الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد الماغوط >> الرجل الميت >>
قصائدمحمد الماغوط
- أيتها الجسورُ المحطّمة في قلبي
- أيتها الوحولُ الصافيةُ كعيون الأطفال
- كنا ثلاثه
- نخترق المدينةَ كالسرطان
- نجلسُ بين الحقول ، ونسعلُ أمام البواخر
- لا وطنَ لنا ولا سياط
- نبحثُ عن جريمةٍ وامرأة تحت نور النجوم
- وأقدامُنا تخبُّ في الرمال
- تفتحُ مجاريرَ من الدم
- نحن الشبيبة الساقطه
- والرماح المكسورة خارج الوطن
- من يعطينا شعبا أبكماً نضربه على قفاه كالبهائم ؟
- لنسمعَ تمزُّق القمصان الجميله
- وسقسقةَ الهشيم فوق البحر
- لنسمعَ هذا الدويّ الهائل
- لستةِ أقدام جريحة على الرصيف
- حيث مئةُ عام تربضُ على شواربنا المدمَّاة
- مئة عام والمطر الحزين يحشرجُ بين أقدامنا .
- . . .
- بلا سيوفٍ ولا أمهات
- وقفنا تحت نور الكهرباء
- نتثاءبُ ونبكي
- ونقذف لفائفنا الطويلةَ باتجاه النجوم
- نتحدثُ عن الحزن والشهوه
- وخطواتِ الأسرى في عنقِ فيروز
- وغيوم الوطن الجاحظه
- تلتفتُ إلينا من الأعالي وتمضي ..
- يا ربّ
- أيها القمرُ المنهوك القوى
- أيها الإلهُ المسافرُ كنهدٍ قديم
- يقولون أنك في كل مكان
- على عتبة المبغى ، وفي صراخِ الخيول
- بين الأنهار الجميله
- وتحت ورقِ الصفصاف الحزين
- كن معنا في هذه العيون المهشمه
- والأصابع الجرباء
- أعطنا امرأه شهيه في ضوء القمر
- لنبكي
- لنسمعَ رحيل الأظافر وأنين الجبال
- لنسمعَ صليل البنادق من ثدي امرأة .
- ما من أمةٍ في التاريخ
- لها هذه العجيزةُ الضاحكه
- والعيونُ المليئةُ بالأجراس .
- . . .
- لعشرين ساقطة سمراء ، نحملُ القمصان واللفائف
- نطلّ من فرجات الأبواب
- ونرسل عيوننا الدامعة نحو موائد القتلى
- لعشرين غرفة مضاءةٍ بين التلال
- نتكىءُ على المدافع
- ونضع ذقوننا اللامعة فوق الغيوم .
- ابتسمْ أيها الرجلُ الميت
- أيها الغرابُ الأخضرُ العينين
- بلادُك الجميلةُ ترحل
- مجدك الكاذبُ ينطفئُ كنيران التبن
- فتح ساقيك الجميلتي .. لنمضي ..
- لنسرع إلى قبورنا وأطفالنا
- المجدُ كلماتٌ من الوحل
- والخبزُ طفلةٌ عاريةٌ بين الرياح .
- . . .
- يا قلبي الجريح الخائن
- أنا مزمارُ الشتاء البارد
- ووردةُ العار الكبيره
- تحت ورق السنديان الحزين
- وقفتُ أدخن في الظلام
- وفي أظافري تبكي نواقيس الغبار
- كنت أتدفقُ وأتلوى
- كحبلٍ من الثريات المضيئة الجائعه
- وأنا أسير وحيداً باتجاه البحر
- ذلك الطفل الأزرق الجبان
- مستعداً لارتكاب جريمة قتل
- كي أرى أهلي جميعاً وأتحسسهم بيدي
- أن أتسكعَ ليلةً واحده
- في شوارعِ دمشق الحبيبه .
- . . .
- يا قلبي الجريح الخائن
- في أظافري تبكي نواقيسُ الغبار .
- هنا أريد أن أضعَ بندقيتي وحذائي
- هنا أريد أن أحرقَ هشيم الحبر والضحكات
- أوربا القانية تنزفُ دماً على سريري
- تهرولُ في أحشائي كنسرٍ من الصقيع
- لن نرى شوارع الوطن بعد اليوم
- البواخرُ التي أحبها تبصقُ دماً وحضارات
- البواخر التي أحبها تجذبُ سلاسلها وتمضي
- كلبوةٍ تجلد في ضوء القمر
- يا قلبي الجريح الخائن
- ليس لنا إلا الخبز والأشعار والليل
- وأنت يا آسيا الجريحه
- أيتها الوردةُ اليابسةُ في قلبي
- الخبز وحده يكفي
- القمح الذهبيُّ التائهُ يملأُ ثدييك رصاصاً وخمرا .
المزيد...
العصور الأدبيه