الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> من أين يجيء البرد >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- من أي الأنهارِ الدّفقُ الأعمى هذا؟
- كم كُنتَ شفيفاً
- أبيضَ
- حين تحدّرْتَ من السّفحِ
- لقطفِ الجوريّةِ
- من حُضنِ الوادي.
- كم كُنتَ بسيطاً،
- يُغريكَ البوحُ
- فتسري في الأرضِ العطشى ..
- قُلتَ بأنّ معينَكَ لا يفنى،
- ففنيتَ وأفنيتْ.
- كيفَ تشِفُّ كقُمصانِ الصيفِ عن الّلوزِ؟
- أما تخشى أن يكوي روحَكَ بردُ الغفلةِ؟
- أو تنسى الجورِيّةُ مِعطفها
- من فرطِ الخَدرِ الّليلِيِّ على شُبّاكِ الكونِ؟
- كأنكَ لا تدري أن الساعةَ جاوزتِ الحدَّ
- وأن الرّيحَ المجنونةَ لا يعنيها الوردْ.
- أستارُ الخيمةِ ذوّبها غَزَلُ النّجمِ القُطبِيِّ
- وتسأَلُ من أينَ يجيءُ البردْ
- كُنْ ما شِئتَ
- وقِفْ ما شِئتَ على بابِ الصّبحِ
- بأوراقِ الليلِ الحُبلي بالهذيانِ
- وقُل إنّك أغويتَ الغاوين فتابوا
- ودعوتَ الشُّعراءَ فآبوا
- وتماهيتَ مع الألطافِ المبثوثةِ في الغيبِ
- فكُنْتَ الألطفَ والأبهى ..
- من أيِّ الأنهارِ نَفَذْتَ حثيثاً
- تترقْرقُ في أحداقِ العُشاقِ
- لتَقذِفَ في صحنِ الصّبحِ عُصارةَ روحِكَ
- من أيّ سماءٍ هذا الماءُ استوحى رِقّتهُ في الليلِ؟
- وأيُّ الطّينِ سيحمِلهُ
- ويُحَمِّلُهُ سرّ الخلقِ الأمثلْ؟
- جاوزْتَ الحدَّ كساعةِ عُمرِكَ
- أدْخَلْتَ النّخلَ بغيرِ مواسِمِهِ
- وسريتَ بروحِ حمامتِكَ البيضاءِ
- على كفِّ الفرحةِ في غاباتِ النّجْمِ
- وعُدتَ حزيناً
- تتحسّسُ ماءَ الوردِ على غُرّتِها
- وتضُمُّ جناحيها في صدركَ
- علّكَ توغِلُ أكثرَ في أسرارِ الطّيرِ
- وتخرُجَ أكثرَ جهلاً بالخوفِ
- وعِلماً بالجهلِ
- بحالاتِ العِشقِ القُصوى ..
المزيد...
العصور الأدبيه