الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
- إلاّ وأشْرَقَ بَدْرٌ كان محتجبا
- لا ينزع الله مجداً كان مُعطيَه
- آلَ النبيّ ولا فضلاً ولا أدبا
- الكاشفون ظلام الخطب ما برحوا
- بيضَ الوجوه وإنْ صالوا فبيض ظبا
- من كلّ أبلجَ يزهو بهجة وسناً
- تخاله بضياء الصبح منتقبا
- قد أنفقوا في سبيل الله ما ملكوا
- واستسهلوا في طلاب العزِّ ما صعبا
- هم الجبال کشمخرَّت رفعة ً وعُلى ً
- هُم الجبال وأما غيرهم فرُبا
- أَبناءُ جدٍّ فما تدنو نفوسهُم
- من الدنيّة لا جدّاً ولا لعبا
- عارونَ من كلِّ ما يزري ملابسه
- يكسوهم الحسنُ أبراداً لهم قُشُبا
- ومُنْيَة ً قد حثَثْناها فتحسبها
- نجائباً لا وجى ً تشكو ولا لغبا
- إلى عليٍّ عليِّ القدر مرجعها
- نقيبُ أشراف غرّ السادة النجبا
- الواهب المال جمّاً غير مكتوث
- والمستقلّ مع الإكثار ما وهبا
- يريك وفر العطايا من مكارمه
- يوم النوال، وإنْ عاديتَه العطبا
- قد شرّف الله فرعاً للنبيّ سما
- إلى السماء إلى أنْ طاول الشهبا
- لِمْ لَمْ يشرَّفْ على الدنيا بأجمعها
- من كان أشرفَ هذي الكائنات إبا
- هذا هو المجد مجدٌ غير مكتسب
- وإنّما هو ميراثٌ، أباً فأبا
- من راح يَحكيهم بين الورى نشباً
- فليس يحكيهم بين الورى نسباً
- أنتم رؤوس بني الدنيا وسادتها
- إنْ عُدَّ رأسُ سواكم لاغتدى ذنبا
- لكم خوارق عادات متى ظهرت
- على العوالم كادت تخرق الحجبا
- رقّت شمائلك اللاّتي ترقّ لنا
- حتّى كأنَّك مخلوقٌ نسيم صبا
- وفيك والدّهر يخشى من حوادثه
- ويُرتجى رَهَباً إذ ذاك أَو رغَبَا
- صلابة َ قطُّ ما لانت لحادثة
- وقد تلين خطوب الدهر ما صلبا
- وعزمة ٍ مثل وري الزند لمستْ
- موجاً من اليمّ أضحى موجه لهبا
- تجنّب البخل بالطبع الكريم كما
- تجنّب الهجر والفحشاء واجتنبا
- فنال ما نال آباءٌ له سلفت
- ندبٌ إلى الشرف الأعلى قد انتدبا
- إنْ كان آباؤه بالجود قد ذهبوا
- فقد أَعاد بهذا الجود ما ذهبا
- فکنظر لأيديه إنْ جادت أنامله
- بالصِيبِ الهامل الهامي ترى عجبا
- أينَ الكواكب من تلك الماقب إذْ
- تزهو كما قد زهتْ بالقطر زهر ربا
- تلك المزايا كنظم العقد لو تليتْ
- على الرّواسي لهزَّتْ عطفها طربا
- يرضى العلاء متى يرضى على أَحَدٍ
- ويغضب الدهر أحياناً إذا غضبا
- قد بلّغت نعم العافين أنعمه
- فلم تدع لهمُ في غيره إربا
- يقول نائله الوافي لوافده
- قد فار جالب آمالي بما جلبا
- أكرمْ بسيّد قومٍ لا يزال له
- مكارمٌ تركت ما حاز منتهبا
- نَوْءُ السحائب منهلٌ على يَده
- فلا فقدنا به الأنواء والسحبا
- الكاسب الحمد في جود وبذل ندى ً
- يرى لكلّ امرئٍ في الدهر ما كسبا
- نهزُّ غُصناً رطيباً كلّ آونة
- يساقط الذهب الإبريز لا الرطبا
- فما وجَدْتُ إلى أيامة سبباً
- إلاّ وجدتُ إلى نيل الغنى سببا
- وحبذا القرم في أيام دولته
- حَلَبْتُ ضرع مرام قط ما حُلبا
- بمثله كانت الأيام توعدنا
- فحان ميعاد ذاك الوعد واقتربا
- حتى أجابته إذ نادى مآربه
- بمنصب لو دعاه غيره لأبى
- موقفٌ للمعالي ما ابتغى طلباً
- إلاّ وأدرك بالتوفيق ما طلبا
- سبّاقُ غاياتِ قَوم لا لحاق له
- وكم جرى إثْرَه من سابقٍ فكبا
- مُذ كنتَ أَنتَ نقيباً سيِّداً سنداً
- أوضحتَ آثار تلك السادة النقبا
- أضحكتَ بعدّ بكاء المجد طلعته
- وقد تبسّمَ مجدٌ بعدما انتحبا
- أحييتَ ما مات من فضلٍ ومن أدبٍ
- فلتفتخر في معاني مدحك الأدبا
- يا آلَ بيتِ رسول الله إنَّ لكم
- عليَّ فضلاً حباني الجاه والنشبا
- وأيدياً أوجبت شكري لأنعمها
- فاليوم أقضي لكم بالمدح ما وجبا
المزيد...
العصور الأدبيه