الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> هذا من أنباء الطير >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- يبتزّكَ هذا الساحلُ
- يُغريكَ بأجنحةِ الصبحِ
- لكي تنقشَ في الماءِ حكاياكَ
- وترحلَ في صمت ..
- يُغريكَ الساحلُ بالموتِ بعيداً
- خلفَ الأسوارِ
- وخلفَ أمانيكَ الحُلوةِ
- يبتزُّكَ حتى الرّمقِ الأدنى.
- كيف أموتُ هناكَ بلا كفنٍ
- يدفعُ عني النملَ
- ويستُرُني
- حين تعُمّ الدّهشةُ وجهَ الأرضْ ؟
- إني لا أخشى الموتَ
- ولا العُريَ
- ولا الغُربةَ
- لكني،
- أخشى أن يأكلَني النملُ الأحمرُ
- قبل الفجرِ
- فلا تعرفُني أمي ..
- إني أكرهُ ألا تعرفَني أمي
- أكرهُ أن ألقى الأحبابَ
- بلا عينينِ
- بلا شفتينِ
- بلا قافيةٍ.
- ما أصعبَ أن ينهالَ النملُ على قافيتي.
- ماأصعبَ أن تَطرُقَ بابَ القبرِ وحيداً ..
- أو يشتدَّ بكَ البردُ على بابِ جهنّمْ.
- أن تخرجَ من بيتكَ بالمِسْكِ،
- تُعطّرُ جدرانَ البلدةِ،
- ثم تعودَ إليه بخفيكَ وأوساخِ الشارعْ.
- أن يمتصَّ الساحلُ قلبَكَ،
- أن تكتبَ للوردِ بلا قلبٍ،
- أن تُتْرَكَ للسوقيّةِ
- تنهشُ في رأسكَ ذاكرةَ الرّملِ الأصفرْ.
- ياامْرأةَ القيصرِ
- إنا لغةٌ تتكسّرْ.
- إنا لغةٌ،
- يمضُغُها الوقتُ
- ويبصُقُها ذهباً
- يتشظّى قهقهةً في الطّرقاتْ.
- دوسي ما شئتِ بنعليكِ الجائعتينِ
- على هذا اللّحمِ الفاسدْ.
- واختالي كالطاووسِ بأذيالكِ،
- فوق شفاهِ البُكْمِ.
- وقولي للقيصرِ
- ألا يرهقَ عينيهِ الجاحظتينِ
- بهذا السّفْرِ المُظلمْ.
- وَلْيُطْبِقْ جفنيهِ على العتمةِ
- حتى يسودَّ الداخلُ أكثرْ.
- ودعيهِ يعُبُّ من الآبارِ المُرّةِ،
- علَّ الفاقةَ تبلُغُ ذُروةَ هذا السّفَهِ المعقودِ ولائمَ
- للسيّارةِ،
- والسيّاحِ المهووسينَ بِحَرِّ الصحراءِ،
- وللّحْمِ المُتَرَجْرِجِ كالفقْماتِ على ساحِلنا الفضّي ..
- على ساحِلِنا الفِضّي،
- رأيتُ الناسَ جميعاً
- إلا البحارَ
- فما كان له أثرٌ ..
- أحفادَ البحرِ،
- انسلخَ الموسمُ
- والغائبُ في شرنقةِ الصمتِ الباردِ
- ليس له أثرٌ ..
- كيف تواطأ هذا الساحلُ والنورمانُ عليكَ
- وأنت البحرُ
- وأصدافُ البحرِ
- وزوبعةُ الماءِ الدافئِ ؟
- من أيِّ ثغورِ الأرضِ اجتاحَكَ وحشُ الأعماقِ ؟
- وكيف ؟
- وأين ؟
- وماذا قال الشعراءُ
- إذْ امْتلأتْ رئتاكَ بماءِ القّهرِ
- هنالِكَ خلفَ بحارِ الأرضِ جميعاً
- ماذا قال الشعراءُ إذْ اشتدّ الصّمتُ
- وأَحْكَمَ قبضَتَهُ النكراءَ على ثغرِ الأرضِ،
- وأنت تُودّعُ بالأصفادِ الفولاذيّةِ
- في رجليكَ الحافيتينِ الأصدافَ،
- وعيناك إلى البحرِ تَخُطّانِ طريقَ العودةِ ؟
- ياقلبُ اسْتبقِ الموجةَ نبضاً ..
- يا بوصلةَ البحرِ وياسِرّ البحارينَ،
- اسْتبِقِ الموجةَ ذاتَ النبأِ السيّءِ
- فالعاصفةُ المشؤومةُ هذا موعِدُها ..
- * * *
- أنْبَأَنِي النّورسُ
- أن الطلقةَ هذي المرةَ
- سوف تكونُ من الخلفِ
- وهذا موعِدُها
- أن أظافرَ عبدِاللهِ ابْنِ أُبَيٍّ،
- مازالَ بها شيءٌ من لحمِ الأنصارْ.
- أن الداخلَ قد حلَّ بتاهَرْتَ
- ومازالتْ تلهثُ خلفَ عباءتهِ الأمصارْ.
- أن الأندلسَ الآنَ تُشَيّعُ جُثْمانَ القبليّةْ ..
- قالَ النورسُ ماقالَ،
- وَوَشْوَشَني بكلامٍ آخرَ
- حَلّفني ألاّ أفشيهِ
- لكن العينَ امتلأتْ فُلاًّ ..
- فابْيضّ البحرُ أمامي أشرعةً
- كثيابِ العُرسِ المشغولةِ باللؤلؤِ
- واخضرّ طريقُ البحارْ.
المزيد...
العصور الأدبيه