الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> رُمينا بأدهى المعضلات النوائب >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- رُمينا بأدهى المعضلات النوائب
- وفقدُ الذي نرجو أجلُّ المصائب
- وغائب قوم لا يرجّى إيابه
- وما غائب تحت التراب بآيب
- نؤمِّل في الدنيا حياة ً هنية ً
- وما نحن إلاّ عرضة للمصائب
- ونَغْتَرُّ في برق المنى وهو خلَّبُ
- وهيهات ما في الآل ماءٌ لشارب
- نصدّقُ آمالاً محالاً بلوغها
- ومن أعجب الأشياء تصديق كاذب
- تسالِمُنا الأيام والقصد حَرْبُنا
- وما هي إلاّ خدعة من محارب
- ونطمع أن تبقى ويبقى نعيمُها
- فلم يبق منها غير حسرة خائب
- فلا تحسبن الدهر يوفي بعهده
- أبي الله أن يرعى ذماراً لصاحب
- وإنّ الليالي لا تدوم بحالة
- وهل تترك الأحداث كسباً لكاسب
- يروقك منها ما يسوؤك أمرها
- وإنَّ الردى ما راق من حد قاضب
- وجود الفتى نفس الحمام لنفسه
- فلولاه لم يسلك سبيل المعاطب
- وتسعى به أنفاسه لحمامه
- وكم أصبح المطلوب يسعى لطالب
- كأنّا من الآجال وهي كواسر
- من الأسد الضرغام بين المخالب
- ولا يدفع السيفُ المنيَّة والقنا
- وتمضي سيوف الله من غير ضارب
- وكلٌّ لمطلوب الردى وهو لاعب
- كأنَّ المنايا لا تجدُّ بلاعب
- فمن لفؤاد راعه فقد إلْفِهِ
- فأصبح من أشجان نهب ناهب
- وجفن يهلُّ الدمع من عبراته
- على طيّب الأعراق وابن الأطايب
- على عمر الرماضان ذي الفضل والنهى
- أحاطت بي الأحزان من كلِّ جانب
- أذَبْتُ عليه يوم مات حشاشتي
- وأمسيت في قلبٍ من الحزن ذائب
- بكيت وما يجدي الحزينَ بكاؤه
- وضاقت علينا الأرض ذات المناكب
- فتى ً كان فينا حاضراً كلَّ نكبة
- فغاب ولكن ذكره غير غائب
- تذكّرني آثاره بفعاله
- فأبكي عليها بالدموع السواكب
- صبور على البلوى غيور إذا انتخى
- جميل السجايا الشمِّ جمّ المناقب
- وما زال بالآداب والفضل مفعماً
- ولكّنه إّ ذاك صفر المصائب
- وقد كان مثل الشهد يحلو وتارة
- لكالصلِّ نَفّاثاً سموم العقارب
- وكم أخبر التجريب عن كنه حاله
- ويَظْهَرُ كَنهُ المرء عند التجارب
- لسان كحدّ السيف ماضٍ غرارهُ
- وأمضى كلاماً من شفار القواضب
- وكم صاغ من تبر القريض جمانة
- وأفرغ معناها بأحسن قالب
- وزانت قوافيه من الفضل ألإقه
- فكانت كأمثال النجوم الثواقب
- وأدرك فضلَ الأوَّلين بما أتى
- فقصرّ عن إدراكه كلُّ طالب
- معانٍ بنظم الشعر كان يرومها
- أدقّ إذا فكرت من خصر كاعب
- لوى ساعد المجد المنون من الورى
- بموت أشمٍّ من لؤي بن غالب
- فتى ً كان يصميني الرَّدى في حياته
- ولما توفيّ كان أدهى مصائبي
- فتى ً ظلت أبكي منه حيّاً وميّتاً
- أصبتُ على الحالين منه بصائب
- رَعَيْتُ له من صحبة كلَّ واجب
- ولو ان حيّاً ما رعى بعض واجبي
- سقى الله قبراً مزنة الحيا
- وبُلّغَ في الجنّات أعلى المراتب
- ولا زال ذاك القبر ما ذرَّ شارق
- تجودَ عليه ذاريات السحائب
- ألا يا شهاب الدين صبراً على الأسى
- وليس يهون الصعب عند الصعائب
- نعزيك بالقربى على كل حالة
- وفي عزّ ربّ المجد عزّ الأقارب
- فإنك أرعى من عليها مودة
- وإنك أوفى ذمة ً للمصاحب
- وإنكَّ ممن يهتدي بعلومه
- كما يهتدي الساري بضوء الكواكب
- عن البحر عن كفيك نروي عجائباً
- ولا حَرَجٌ فالبحر مأوى العجائب
- إذا كنتَ موجوداً فكليّ مطامع
- ونيل الثريا من أقلِّ مآربي
المزيد...
العصور الأدبيه