الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> أبي >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني
- وذا بعضها الثاني يفيض به جفني
- أبي! خانني فيك الرّدى فتقوضت
- مقاصير أحلامي كبيت من التّين
- وكانت رياضي حاليات ضواحكا
- فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني
- وكانت دناني بالسرور مليئة
- فطاحت يد عمياء بالخمر والدّنّ
- فليس سوى طعم المنّية في فمي،
- وليس سوى صوت النوادب في أذني
- ولا حسن في ناظري وقلّما
- فتحتهما من قبل إلاّ على حسن
- وما صور الأشياء ، بعدك غيرها
- ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن
- على منكي تبر الضحى وعقيقه
- وقلبي في نار ، وعيناي في دجن
- أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي
- وكنت أعدّ الحزن ضربا من الجبن
- فمستنكر كيف استحالت بشاشتي
- كمستنكر في عاصف رعشة الغضن
- يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى
- وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني
- شخصت بروحي حائرا متطلعا
- إلى ما وراء البحر أأدنو وأستدني
- كذات جناح أدرك السيل عشّها
- فطارت على روع تحوم على الوكن
- فواها لو اني في القوم عندما
- نظلرت إلى العوّاد تسألهم عنّي
- ويا ليتما الأرض انطوى لي بساطها
- فكنت مع الباكين في ساعة الدفن
- لعلّي أفي تلك الأبوّة حقّها
- وإن كان لا يوفى بكيل ولا وزن
- فأعظم مجدي كان أنك لي أب
- وأكبر فخري كان قولك: ذا إبني!
- أقول : لي اني... كي أبرّد لو عتي
- فيزداد شجوي كلّما قلت : لو أني!
- أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى؟
- أيا دهر هذا منتهى الحيف والغبن!
- أبي! وإذا ما قلتها فكأنني
- أنادي وأدعو يا بلادي ويا ركني
- لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى
- فيرجع ريّان المنى ضاحك السنّ؟
- خلعت الصبا في حومة المجد ناصعا
- ونزّه فيك الشيب عن لوثة الأفن
- فذهن كنجم الصّيف في أول الدجى
- ورأى كحدّ السّيف أو ذلك الذهن
- وكنت ترى الدنيا بغير بشاشة
- كأرض بلا مناء وصوت بلا لحن
- فما بك من ضرّ لنفسك وحدها
- وضحكك والإيناس للبحار والخدن
- جريء على الباغي، عيوف عن الخنا،
- سريع إلى الداعي ، كريم بلا منّ
- وكنت إذا حدّثت حدّث شاعر
- لبيب دقيق الفهم والذوق والفنّ
- فما استشعر المصغي إليك ملالة
- ولا قلت إلاّ قال من طرب : زدني
- برغمك فارقت الربوع ىوإذا
- على الرغم منّا سوف نلحق بالظعن
- طريق مشى فيها الملايين قبلنا
- من المليك السامي عبده إلى عبده الفنّ
- نظنّ لنا الدنيا وما في رحابها
- وليست لنا إلاّ كما البحر للسفن
- تروح وتغدو حرّة في عبابه
- كما يتهادى ساكن السجن في السجن
- وزنت بسرّ الموت فلسفة الورى
- فشالت وكانت جعجعات بلا طحن
- فأصدق أهل الأرض معلرفة به
- كأكثرهم جهلا يرجم بالظّنّ
- فذا مثل هذا حائر اللبّ عنده
- وذاك كهذا ليس منه على أمن
- فيا لك سفرا لم يزل جدّ غامض
- على كثرة التفصيل في الشّرح والمتن
- أيا رمز لبنان جلالا وهيبة
- وحصن الوفاء المحصن في ذلك الحصن
- ضريحك مهما يستسرّ وبلذة
- أقمت بها تبني المحامد ما تبني
- أحبّ من الأبراج طالت قبابها
- وأجمل في عينيّ من أجمل المدن
- علىذلك القبر السلام فذكره
- أريج بهنفسي عن العطر تستغني
المزيد...
العصور الأدبيه