الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن معصوم المدني >> لقد آن أن تثني أبي زمامها >>
قصائدابن معصوم المدني
- لقد آن أن تثني أبي زمامها
- وتسعف مشتاقاً برد سلامها
- سلامٌ عليها كيف شطت ركابها
- وأنى دنت في سيرها ومقامها
- حملتُ تَمادي صدِّها حين كان لي
- قوى جلدٍ لم أخش بث التئامها
- وكنتُ أرى أنَّ الصُّدودَ مودَّة ٌ
- ستدلي بقرب الود بعد انصرامها
- فأمَّا وقد أوْرى الهوى بجوانحي
- جوى غلة ٍ لم يأن بل أوامها
- فلستُ لَعمري بالجليد على النَّوى
- وهل بعدَها للنفسِ غيرُ حِمامها
- إذا قلتُ هذا آن تنعمُ بالرِّضا
- يقول العِدى هذا أوانُ انتقامِها
- أطارَحَها الواشونَ أنِّي سلوتُها
- وها أنا قد حكمتها في احتكامها
- أبى القلب إلا أوبة ً لعهودها
- وحفظاً لها في ألِّها وذِمامِها
- يسفهني فيها وشاة ٌ ولومٌ
- ومن سَفهٍ إفراطها في ملامها
- وهل طائلٌ في أن يلوم على الهوى
- طليقٌ وقلبي موثقٌ بغرامها
- وأتعبُ مَن رام العذولُ سلوه
- محبٌّ يَرى نيلَ المنى في التزامها
- وإنِّي بعد الوصل أرجو لقاءَها
- لِماماً ولكن كيف لي بلمامِها
- أحبُّ لريَّا نَشرها كلَّ نفحة ٍ
- تمرُّ بنجدٍ أو خُزامى خزامِها
- سقى أرضَ نجدٍ كلُّ وطفاءَ ديمة ٍ
- وما أرضها لولا محط خيامها
- أجلْ وسَقى تلكَ الربوع لأجلها
- وأغدق مرعى رندها وبشامها
- هوى ً أنشأتهُ المالكيَّة ُ لم يزل
- وثيقاً على حل العرى وانفصامها
- فهل علمتْ أنَّ الهوى ذلك الهوى
- وأن فؤادي فيه طوع زمامها
- ولم يبق مني الوجد غير حشاشة ٍ
- تراد على توزيعها واقتسامها
- كفاكِ فحسبي من زماني خطوبه
- فإنَّ فؤادي عُرضة ٌ لسهامها
- أساور منها كل يوم وليلة
- صروفاً قعود الجد دون قيامها
- إلى الله أشكوها حوادثَ لم تزل
- تروع حتى مقلتي في منامها
- ولولا رجائي في أجل مؤمل
- رجوت لنفسي منه برء سقامها
- إذن لقضى خطب الزمان وصرفه
- عليها وأمست في إسارِ لِزامها
- هو الأبلج الوضاح أشرق نوره
- فجلى عن الدنيا قتام ظلامها
- أجل ذوي العليا وواحد فخرها
- وأكرم أهليها ومولى كرامها
- حمى حوزة المجد المؤثل والعلى
- فأصبح من عليائها في سنامها
- وقام بأعباءِ الشريعة ناهضاً
- فأيدها في حلها وحرامها
- به أينعت روضُ النَّدى وتهدَّلت
- فروعُ العُلى وانهلَّ صوبُ غمامها
- فتى ً لا يرى الأموالَ إلاَّ لبذلها
- إذا ما رآها غيره لاغتنامها
- له مننٌ يَربو على الحصر عدُّها
- غدا كل راج سارحاً في سوامها
- نمتهُ سَراة ٌ من ذؤابة هاشمٍ
- رقتْ شامخاتِ المجد قبلَ فطامِها
- ولاحَت نجوماً في سماءَ فخارِها
- فأشرق فيها وهو بدر تمامها
- أمولى الموالي شيخها وغلامها
- وربَّ المعالي فذِّها وتَؤامِها
- رقيت من العلياء أرفع ذروة ٍ
- مقام ذكاءً والبدر دون مقامها
- فأصبح لا يرجو لحاقِك لاحقٌ
- بعلياك إلاَّ شانَها باهتضامِها
- فدتك أناسٌ أنت أول عزها
- ودولة ُ قومٍ كنت بَدءَ قِوامِها
- يُناويكَ فيها جاهلٌ كلُّ همِّه
- دراكك في سبل العلى واقتحامها
- وهيهات كم جاراك جهلاً عصابة ٌ
- فخلَّفتَها آنافها في رَغامها
- وكم غابطٍ نُعماك لجَّ بجهله
- ضلالاً وقد أوردته من جمامها
- فأغضيت عنه صافحاً متفضلاً
- وعادت عليه هاطلات انسجامها
- وإنِّي على ما قد جنيتُ لواثقٌ
- بسَهل السَّجايا منك لا بعُرامها
- فهل تسعفني من رضاك بنظرة ٍ
- تنال بها الآمال اقصى مرامها
- يكاد يحلُّ اليأسُ نفسي لما بها
- إذا نظرت فيما جنت باجترامها
- وتطمعني أخلاقك الغر أنها
- رياضٌ زهت أنوارها في كمامها
- فكيف وقد منَّيتَني منك مُنية ً
- بوعد أرى كلَّ المنى في استلامِها
- وأنك ممن يسبق القول فعله
- وكم من رجال فعلها في كلامها
- وقُربي إليك ـ الدهرَ ـ أقصى مطالبي
- وإن كثرت من روقها ووسامها
- فخذها نظام الدين وابن نظامه
- محبَّرة ً تزهو بحسن نِظامِها
- ضننت بها عن كل سمعٍ وإنما
- مديحك كان اليوم فض ختامها
المزيد...
العصور الأدبيه