الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن معصوم المدني >> سقياً لمَثْناة ِ الحجاز وطيبها >>
قصائدابن معصوم المدني
- سقياً لمَثْناة ِ الحجاز وطيبها
- ولسُوحِ رَوضتِها وسَفح كثيبِها
- وظِلالِ دوحٍ في شَريعتها التي
- تنسابُ بين مَسيلها ومَسيبِها
- ورياضِ بَحْرتها التي فاقت على
- كلِّ الرِّياض بحسنِها وبطيبها
- يَنفي الوَبا عن مائِها وهوائِها
- وترابِها ما صحَّ من تَركيبها
- لله عَقْوتُها التي نالت بها
- نفسي من اللَّذات كلَّ نصيبها
- كم بتُّ فيها ساحباً ذيلَ الصِّبا
- أختالُ بين رَبابِها ورَبيبها
- ويكفُّني حلمُ الحِجا حتى إذا
- دبَّت حُميَّا الكأسِ بعض دَبيبها
- مزَّقتُ جلبابَ الوَقار بصبوَة ٍ
- ما زال دهري مُعجَباً بعجيبها
- واهاً لها من ليلة ٍ لم يألُ لونُ
- سُلافِتا الذَّهبيُّ في تذهيبِها
- كم شنَّفتْ كأساً بدُرِّ حَبابها
- بل كم شفت نفساً بقُرب حبيبها
- يا ساقيَ الراح الشهيَّة هاتِها
- وأرحْ براحَتها فؤادَ كئيبها
- قرِّب كؤوسَك ـ لا نأيتَ ـ فلا غِنى ً
- إن رمتَ بُعدَ الهمِّ من تقريبها
- أدِم اصطِباحاً واغتباقاً شِربَها
- فالأنسُ موقوفٌ على شرِّيبها
- صِفها بأحستِ وصفِها ونُعوتها
- واختَزْلها الألقابَ في تَلقيبها
- حمراءُ تسطعُ في الكؤوس كأنَّها
- ياقوتة ٌ ذابتْ بكفِّ مُذيبها
- صرفت همومَ الشاربين بِصرْفها
- وافترَّ ثغرُ الكأس من تَقطيبها
- لو لم يكنْ في الرَّوض مغرسُ كرمها
- ما رجَّعت ورقاءُ في تَطريبِها
- دعت العقولَ إلى الذُّهول فلم يفز
- بجوامع اللذَّات غيرُ مُجيبها
- ومليحة ٍ قد أشْبَهتْ شمسَ الضُّحى
- في الحُسن عند طلوعها ومَغيبها
- تبدو فتختطفُ العيونَ مضيئة ً
- بشروقها وتغيبُ في غِرْبيبها
- شبَّت فشبَّت في الحشا نارُ الأسى
- فقصرتُ أشعاري على تشبيبها
- ناسبتُها ونسبتُ في شِعري بها
- فاعجبْ لحُسن نَسيبها لنَسيبها
- ومن العجائب أنَّ جمرة َ خدِّها
- تذكو فيشكو القلبُ حرَّ لهيبها
- ما زال منذُ فقدتُّها وَصَبِي بها
- يَقضي بصبِّ مدامعي وصَبِيبها
- ما ساغَ موردُ وصلها لي ساعة ً
- إلاَّ أغصَّتني بعين رَقيبِها
- بالله ربِّكم اسمَعوا أشرَحْ لكمِ
- في الحبِّ أحوالي على تَرتيبها
- أبصرتُها فعشِقتُها فطلبتُها
- فمُنِعْتُها فقضيتُ من كلفي بها
- يا عاذِلي ما رمتَ راحة مهجتي
- من وجدها بلْ زدْتَ في تعذيبها
- لا تكثرنْ نُصحي فتلكَ نصائحٌ
- يكفيكَ صدقُ هوايَ في تكذيبها
- ما هُنَّ غيرُ وساوسٍ تهذي بها
- عندي وان بالغتَ في تهذيبها
- هيهات يَسلو بالمَلامة مغرمٌ
- يزدادُ فرطُ هواهُ من تأنيبها
- ويرى السلوُّ مصيبة ً من بعدما
- رشقته نبلُ لحاظِها بمصيبها
- ما زلتُ انتخبُ القريضَ لوصفها
- ولمدح مُنتخَب العُلى ونجيبها
- مُولي المعارِف والعوارفِ والنَّدى
- وعريفِ ساداتِ الهُدى ونَقيبِها
- ان عُدَّت الأنسابُ فهو نسيبُها
- وحسيبُها المشهور وابنُ حسيبها
- حاز الفخارَ بِنسْبة ٍ نبويَّة ٍ
- هي في غنى ً عن بُردها وقضيبها
- وروى مُعنعنَ مجده برواية ٍ
- جلَّت عن ابن قَرينها وقَريبِها
- ندبٌ إذا افتُرِغَتْ منابرُ مِدحة ٍ
- كانت مناقبُه لسانَ خَطيبها
- وإذا المجالسُ بالصدُور تزاحمتْ
- فحسينُها الحسنيُّ صدرُ رَحيبها
- هو كعبة ُ الفضلِ التي يَهوي لها
- من أمَّة الفُضلاءِ قلبُ مُنيبِها
- ذلَّت وأذعَنتِ الأباة ُ لمجدِه
- إذعانَ هائِبها لبأس مَهيبها
- يا أيُّها الشهمُ الذي سَبقَ الورى
- ببعيدِ غاياتِ العُلى وقَريبها
- جُزتَ السماء بمُرتقى ً قد قصَّرتْ
- عن أن تَنالَ عُلاه كفُّ خَضِيبها
- وحويتَ إبَّانَ الشَّباب مَفاخراً
- لم يحوِها شيبٌ أوانَ مَشيبِها
- لله دَرُّكَ من جَواد ماجدٍ
- ضحكت به الآمالُ بعد نَحيبها
- وإليكها غرّاءَ تستلبُ النُّهى
- بأوانسِ الألفاظِ دونَ غَريبها
- وافتكَ تشرحُ شوقَ نَفسي عندما
- حنَّت إلى لُقياكَ حَنَّة نِيبِها
- قايسْ بها الأشعارَ في حُسنٍ تجدْ
- شعرَ المحبِّ يفوقُ شِعرَ حبيبِها
- واسلمْ ودُم في نعمة ٍ طولَ المدى
- تختالُ من أبرادِها بقَشِيبها
- ما رنَّحتْ ريحُ الصِّبا زهرَ الرُّبى
- أو غرَّدت ورقاءُ فوقَ قضِيبِها
المزيد...
العصور الأدبيه