الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> صلاح عبدالصبور >> زيارة الموتى >>
قصائدصلاح عبدالصبور
- زرنا موتانا في يوم العيد
- وقرأنا فاتحة القرآن، وللمنا أهداب الذكرى
- وبسطناها في حضن المقبرة الريفية
- وجلسنا، كسرنا خبزاً وشجوناً
- وتساقينا دمعاً و أنيناً
- وتصافحنا، وتواعدنا، وذوي قربانا
- أن نلقى موتانا
- في يوم العيد القادم.
- يا موتانا
- كانت أطيافكم تأتينا عبر حقول القمح الممتدة
- ما بين تلال القرية حيث ينام الموتى
- و البيت الواطئ في سفح الأجران
- كانت نسمات الليل تعيركم ريشاً سحرياً
- موعدكم كنا نترقبه في شوق هدهده الاطمئنان
- حين الأصوات تموت،
- ويجمد ظل المصباح الزيتي على الجدران
- سنشم طراوة أنفاسكم حول الموقد وسنسمع طقطقة الأصوات كمشي ملاك وسنان
- هل جئتم تأتنسون بنا؟
- هل نعطيكم طرفاً من مرقدنا؟
- هل ندفئكم فينا من برد الليل؟
- نتدفأ فيكم من خوف الوحده
- حتى يدنو ضوء الفجر،
- و يعلو الديك سقوف البلدة
- فنقول لكم في صوت مختلج بالعرفان
- عودوا يا موتانا
- سندبر في منحنيات الساعات هنيهات
- نلقاكم فيها، قد لا تشبع جوعاًن أو تروي ظمأ
- لكن لقم من تذكار،
- حتى نلقاكم في ليل آت.
- مرت أيام يا موتانا ، مرت أعوام
- يا شمس الحاضرة الجرداء الصلدة
- يا قاسية القلب النار
- لم أنضجت الأيام ذوائبنا بلهيبك
- حتى صرنا أحطاب محترقات حتى جف الدمع الديان على خد الورق العطشان
- حتى جف الدمع المستخفي في أغوار الأجفان
- عفواً يا موتانا
- أصبحنا لا نلقاكم إلا يوم العيد
- لما أدركتم انا صرنا أحطاباً في صخر الشارع ملقاة
- أصبحتم لا تأتون إلينا رغم الحب الظمآن
- قد نذكركم مرات عبر العام
- كما نذاكر حلماً لم يتمهل في العين
- لكن ضجيج الحاضرة الصخرية
- لا يعفنا حتى أن نقرأ فاتحة القرآن
- أو نطبع أوجهكم في أنفسنا، و نلم ملامحكم
- ونخبئها طي الجفن.
- يا موتانا
- ذكراكم قوت اللقب
- في أيام عزت فيها الأقوات
- لا تنسونا .. حتى نلقاكم
- لا تنسونا .. حتى نلقاكم
المزيد...
العصور الأدبيه