الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
- فاقضِ فيها لها عَليك دُيونا
- كان عهدي بها ومن كان فيها
- أشرقت أوجهاً ولانت غصونا
- يا دياراً عهدتها قبل هذا
- جنَّة ً أزلفت وحوراً وعينا
- كنتِ للشادن الأغن كناساً
- مثلما كنتِ للهزير عرينا
- قَد وقفنا على بقايا رسومٍ
- دراساتٍ كأسطرِ قد محينا
- فبذلنا لها ذخائر دمعٍ
- كانَ لولا الوقوف فيها مصونا
- ذكَّرتْنا الهوى وعهدَ التصابي
- فذكرنا من عهدها ما نسينا
- هلْ عَجِبْتُم والحبُّ أمرٌ عجيبٌ
- كيفَ يَستعذبُ العذابَ المهينا
- أو سألتم بعد النوى عن فؤادي
- فسَلوا الظاعنين والنازحينا
- وبنفسي أحبَّة يومَ بانوا
- حرَّموا النومَ أنْ يمسَّ الجفونا
- عَرِّضوا حين أعرضوا ثم قالوا
- قَدْ فتنّاك في الغرام فتونا
- إنْ أطلنا الحنينَ شوقاً إليكم
- فعلى الصّبِّ أنْ يطيل الحنينا
- ربَّ ورقاءَ غرَّدتْ فشجتني
- وكذاك الحزين يشجي الحزينا
- ردَّدَت نَوحَها فردَّدت مني
- جنَّة ً أزْلِفَتْ وحوراً وعِينا
- ردّدي مااستطعت أيتَّها الورقُ
- شجوناً منالأسى ولحونا
- وأعيدي شكوى الغرام عَلَينا
- أشرَقَتْ أوجهاً ولانتْ غصونا
- لو شكوناك ما بنا لشرحنا
- أنْ يطيعَ المتيَّمُ اللاّئمينا
- ما أطعنا اللّوامَ والحبُّ يأبى
- أنْ يطيعَ المتيَّمُ اللاّئمينا
- لهفَ نفسي على مراشف ألمى
- أوْدَعَ الثغرَ منه دراً ثمينا
- أنَ عطفاً مهفهفُ القدّ قاسٍ
- كلّما زاد قسوة ً زدْتُ لينا
- يا شفائي من علّة ٍ برَّحت بي
- إنَّ في القلبِ منك داءً دفينا
- يا ترى تجمع المقادير ما كان
- وأنى لنا بها أن تكونا
- في ليالٍ أمضيتُها بعناق
- لا يظنُّ المريب فينا الظنونا
- فرَّقتنا أيدي النوى فافترقنا
- ورمينا ببينها وابتلينا
- بينَ شرقٍ ومغربٍ نَنْتَحيه
- فشمالاً طوراً وطوراً يمينا
- أسعدَ الله فِرقَة َ العزِّ لمّا
- فبذلنا لها ذخائر دمعٍ
- قدَّمتْه الولاة واتَّخَذَتْه
- في الملمّات صاحباً ومعينا
- واستمدَّت من رأيه فلقَ الصُّبحِ
- بَياناً منه وعلماً رصينا
- جذبَ الناسَ بالجميل إليه
- وحباهم بفضله أجمعينا
- فرأتْ ما يَسُرُّها من كريم
- من سُراة الأشراف والأنجبينا
- شِيمٌ عن إبائه في المعالي
- أسلكته طريقها المسنونا
- تَستَحيل الحزونُ فيه سهُولا
- بعدَ ما كانت السهول حزونا
- ويهون الأمر العظيمُ لديه
- وحَرِيٌّ بمثلِه أنْ يهونا
- زان ما شان في حوادث شتى
- ومحا ما يشين في ما يزينا
- فإذا قسته بأبناء عصري
- كان أعلى كعباً وأندى يمينا
- قد وجدناك والرّجال ضروبٌ
- والتجاريبُ تظهرُ المكنونا
- عروة ٌ من عرا السّعادة وثقى
- قد وثقنا بها وحبلاً متينا
- هذه الناس منذ جثت إليها
- زجرت منك طائراً ميمونا
- كلّ أرض تحلُّها كان أهلو
- ها بما ترتجيه مستبشرينا
- وإذا روّعتْ ومثلك فيها
- أصبحوا في ديارهم آمنينا
- يا شريفَ الأخلاق وابن شريفٍ
- أشرفَ الناس أثبتَ الناس دينا
- أحمدُ الله أن رأتكَ عيوني
- فرأتْ ما يَقُرُّ فيك العيونا
- وشممنا من عرف ذاتك طيباً
- فكأنّي إذ ذاك في دارينا
- وَوَرَدْنا نداك عذباً فراتاً
- إنّما أنتَ منهلُ الواردينا
- لك في الصالحات ما سوف يبقى
- ذكرها في الجميل حيناً فحينا
- حزتَ فهماً وفطنة ً وذكاءً
- وتَفَنَّنْتَ في الأمور فنونا
- وتوّليتَ في الحقيقة أمراً
- كان من لطفه المهيمن فينا
- سيرة ترتضى جبلتَ عليها
- ومزايا ترضي بها العالمينا
- فاهنا بالصَّوم والمثوبة فيه
- وجزيل الصيّام في الصائمينا
- وبعيدٍ يعودُ في كلِّ عامِ
- لكَ بالخيرِ كافلاً وضمينا
المزيد...
العصور الأدبيه