الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> حافظ إبراهيم >> لمِصرَ أم لرُبُوعِ الشَّأمِ تَنْتَسِبُ >>
قصائدحافظ إبراهيم
لمِصرَ أم لرُبُوعِ الشَّأمِ تَنْتَسِبُ
حافظ إبراهيم
- لمِصرَ أم لرُبُوعِ الشَّأمِ تَنْتَسِبُ
- هُنا العُلا وهُناكَ المجدُ والحَسَبُ
- رُكْنانِ للشَّرْقِ لا زالَتْ رُبُوعُهُما
- قَلْبُ الهِلالِ عليها خافِقٌ يَجِبُ
- خِدْرانِ للضّادِ لَم تُهْتَكْ سُتُورُهُما
- ولا تَحَوَّلَ عن مَغْناهُما الأدَبُ
- أمُّ اللُّغاتِ غَداة َ الفَخْرِ أَمُّهُما
- وإنْ سَأَلْتَ عن الآباءِ فالعَرَبُ
- أَيَرْغَبانِ عن الحُسْنَى وبَيْنَهُما
- في رائِعاتِ المَعالي ذلك النَّسَبُ
- ولا يَمُتّانِ بالقُربى وبينَهُما
- تلكَ القَرابة ُ لَمْ يُقْطَعْ لها سَبَبُ؟
- إذا ألَمَّتْ بوادي النِّيلِ نازِلَة ٌ
- باتَتْ لها راسِياتُ الشّأمِ تَضطَرِبُ
- وإنْ دَعَا في ثَرَي الأَهْرامِ ذُو أَلَمٍ
- أَجابَهُ في ذُرَا لُبْنانَ مُنْتَحِبُ
- لو أَخْلَصَ الِّنيلُ والأرْدُنُّ وُدَّهما
- تَصافَحَتْ منهما الأمْواهُ والعُشُبُ
- بالوادِيَيْنِ تَمَشَّى الفَخرُ مِشيَتَه
- يَحُفُّ ناحيَتَيْه الجُودُ والدَّأَبُ
- فسالَ هذا سَخاءً دونَه دِيَمٌ
- وسالَ هذا مَضاءً دونَه القُضُبُ
- نسيمَ لُبنانَ كم جادَتْكَ عاطِرَة ٌ
- من الرِّياضِ وكم حَيّاكَ مُنْسَكِبُ
- في الشَّرقِ والغَربِ أنفاسٌ مُسَعَّرَة ٌ
- تَهْفُو إليكَ وأكبادٌ بها لَهَبُ
- لولا طِلابُ العُلا لم يَبتَغُوا بَدَلاً
- من طِيبِ رَيّاكَ لكنّ العُلا تَعَبُ
- كم غادَة ٍ برُبُوعِ الشّأمِ باكيَة ٍ
- على أَليِفٍ لها يَرْمِي به الطَّلَبُ
- يَمْضِي ولا حِيلَة ٌ إلاّ عَزِيمَتُه
- ويَنثَني وحُلاهُ المَجدُ والذَّهَبُ
- يَكُرُّ صَرفُ اللَّيالي عنه مُنقَلِباً
- وعَزْمُه ليسَ يَدْرِي كيفَ يَنْقَلِبُ
- بِأَرْضِكُولُمْبَأَبْطالٌ غَطارِفَة ٌ
- أسْدٌ جِياعٌ إذا ما وُوثِبُوا وَثَبُوا
- لَم يَحْمِهمْ عَلَمٌ فيها ولا عُدَدٌ
- سوى مَضاءٍ تَحامَى وِرْدَهُ النُّوَب
- أسطُولُهُمْ أمَلٌ في البَحرِ مُرتَحِلٌ
- وجَيْشُهُمْ عَمَلٌ في البَرِّ مُغْتَرِبُ
- لهم بكُلِّ خِضَمٍّ مَسرَبٌ نَهَجٌ
- وفي ذُرَا كُلِّ طَوْدٍ مَسْلَكٌ عَجَبُ
- لَمْ ثَبْدُ بارِقَة ٌ في أفْقِ مُنْتَجَعٍ
- إلاّ وكان لها بالشامِ مُرتَقِبُ
- ما عابَهُم انّهُم في الأرضِ قد نُثِرُوا
- فالشُّهبُ مَنثُورَة ٌ مُذ كانت الشُّهُبُ
- ولَمْ يَضِرْهُمْ سُرَاءَ في مَناكِبِها
- فكلّ حَيِّ له في الكَوْنِ مُضْطَرَبُ
- رَادُوا المَناهِلَ في الدُّنْيا ولو وَجَدُوا
- إلى المَجَرَّة ِ رَكباً صاعِداً رَكِبُوا
- أو قيلَ في الشمسِ للرّاجِينَ مُنْتَجَعَ
- مَدُّوا لها سَبَباً في الجَوِّ وانتَدَبُوا
- سَعَوا إلى الكَسْبِ مَحْمُوداً وما فَتِئَتْ
- أمُّ اللُّغاتِ بذاكَ السَّعْي تَكْتَسِبُ
- فأينَ كان الشَّآمِيُّونَ كان لها
- عَيْشٌ جَدِيدٌ وفَضْلٌ ليسَ يَحْتَجِبُ
- هذي يَدي عن بني مِصرٍ تُصافِحُكُم
- فصافِحُوها تُصافِحْ نَفسَها العَرَبُ
- فما الكِنانَة ُ إلاّ الشامُ عاجَ على
- رُبُوعِها مِنْ بَنِيها سادَة ٌ نُجُبُ
- لولا رِجالٌ تَغالَوا في سِياسَتِهِم
- مِنّا ومِنْهُمْ لَمَا لمُنْا ولا عَتَبُوا
- إِنْ يَكْتُبوا لِيَ ذَنْباً في مَوَدَّتِهمْ
- فإنّما الفَخْرُ في الذَّنْبِ الذي كَتَبُوا
المزيد...
العصور الأدبيه