الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> فساد الملح >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- كساقيةٍ فوقَ هذا اليبابِ
- تفيضُ بِدهرٍ منَ الصَّمْتْ.
- تُقاسِمُكَ الرِّيْحُ وحشتَها والمَدى
- والعيونَ اللَّواتي اشترينَكَ
- من ألفِ عامْ.
- أتيتَ وقد فَسَدَ المِلْحُ،
- لَمْلَمَتِ الأرضُ أطرافَها للرَّحيلِ
- وبَحْرٌ تَجَرَّعْتَهُ
- مَوْجَةً مَوْجَةً
- باعَ زُرْقَتَهُ في الظلامْ.
- تدورُ وعيناكَ نافِذَتانِ
- تَجوبانِ هذا الفَراغَ،
- وقَلْبُكَ نافِذَةٌ للقَمَرْ.
- أُناديكَ،
- يابَدَويَّاً تَغَرَّبَ في جِلْدِهِ
- لمْ يََعُدْ في الزَّمانِ المُسافِرِ
- مُتَّسَعٌ للبَقاءِ
- ولا مَوْضِعٌ للسَّفَرْ.
- نُخَيْلاتُكَ الباقِياتِ على عَهْدِهِنَّ
- تَحَنَّيْنَ بالحُزْنِ،
- أَقْسَمْنَ ألا يُبايِعْنَ هذا الشتَاءَ
- وأَلاَّ يُغَنِّيْنَ هذا المَطَرْ.
- لِعَيْنَيْكَ بَوْحُ النَّشيدِ المُكابِرِ
- في زمنِ الصَّمْتِ
- يا موغلاً في النَّخيلِ
- وفي العِشْقِ،
- للذارياتِ
- يَجُبْنَ ثُغورَ الصَّباحِ المُرابِطِ
- يَحْمِلْنَ عَرْشَ الرّشيدِ
- على سَعَفِ النَّخْلِ
- بين الفُراتِ ودِجْلَةَ
- يُخْفينَهُ تحتَ أصْفادِ بابِلَ
- كي لايراهُ المَجوسْ.
- فَها هُوَ ذا يَزْدَجَرْدُ
- يُلَوِّحُ بالنَّارِ ثانِيَةً
- والجزيرةُ تَجْتَرُّ حَرْبَ البَسوسْ.
- وهاهُوَ يَضْرِبُ أَسْوارَهُ
- حولَ أسوارِ "مالكْ".
- يُلْقي بمَرْساتِهِ فوقَ صَدْرِ الخَليجِ،
- يُلَقِّنُهُ الفارِسِيَّةَ
- والأَزْدُ يَحْتَلِبونَ العزائمَ
- كلٌّ على قَدْرِ ناقتِهِ.
- أيها البَدَوِيُّ الجَريحُ
- على حَرْفِ هذا الزمانِ
- إليكَ يدايَ وعَهْدِي،
- وما تَرَكَ الفاتِحونَ على غُرَّةِ اللَّيلِ
- فالدَّرْبُ أقْصَرُ مِمَّا تُشيعُ القبيلةُ
- ذي قارُ آتيةٌ كالنّوارِسٍ
- والقادِسِيَّةُ لمَّا تَزَلْ
- ثّوْرَةً في الرِّمالْ.
- على حرفِ هذا الزمانِ
- تَطَرَّقْتُ يوماً
- وأَرْسَلْتُ قلبي على غَفْلَةِ اللّيْلِ
- طائِرَ شوْقٍ
- يَتوقُ إلى عَبَقِ الياسمينْ.
- وأَسْدَلْتُ فوقَ القديمِ منَ الشِّعرِ جَفْني ..
- لَعَلِّي أَرى فيه شيْئاً
- يُعيدُ الحُروفَ التي غُيِّبَتْ
- في حنايا السِّنينْ.
- لَعَلِّي أَرى نَوْرَساً
- شاءَ ألاَّ يغيبَ طَويلاً
- وآثَرَ أنْ يَسْبِقَ العائِدينْ.
- على حرفِ هذا الزَّمانِ
- وحيثُ تكونُ النُّجومُ البَعيدةُ
- أقربَ للقلبِ،
- تَفْنى المسافاتُ،
- يَتَّصِلُ الصُّبْحُ بالصُّبْحِ
- والبُرْتُقالُ بِيافا.
- تُعودُ إلى الرَّملِ رائِحَةُ الطَلِّ،
- يَلْتَحِمُ الوطنُ المُتَناثِرُ
- في قلبِ سَوْسَنَةٍ
- تَشْتَهي الدِفْءَ،
- توقِظُنا الذِّكرياتُ
- فنورقُ رَغْمَ الخَريفِ
- ونُزْهِرُ رَغْمَ الشتاءْ.
- هنا لا تُسيءُ الطُّيورُ
- ولكنَّها تَتَطرَّفُ في الصَّحْوِ
- إنْ فَسَدَ المِلْحُ
- أوجُيِّرَ الشُّعَراءْ.
المزيد...
العصور الأدبيه