الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> صلاح عبدالصبور >> الظل والصليب >>
قصائدصلاح عبدالصبور
- هذا زمان السأم
- نفخ الأراكيل سأم
- دبيب فخذ امرأة ما بين أليتيّ رجل ..
- سأم
- لا عمق للألم
- لأنه كالزيت فوق صفحة السأم
- لا طعم للندم
- لأنه لا يحملون الوزر إلا لحظة ..
- … ويهبط السأم
- يغسلهم من رأسهم إلى القدم
- طهارة بيضاء تنبت القبور في مغاور الندم
- نفن فيها جثث الأفكار و الأحزان ، من ترابها ..
- يقوم هيكل الإنسان
- إنسان هذا العصر و الأوان
- (أنا رجعت من بحار الفكر دون فكر
- قابلني الفكر ، ولكني رجعت دون فكر
- أنا رجعت من بحار الموت دون موت
- حين أتاني الموت، لم يجد لديّ ما يميته،
- وعدت دون موت
- أنا الذي أحيا بلا أبعاد
- أنا الذي أحيا بلا آماد
- أنا الذي أحيا بلا ظل .. ولا صليب
- الظل لص يسرق السعادة
- ومن يعش بظله يمشي إلى الصليب، في نهاية الطريق
- يصلبه حزنه، تسمل عيناه بلا بريق
- يا شجر الصفصاف : إن ألف غصن من غصونك الكثيفه
- تنبت في الصحراء لو سكبت دمعتين
- تصلبني يا شجر الصفصاف لو فكرت
- تصلبني يا شجر الصفصاف لو ذكرت
- تصلبني يا شجر الصفصاف لو حملت ظلي فوق كتفي، وانطلقت
- و انكسرت
- أو انتصرت
- إنسان هذا العصر سيد الحياه
- لأنه يعيشها سأم
- يزني بها سأم
- يموتها سأم
- 2
- قلتم لي :
- لا تدسس أنفك فيما يعني جارك
- لكني أسألكم أن تعطوني أنفي
- وجهي في مرآتي مجدوع الأنف
- 3
- ملاحنا ينتف شعر الذقن في جنون
- يدعو اله النقمة المجنون أن يلين قلبه، ولا يلين
- (ينشده أبناءه و أهله الأدنين، و الوسادة التي لوى عليها فخذ زوجه، أولدها محمداً وأحمداً وسيدا
- وخضرة البكر التي لم يفترع حجابها انس ولا شيطان)
- (يدعو اله النعمة الأمين أن يرعاه حتى يقضي الصلاة،
- حتى يؤتى الزكاة، حتى ينحر القربان، حتى يبتني بحر ماله كنيسة ومسجداً وخان)
- للفقراء التاعسين من صعاليك الزمان
- ملاحنا يلوي أصابعاً خطاطيف على المجداف و السكان
- ملاحنا هوى إلى قاع السفين ، واستكان
- وجاش بالبكا بلا دمع .. بلا لسان
- ملاحنا مات قبيل الموت، حين ودع الأصحاب
- .. والأحباب و الزمان و المكان
- عادت إلى قمقمها حياته، وانكمشت أعضاؤه، ومال
- ومد جسمه على خط الزوال
- يا شيخنا الملاح ..
- .. قلبك الجريء كان ثابتاً فما له استطير
- أشار بالأصابع الملوية الأعناق نحو المشرق البعيد
- ثم قال :
- هذي جبال الملح و القصدير
- فكل مركب تجيئها تدور
- تحطمها الصخور
- وانكبتا .. ندنو من المحظور، لن يفلتنا المحظور
- هذي إذن جبال الملح و القصدير
- وافرحا .. نعيش في مشارف المحظور
- نموت بعد أن نذوق لحظة الرعب المرير و التوقع المرير
- وبعد آلاف الليالي من زماننا الضرير
- مضت ثقيلات الخطى على عصا التدبر البصير
- ملاحنا أسلم سؤر الروح قبل أن نلامس الجبل
- وطار قلبه من الوجل
- كان سليم الجسم دون جرح، دون خدش، دون دم
- حين هوت جبالنا بجسمه الضئيل نحو القاع
- ولم يعش لينتصر
- ولم يعش لينهزم
- ملاح هذا العصر سيد البحار
- لأنه يعيش دون أن يريق نقطة من دم
- لأنه يموت قبل أن يصارع التيار
- 4
- هذا زمن الحق الضائع
- لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله
- ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
- ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
- فتحسس رأسك
- فتحسس رأسك!
المزيد...
العصور الأدبيه