الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الطقس الأخير >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- في حضرةِ الطّقسِ الأخيرِ
- تَبيضُ في العُشِّ القَصِيِّ حمامةٌ خجلى ..
- فتَبْيَضُّ القِلاعُ الحُمْرُ
- راياتُ الثُغورِ
- سلاسلُ الأسرى
- عيونُ النائحاتِ على الشواهِدِ
- أين تمضي أيها العبدُ الفقيرُ ..؟
- أهلكْتَ من سيجيءُ بعدكَ ..
- تشتهيكَ الريحُ ألا تبرحَ الميناءَ
- والفُلكُ التي تَبْني بعينِ اللهِ
- مُنكرةٌ بهذا الساحلِ المسكونِ بالنسيانِ
- والجودِيُّ لا يقوى على حملِ الحقيقةِ مرّتينِ ..
- فقِفْ،
- فِداؤُكَ كل باكيةٍ تنوحُ على سِواكَ
- وكل أرضٍ لا تتوقُ إلى شِتائكَ ..
- أنت جرحُ الأرضِ
- فاسكُنها بما أوتيتَ من وجعٍ،
- تَباهَى بالقليلِ من الرّجاءِ
- وبالكثيرِ من الفجيعةِ
- قُل لهم :
- ها إنني اجتزتُ المسافةَ .. وانتهيتْ.
- ياسيّد الصبحِ الغريبَ
- أرِ الطيورَ سبيلَها ..
- وافتحْ سماءَكَ للعُروجِ إليكَ
- واستَبِقِ النساءَ إلى الرجالِ
- مُعطّراً بالخصبِ والموتِ الشهِيِّ على التخومِ
- أرِ النجومَ مواطِنَ البدْوِ الذينَ تناسلوا
- في غفلةِ الوقتِ
- ارْتعِشْ،
- كالسّعفةِ النشوى بما هَمَسَ النسيمُ.
- أطِلْ بقاءكَ في حجيجِ الليلِ
- حتى الهَدْيِ ..
- لا تبرحْ مقامكَ
- واشهدِ الذبحَ الخُرافةَ
- واعتصمْ بالحُزنِ
- تنجُ من الخديعةِ،
- أيها الوجعُ العظيمُ.
- في حضرةِ الطّقسِ الأخيرِ
- تَلوحُ فاتِحةُُ
- فتنتفِضُ الرّؤوسُ على نُطوعٍ
- من حريرِ الخوفِ،
- تنْكَمِشُ الرّقابُ وتستقيمُ.
- طوعاً تُساقُ العيرُ نحو فنائِها ..
- فتظلُّ شامخةً
- وفي أخفافِها يثِبُ الجحيمُ.
- من أيِّ نافذةٍ تُطِلُّ،
- ترى النّعاسَ يُكحّلُ الطُّرُقاتِ
- والقِطَطَ الأليفةَ
- تحتَ جُدرانِ البيوتِ
- تُطِلُّ ثانيةً،
- ترى عرقَ الكُسالى
- في كُؤوسِ الليلِ يغلي،
- كلما هبطَ الكلامُ.
- تُطِلُّ ثالثةً،
- ترى الّلا شيءَ يكبُرُ في الشوارِعِ،
- يُغرِقُ الجُدرانَ،
- والقِطَطَ الأليفةَ،
- والنّعاسَ.
- تُطِلُّ رابِعةً،
- يُباغِتكَ الظلامُ.
- يقتاتُ من عينيكَ هذا الشارِعُ الأعمى
- ومن كفّيكَ حبلُ الوُدِّ
- أدْبَرَتِ القوافِلُ نحوَ غايتِها
- وأنتَ مُعلّقٌ بينَ العَدُوَّينِ
- اسْتخَرْتَ،
- فما أمِنْتَ لغيرِ موتِكَ، حيثُ أنتَ
- كأنّكَ ما خُلِقتَ لغيرِ هذا الرّملِ
- فانبَجَسَتْ عيونُ الأرضِ في عينيكَ
- وارْتَعَدَ الغمامُ.
- من أيِّ مقبرةٍ ستنفُذُ يا سلامُ ؟
- هذي الشواهِدُ ، لا يموتُ لها قتيلُ.
- ستظلُّ شاخصةً بأحداقِ اليتامى،
- تَحْرِثُ الذّكرى ..
- فيكثُرُ في دواخِلِنا القليلُ.
- يا سيّدَ الصبحِ الغريبَ
- أرِحْ رِكابكَ ساعةً،
- حتى تميلَ الشمسُ
- قد أزرى بكَ الدّرْبُ الطويلُ.
- وارْفعْ لثامَكَ،
- كي تشُمُّ الطّلْعَ في قصصِ الصبايا
- العابِراتِ إلى غديرِ البوحِ
- لا تخشَ الملامَ،
- فإنّ مثلكَ ليس يجْحدُهُ النخيلُ.
- مرّرْ يديكَ على أديمِ الأرضِ،
- واسمعْ همسَ من نذوركَ للصُّبحِ العَصِيِّ،
- وأوْدَعُوا فيكَ الشّرارةَ يا فتيلُ.
المزيد...
العصور الأدبيه