الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
- فزاد به وجودُ الذكر وَجْدا
- وأضناه الهوى بغرام نجد
- فأَصبحَ بالضّنى عظماً وجلدا
- وشامت منه أعينه فأورى
- وميض البرق في الأحشاء زندا
- فمن لجوانح مُلِئَت غراماً
- كما ملئت عيون الصَّبّ سهدا
- وفي تلك المنازل كا قلبي
- فمذ فقد الأحبة راح فقدا
- سقى أطلال رامة في غوادٍ
- تخدد ثم وجه الأرض خدا
- وحيّاها حَياً يحكي دموعي
- بها يسقي ها علماً ووهدا
- وكيف سلوّ أهل الخفيف ودّي
- ولم أسلُ لهم في البين ودّا
- تصدّى ظبيُ لعل في تلافي
- وأسلبني التصبّر حين صدّا
- وظلم منه حرّم رشفِ ظلمٍ
- سواه لا يريني الوجد بردا
- أعينا مغرم العينين صبّاً
- تَعدّته السّهام وما تعدّى
- لعمرك ما الهوى إلاّ هوانٌ
- ومَن رام الملاح وما تردّى ؟
- وكم مولى ً تعرّض للتصابي
- فصيّره الهوى بالرغم عبدا
- خليليَّ اسلكا فينا حديثاً
- لنجفو عنده سلمى وسعدى
- وهاتا لي بمحمود مديحاً
- وقولاً فيه مدحاً ما تودّا
- به الرحمن أودع كلَّ فضلٍ
- وفي برد الفضائل قد تردّى
- إذا عدّوا أكابر كلّ قومٍ
- ولم يعطف على دَنِفٍ كئيب
- لقد زرع الجميل بكل قلب
- فكلٌّ فاه في علياه حمدا
- وحلّ له على الإسلام شكراً
- فصار عليهم فرضاً يؤدّى
- وَعَمَّ ثناؤه شرقاً وغرباً
- وسَيَّر ذكره غوراً ونجدا
- ويبسط راحة ً تنهلّ جوداً
- أحبّ مكارم الكرماء وفدا
- ونوردُ من يديه إذا ظمئنا
- فيسقينا بذاك الكفّ شهدا
- وندفع في عنايته خطوباً
- إذا أضحت لنا خصماً ألدا
- متى يممته تجدو نداه
- أفادك من كلا البحرين رفدا
- فهذا أعلم العلماء طراً
- وأكرمُ من أفاد ندى ً وأجدى
- وكم من حاسدٍ لعلاه يوماً
- فمات بغيظه حسداً وحقدا
- وأمَّل مجده فغدا كليلاً
- ورام بلوغ همّته فأكدى
- أردنا أنْ نعدّ له صفاتٍ
- فما اسطعنا لذاك الفضل عدا
- وحاولنا نروم له نظيراً
- فان بعصرنا في الناس فردا
- تقلّد منه هذا الدين شيفاً
- وزيّن فيه هذا العصر عقدا
- وقلنا كالحسام العضب عزماً
- نفاق غراره قطعاً وحدا
- وقسنا كفّه بالمزن جوداً
- فكان يمينه من ذاك أندى
- ويمزج لطفه آنا وقاراً
- يذوب فكاهة ويشد وجدا
- وصال بمحكم الآيات يوماً
- وهدّ عقيدة الأغيار هدا
- أبان لأهل إيران بياناً
- فحيَّرهم بما أخفى وأبدى
- دلائل ما استطاعوا ينكروها
- وكيف الحقُ ينكر إذ تبدّى
- وبحر ما له جزر ولكن
- يكون له مدى الأيام مدا
- يجرّد من سيوف الله بيضاً
- ويركب من خيول العزم جردا
- كفى أهل العراق به افتخاراً
- فقد نالوا به عزاً ومجدا
- فما ضلّت لعمر أبيك قوم
- تروم بعلمه للحق رشدا
- وما أرضى بها إلاّك يفدى
- طلبت العلم لا طلباً لمال
- فنلت بذاك توفيقاً وسعدا
- ولو يعطي الرجال على حجاها
- إليك من القليل الأرض تهدى
- ولم لا منك تغتاظ الأعادي
- وهم جيفٌ وشمّوا منك ندا
- فظنوا قاربوك بكلّ شيءٍ
- وهيهات التقارب صار بعدا
- عليك أبا الثناء يبثّ عبد
- مدى أيامه شكراً وحمدا
- نعيد باسمك السامي قصيداً
- ولا نبغي سوى المرضاة قصدا
المزيد...
العصور الأدبيه