الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> قحطان بيرقدار >> كانتْ هُنَا .. ومُؤكِّدَاتٌ أُخْرَى لأَحْوالٍ أَكيدَةٍ .. >>
قصائدقحطان بيرقدار
كانتْ هُنَا .. ومُؤكِّدَاتٌ أُخْرَى لأَحْوالٍ أَكيدَةٍ ..
قحطان بيرقدار
- حُبٌّ كانونيُّ الآهِ..
- وعامٌ آخرُ يأتي بِسُكُونٍ
- يَمْلَؤُهُ الصَّخَبُ المُترامي حَوْلي
- فَرَحاً بِرَحيلِ الأيامِ الأَغْلَى..
- بِرَحيلِ الطاولةِ البيضاءِ
- عليها آثارٌ مِنْ حُزْنِكِ حينَ ذَهَبْتِ..
- لأُقْسِمُ أَنِّي قَدْ شَاهدتُ ملائكةً
- تَسْرَحُ بينَ زبائنِ هذا المقهى
- تبحثُ عَمَّنْ ذَهبتْ دُونَ رَفيقٍ..
- كي تُعطيهَا آثارَ الحُزْنِ الفَاتنِ
- أو تُخْبِرَهَا أنْ تَرْجِعَ في يومٍ آخَرَ
- حتّى يَتَمازَج حُزْنَانِ غريبانِ شَهِيَّانِ
- وَأَيلُولْ!..
- لكنْ عادتْ بعدَ مُرورِ ثلاثِ سجائرَ
- ودَنَتْ منِّي..
- هَمَسَتْ في رِئَتَيَّ هواءً..
- ثُمَّ رَمَتْ لي آثارَ الحُزْنِ وطارتْ..
- طارتْ حتّى حَتَّ العِطْرُ النّازِفُ
- منْ أجنحةِ النُّورِ صُخُورَ الأَمْسِ..
- ونمتُ سعيداً ليلتَها
- حتّى بَزَغَ الواقعُ في الأحلامِ
- وشيءٌ فيَّ يَئِنُّ ويَرنُو بِذُهُولْ..
- مالي الآنَ وأيلولْ!..
- كنتُ أقولُ بِحُبٍّ كانونيِّ الآهِ
- وعامٍ يأتي مُلْتَهِبَ الأعصابِ..
- ومازلتُ وحيداً وقويّاً وطويلَ القامَةِ..
- لا أَخْسَرُ رُوحي مِنْ أَجْلِ سَرابٍ
- والريحُ أُكَوِّرُهَا بينَ يَدَيَّ
- وأَرْميها لِلْخَلْفِ..
- وَأَنْسى الماضِينَ..
- وأُحْيي بينَ غُصُونِ الجُرْحِ
- العُصْفُورَ المَقْتُولْ..
- كنتُ سَأَبْسُطُ رُوحي بَرَّاً
- لَلْقَدمَيْنِ الخَائِفَتينِ منَ المجهولْ..
- لكنْ حينَ يُهاجِرُ ماءُ البحرِ وماءُ النهرِ..
- وتَنْقِرِضُ الأحياءُ المائيةُ
- يُلْغَى الشَّاطئُ والميناءُ
- ولا يبقى في العَالَمِ يَنْبُوعٌ يَتَرقْرَقُ..
- ماذا يبقى لي ولِرُوحي المبسُوطَةِ بَرّاً
- لِلقدمَينِ الخائفتينِ؟
- وما فائدةُ الحُبِّ
- وتقديمِ الرُّوحِ بآنيةِ الفَخَّارِ؟
- سَأُعْرِضُ عَنْ هذا
- وأَغيبُ.. أَغيبُ إلى أنْ يَهْطُلَ فَجْري
- بعدَ هُيَامي وتَلاشِيَّ وراءَ الغيمِ الأسودِ
- عَلَّ الطفلَ ينامُ قليلاً
- بعدَ السَّهَرِ المَغْلُولْ ..
- * * *
- كَانَتْ تَبْكِي..
- والمدفأةُ الحائرةُ بِجَانبها تَتَثاءَبُ..
- والقهوةُ تَفْشَلُ فِي إِرْضَاءِ الذَّوْقِ
- فَيَلْتَحِمُ الفَشَلانِ عَلَى شَاهِدَةِ المَهْدِ
- فَيَبْكِي الطِّفْلُ..
- وتَرْتَبكُ الأَلْطَافُ
- تَمْوتُ الْوَمْضَةُ قَبلَ النُّورِ..
- نَعُودُ كَمَا جِئْنَا..
- وَنَجِيءُ كَمَا عُدْنَا..
- وَنُحَاوِلُ تَسْويةَ الْمُتَماوِجِ فِيِنَا..
- فَيُرِيْنَا النَّرْجِسُ بَعْضَ مَخَاوِفِهِ
- إِنْ تَمَّ عِنَاقٌ بَينَ فَرَاشَاتٍ وَحُقُولْ!..
- والثَّلجُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ الأَحْدَاثِ
- بَرِيءٌ وَخَجُولْ..
- لا يَملكُ إِلاَّ أَنْ يَتَسَاقطَ
- فَوْقَ سُقُوطِ الرَّاعِشِ وَالمُتَوهِّجِ..
- يَصْهَرُنِي هَذَا الْمُتَرَاكِمُ فَوْقَ نِدَاءَاتِي
- فِي هَذَا القَفْرِ الوَاسِعِ فِي الضِّيْقِ المُمْتَدِّ
- إِلَى مَا شَاءَ اللَّيلُ الوَاضِحُ..
- وَابْنُ الرُّوميِّ وحيدٌ مِثْلِي
- فِي قَارِعةِ القَهْرِ..
- يَرَانِي فَيُعانِي ثُمَّ يَمُوتُ!.
- أُرِيدُ العودَةَ..
- أُمِّي فِي البيتِ..
- أَخَافُ أَموتُ كبائعةِ الكبريتِ هُنَا..
- والثَّلجُ يُغَطِّينِي..
- واللَّيلُ يَمُرُّ
- وَلاَ أَمَلٌ بِوُصُولْ..
- كُنْتُ أَقُولُ بِحُبٍّ كانونيِّ الآهِ ِ
- وَعَامٍ آخَرَ يأتِي..
- وملائكةٍ تَسْرَحُ فِي أَيْلُولْ..
- والثَّلْجُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ الأَحْدَاثِ
- بَرِيءٌ وَخَجُولْ..
المزيد...
العصور الأدبيه