الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> تلك السنون >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- في حفلة اليوبيل الفضي لجريدة "السمير"
- ---------------
- تلك السنون الغاربات ورائي
- سفر كتبت حروفه بدمائي
- ما عشتها لأعدّها بل عشتها
- لتبين في سمائها سمائي
- سيّلن لو أني قنعت بعدّها
- عمري وعمر الصخرة الصماء
- ولبذّني يوم التفاخر شاطىء
- ما فيه غير رماله الخرساء
- لا حت لي العلياء في آفاقها
- فأردتها دربا ألى العلياء
- ومحبة للخير تسري في دمي
- ورعاية للضعف والضعفاء
- وعبادة للحق أين وجدته
- والحسن في الأحياء والأشياء
- لتدور بعدي قصة عن عاشق
- رقصت به الدنيا جناح ضياء
- نشر الطيوب على دروب حياته
- وسرى هوى في الطيب و الأنداء
- وأطلّ في قلب البخيل سماحة
- وشجاعة في السلم والهيجاء
- ومشى ألى المظلوم بارق رحمة
- وهوى على الظلام سوط بلاء
- متعوّ دنيا قد طوت آبائي
- وتهش دنيا أطلعت أبنائي
- تلك السنون ببؤسها ونعيمها
- مالت بعودي وانطوت بروائي
- أين الشباب ألفّ أحلامي به
- ليس الشباب الآن لي برداء
- نفسي تحس كأنما أثقالها
- قد خيرت فتخيرت أعضائي
- كم من رؤى طلعت على جنباتها
- ركبا من الأضواء و الأشذاء
- قلبت فيها بعد لأي ناظري
- فتعثرت عيناي بالأشلاء
- يا للضحايا لا يرفّ لموتها
- جفن ولا تحصى مع الشهداء
- ودعت للذّات الخيال وعفتها
- ورضيت أن أشقى مع الحكماء
- فعرفت مثلهم بأني موخد
- بؤسي،وأني خالق نعمائي
- ...
- إني أراني بعد ما كابدته
- كالفلك خارجة من لأنواء
- وكسائح بلغ المدينة بعدما
- ضلّ الطريق وتاه في البيداء
- شكرا لأصحابي فلولا حبهم
- لم أقترب من عالم اللألاء
- بهم اقتحت العاصفات بمركي
- وبهم عقدت على النجوم لوائي
- ...
- شكرا لأعدائي فلولا عيشهم
- لم أدر أنهمو الغوغاء
- نهش الأسى لما ضحكت قلوبهم
- عرس المحبة مأتم البغضاء
- ذني إلى الحسّاد أني فتّهم
- وتركهم يتعثرون ورائي
- وخطيئتي الكبرى إليهم أنهم
- قعدوا ولم أقعد على الغبراء
- عفو المروءة والرجولة أنني
- أخطأت حين حسبتهم نظرائي
- ...شكرا لكلّ فتى مزجت بروحه
- روحي فطاب ولاؤه وولائي
- من كان يحلم بالسماء فإني
- في قلب إنسان وجدت سمائي
- ليس الجمال هو بذاته
- الحسن يوجد حين يوجد رآء
- ما الكون؟ ما في الكون لولا آدم
- إلا هباء عالق بهباء
- وأبو البرية ما أبان وجوده
- وأنتم غايته سوى حواء
- إني سكبت الخمر حين سكبتها
- للناس ، لا للأنجم الزهراء
- لا تشرب الخمر النجوم وإن تكن
- معصورة من أنفس الشعراء
- ...
- تلك السنون ، عقيمها كولودها
- حلو ليّ، كذا يشاء وفائي
- فالليلة العسراء من عمري
- وعمر الدهر مثل الليلة السمحاء
- يا من يقول (ظلمت نفسك فاتئد)
- دعني ، فلست بحامل أعبائي
- إنّ الحياة الروح بعض عطائها
- وأنا ثمار الروح كلّ عطائي
- ما العمر؟ إان هو كالإناء وإنني
- بالطيّب الغالي ملأت إنائي
- فإذا بقيت ، فللجمال بقائي
- وإذا فنيت ، ففي الجمال فنائي
- ...
- للّه ما أحلى وأسنى ليلتي
- هي في كتاب العمر كالطغراء
- يا صحب لن أنسى جميل صنيعكم
- حتى تفارق هيكلي حوبائي
- وتقول عيني "قد فقدت ضيائي"
- ويقول قلبي"قد فقدت رجائي"
المزيد...
العصور الأدبيه