الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن معصوم المدني >> وافى إليك بكأس الراح يرتاح >>
قصائدابن معصوم المدني
- وافى إليك بكأس الراح يرتاح
- كأنه في ظلام الليل مصباح
- ساقٍ لعشاقه من جنح طرته
- وضوءِ غرَّتِه ليلٌ وإصباحُ
- لم تدر حين يدير الراح مبتسماً
- من ثغره العذب أم من كأسه الراح
- أمْسى النَّدامى نَشاوَى من لَواحِظه
- كأن أحداقه للخمر أقداح
- إن راح يرتاح من ماء الشباب فلي
- قلبٌ عليه بنارِ الوجدِ يَلتاحُ
- أما ترى عاشِقيهِ من هُيامِهمُ
- غدوا عليه بوجدٍ مثل ما راحوا
- طَووا على سِرِّ شكواهُ ضمائرَهم
- ولو أباحَ لهم شكواهُ ما باحُوا
- أما الصَّبوحُ فقد لاحت لوائحُهُ
- رق الظلام وجيب الأفق منصاح
- وفاح عرف الصبا عند الصباح شذاً
- كأنه بأريج المسك نضاح
- وصاحَ بالقوم شادٍ هاجَه طرَبٌ
- وبلبلٌ في فروع الدوح صياح
- فامسَحْ من النَّوم جَفناً زانَه كحَلٌ
- وحمَّل الكفَّ كأساً زانَه راحُ
- وأحي بالراح أشباحاً معطلة ً
- فإنَّما هي للأشباح أرواحُ
- أما ترى العُودَ قد رنَّت مثالِثُه
- له بألسِنة الأوتار إفصاحُ
- تشدو به قينة ٌ غراء آنسة ٌ
- كأنَّ مِضْرَبَهَا للأُنس مفتاحُ
- يرتاحُ في حِجرها من صَوتها طرَباً
- كأنه غصنٌ في الروض مرتاح
- والصبح قد لاحَ تجلو الليلَ طلعتُه
- كأنما الليل وعدٌ وهو إنجاح
- وساحَ يَملأُ آفاقَ السَّماء سَنى ً
- وغص للأرض من أضوائه ساح
- والروض قد نفحت ريا نوافحه
- وهبَّ منها على الأرواح أرْواح
- قم فاسقنيها على ورد الخدود فقد
- زها وفاح بها وردٌ وتفاح
- لا يلهينك حزنٌ بان عن فرحٍ
- فإنَّما الدهرُ أفراح وأتراحُ
- سَقياً لعصرٍ مضى بالسَّفح من إضم
- إذ الزمان بما أهواه سماح
- وإذْ دواعي الهوى للَّهوِ داعية ٌ
- والقلبُ في راحة ٍ والعيشُ رَحْراحُ
- والنفس من غير شغل الحب فارغة ٌ
- والأنسُ تُملأ من راحاتِه الراحُ
- أيام لا مشربي مرٌ مذاقته
- كلا ولا ورده المعسول ضحضاح
- لا تعجبنَّ لجَفْني إذ بُكاهُ دماً
- فإنَّه من قَليب القلبِ يَمتاحُ
المزيد...
العصور الأدبيه