الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> صلاح عبدالصبور >> رؤيا .. >>
قصائدصلاح عبدالصبور
- في كل مساء،
- حين تدق الساعة نصف الليل،
- وتذوي الأصوات
- أتداخل في جلدي أتشرب أنفاسي
- و أنادم ظلي فوق الحائط
- أتجول في تاريخي، أتنزه في تذكاراتي
- أتحد بجسمي المتفتت في أجزاء اليوم الميت
- تستيقظ أيامي المدفونة في جسمي المتفتت
- أتشابك طفلاً وصبياً وحكيماً محزوناً
- يتآلف ضحكي وبكائي مثل قرار وجواب
- أجدل حبلا من زهوي وضياعي
- لأعلقه في سقف الليل الأزرق
- أتسلقه حتى أتمدد في وجه قباب المدن الصخرية
- أتعانق و الدنيا في منتصف الليل.
- حين تدق الساعة دقتها الأولى
- تبدأ رحلتي الليلية
- أتخير ركنا من أركان الأرض الستة
- كي أنفذ منه غريباً مجهولاً
- يتكشف وجهي، وتسيل غضون جبيني
- تتماوج فيه عينان معذبتان مسامحتان
- يتحول جسمي دخان ونداوه
- ترقد أعضائي في ظل نجوم الليل الوهاجة و المنطفأة
- تتآكلها الظلمة و الأنداء، لتنحل صفاء وهيولي
- أتمزق ريحا طيبة تحمل حبات الخصب المختبئة
- تخفيها تحت سراويل العشاق.
- و في أذرعة الأغصان
- أتفتت أحياناً موسيقى سحرية
- هائمة في أنحاء الوديان
- أتحول حين يتم تمامي -زمناً
- تتنقل فيه نجوم الليل
- تتجول دقات الساعات
- كل صباح، يفتح باب الكون الشرقي
- وتخرج منه الشمس اللهبية
- وتذوّب أعضائي، ثم تجمدها
- تلقي نوراً يكشف عريي
- تتخلع عن عورتي النجمات
- أتجمع فاراً ، أهوي من عليائي،
- إذ تنقطع حبالي الليلة
- يلقي بي في مخزن عاديات
- كي أتأمل بعيون مرتبكة
- من تحت الأرفف أقدام المارة في الطرقات.
المزيد...
العصور الأدبيه