أنثى ،

  • ونمتْ ..

  • وكان من النور أن بايعتكَ

  • النجوم نبياً لها ..

  • واعتذرتْ !

  • تراك تخيلت يوماً جمالاً كبيراً ..

  • وكانت عيونكَ أضيق مما تخيلت

  • فانسكب الماء منها ..

  • تراك سعيت لأنبوبة الأغنيات

  • التي تنتهي بالغيوم ،

  • وكنتَ مهيضاً بفرحك ..

  • فابتعدت خطواتك عنها !

  • لأنك من سطوة الحزن

  • لا تستطيع التآلف مع

  • حالة واحدة !

  • …………………….

  • …………………….

  • آسفْ !

  • هذيتُ طويلاً !

  • ولا شئ متَّسقٌ مع دروب الخواء !

  • هنا كلُّ سهمينِ عكس اتجاهيهما

  • يرحلانِ ..

  • كأن الصداع .. غريزة !

  • ومنحنياتُ انطفائي تكنِّسُ

  • في النفس حلم الرضا ،

  • والممرَّ العريقَ ،

  • وتطفئ نار الطموحِ المهيبة !

  • .

  • .

  • .

  • .

  • .

  • أغْلقْ حنيني وراءكَ ..

  • وارحل .. لعلي أنامْ

  • لقد نزفتني إلى الموتِ هذي القصيدة !



أعمال أخرى محمد حسن علوان



المزيد...

العصور الأدبيه

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط