الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
- فمن منزلٍ عزٍّ إلى منزلٍ فخر
- بأمر وليّ الأمر سرت ولم تزل
- كما أنت تهوى صاحب النهي والأمر
- دعاك إليه فاستجبت كأنّما
- دعاك وزير العصر دعوة مضطرِّ
- ومثلك من يُدعى لكلِّ مُلِمَّة ٍ
- من الدهر مقدام على نوب الدهر
- تعدّك للخطب الملوك ذخيرة
- وأن الرجال الشوس من أنفس الذخر
- فإمّا إلى حرب وقد شبّ جمرها
- لها شرر ترمي به الجميع كالقصر
- وإمّا إلى بأسٍ شديدٍ وقدرة
- وإمّا إلى عالٍ رفيع من القدر
- طلعت على بغداد يوماً فشاهدت
- بوجهك يا مولى الورى طلعة البدر
- تباشرت الأشراف حين تحقَّقت
- قدومك بالإكرام والنائل الوفر
- إذا قيل وافى بندر قال قائل
- من البشر وافاكم إذَنْ وابل القطر
- فأغمرتهم بالفضل حتى ملكتهم
- ببّرك، إن الحرَّ يملكُ بالبر
- قضت بك أعياد المسَرَّة والهنا
- وهاتيك أعيادٌ تعدُّ من العمر
- وشد وزيرٌ أزره بك فاغتدى
- لعمري قويَّ الأزر منشرح الصدر
- ولما نشرت العدل من بعد طيّه
- وأحسنت طيَّ الجور في ذلك النشر
- ذكرت لسلطان السلاطين كلّها
- وقد قيل إنَّ الأذنَ تعشقُ بالذكر
- فأهدى إلى علياك ما أنت أهله
- فقارن بدر التّمَّ بالكواكب الدري
- وأرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً
- وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
- وقد جئت مسرور الفؤاد مؤيّداً
- من الله بالتوفيق والفتح والنصر
- تجرُّ ذيول الفخر تيهاً على العدى
- ألا إنَّ خفض العيش من ذلك الجرِّ
- تحفُّ بك الفرسان من كلِّ جانب
- وتدعو لك الأملاك بالسرّ والجهر
- ولما رأيت الماء طمَّ على القُرى
- وأصبح في إفساده أبداً يجري
- طغى والذي يطغى وقد مدَّ باعه
- ليفسدَ أمسى مدهُّ منك في جزر
- وما سال مثل اليل إلاّ رددته
- وخليت منه سائل البحر في نهر
- سلكت به النهج القويم لو اهتدى
- لما ضلَّ هذا الماء في مهمه قفر
- حشرت لسدّ الماء كلَّ قبيلة ٍ
- لها وقفة ترضيك في وقفة الحشر
- تسدُّ ثغوراً لا تسدُّ ولم يكن
- سواك سداد في الحقيقة للثغر
- فكيف إذَن بحر أضرَّ وإنَّما
- فعلتَ بهذا البحر فعلك في البر
- وما زلت مدعوَّ الجناب لمثلها
- فتكشف ما قد حلّ بالناس من ضُرِّ
- تدافع عن ملك العراق وأهله
- مدافعة المغتار عن ربة الخدر
- يضرب ظباً بيض تأجَّجُ بالرّدى
- وطعن قناً سمرٍ أحرَّ من الجمر
- وأنتم أباة الضيم ما ذلَّ جاركم
- ولا نظرتكم أعين الضيم عن شزر
- لكم والليالي حيث تمضي وتنقضي
- على كل حال كان في العسر واليسر
- بيوت على شط الفرات رفيعة
- يرى نارها تبدو لمن حلّ في مصر
- ولولا طروق الضيف من كل وجهة
- لما بنيت إلاّ على الأنجم الزهر
- وما ضلّ ساري الليل إلاّ اهتدى بها
- كنور سنا الإسلام في ظلمة الكفر
- إلى الغاية القصوى إلى الجود والندى
- إلى منزلٍ رحب إلى نائل وفر
- فللضيف فيها مشهد الحج في منى
- وللنوق فيها للقرى مشهد النحر
- مكارم قد أورثْتُموها قديمة ً
- وتلك مواريث لآبائك الغر
- سلكت بتلك الخيم ما سلكت به
- وما سلكت إلاّ بمسلكها الوعر
- تسلُّ السيوف البيض كفك للورى
- فكفّك للجدوى وسيفك للقهر
- وعلّمتها ضرب الرقابِ فأصبحت
- تقدّ رقاب الفاجرين ولا تدري
- ملأت فؤاد الضدّ رعباً ورهبة
- وأوّل ما ترمي أعاديك بالذعر
- فهابك من خلَّ العراقَ وراءه
- فكيف بمن لا يستزل عن الوكر
- ولم تنج من صمصام صولتك العدى
- ولو أنها طارت بأجنحة النَّسر
- لك الله ما شيدت بيتاً من العلى
- على غير سمر الخطّ والقضب البتر
- لك المدح منّا والثناء بأسره
- على أنَّ في الأخرى لك الفوز بالأجر
- عن النعم اللاّتي بلغنا بها المنى
- وبيض أيادٍ منك في الأزمن الغبر
- تجل عن التعداد إنْ هي أحصيت
- فيا ليت شعري ما أقول من الشعر
- عجزت بأن أقضي لها حقّ شكرها
- فليس يعني نظمي بذاك ولا نثري
المزيد...
العصور الأدبيه