الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن معصوم المدني >> شقَّ الدُّجى عن نحره الفجرُ >>
قصائدابن معصوم المدني
- شقَّ الدُّجى عن نحره الفجرُ
- وبَدتْ عليه غلائلٌ خضرُ
- وافترَّ يبسمُ عن تبلُّجهِ
- ضوء الصباح كأنه ثغر
- والشمس قد نهضت لمشرقها
- فانهض بشمسك أيها البدر
- واشفَعْ بها شمسَ الصباح وإنْ
- أضحت وبدء شروقها العصر
- واستضحك الدهر العبوس بها
- فبمثلها يستضحك الدهر
- واسْتجلِها بِكراً مُعتَّقة ً
- تَصبو إليها العاتِقُ البِكرُ
- حمراءُ تسطعُ في زجاجتِها
- فكأنَّها لو لم تذب جَمرُ
- وكأنما إبريقها سحراً
- إذْ قَهقَهَتْ لحَمامِه وَكْرُ
- جليت على خطابها فحكت
- عَذراءَ ما عن وصلِها عُذرُ
- يسعى بها ساقٍ لواحظه
- سكرى وصفو رضابه خمر
- حلوُ الهوى عَذبٌ مقبَّلُه
- لكن مذاق مطاله مر
- أو غادة ٌ رُؤدٌ غدائرُها
- ليلٌ وضوء جبينها فجر
- هيفاءُ لولا عَقْدُ مِنْطَقِها
- لم يستقلَّ بِردْفها الخِصرْ
- خرعوبة ٌ جمٌ محاسنها
- لكنما إحسانها نزر
- في روضة ٍ وشَّى الربيعُ لها
- حللاً فطرز وشيها القطر
- والبرق شق بمرجها طرباً
- جيب الحيا فتبسم الزهر
- وشَدَت بها الوَرقاءُ مطربة ً
- فتمايست أغصانُها الخُضرُ
- واهاً لمجلسنا وقد جمعت
- فيه المُنى وتهتَّك السِّترُ
- إبريقنا ذهبٌ وخمرته
- ياقوتَة ٌ وحَبَابُها دُرُّ
- وليومنا وسقاة أكؤسنا
- صبحٌ أغر وأوجهٌ غر
- دعتِ المُدامُ إلى الصَّبوح به
- من ليس يُثقلُ سمعَه وَقْرُ
- إنْ لم يَطبْ سُكرٌ لشاربها
- فمتى يَطيبُ لشارب سُكرُ
- فاشرب ولا تقل الزمان قضى
- أن لا يفوز بلذة ٍ حر
- شمل الزمان ندى أبي حسنٍ
- فصفا وزال بيسره العسر
- وسرت تَهلَّلُ من أناملِهِ
- لبني الرجاء سحائبٌ عشر
- سحبٌ ولكن ودق صيبها
- تِبرٌ ولمعُ وميضِها بِشرُ
- فالخلق من يمنى يديه لهم
- يمنٌ ومن يسراهما يسر
- وحكَتْ عوارفُه معارفَه
- فتدفقا فكلاهما بحر
- بحرٌ ولكن لجُّ نائِله
- ما رد سائل فيضه نهر
- برَّت باخلاصٍ سريرتُه
- فهو التقي المخلص البر
- أسمِعْ به وانظر إليه تَجِدْ
- خبراً يحقق صدقه الخبر
- ذو همَّة ٍ كادَت لعزمتها
- صم الصخور يذيبها الذعر
- لو رامَ يصطادُ النجومَ بها
- لم يأو وكر سمائه النسر
- من دَوحة سُقيت أرومتُها
- ماء العلى ونما بها الفخر
- فتهدلت أغصانها كرماً
- زكت الفروعُ وأنجبَ العِتْرُ
- يا أيها البدء الذي شكرت
- جَدوى يديه البدوُ والحَضْرُ
- شعري بمدحك لا أضن به
- فلمثل مدحك ينظم الشعر
- وإليهكا عقداً مفصلة
- لم يحل قط بمثلها نحر
- وافت مُهنِّئة بمرتبة ٍ
- بك قد سما لمقامها قدرُ
- واسلم مدى الأيّام مُرتقياً
- رتباً يضيق لعدها الحصر
المزيد...
العصور الأدبيه