الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن معصوم المدني >> دع الندامة لا يذهب بك الندم >>
قصائدابن معصوم المدني
- دع الندامة لا يذهب بك الندم
- فلست أول من زلت به قدم
- هي المقادير والأحكام جارية ٌ
- وللمهيمن في أحكامه حِكمُ
- خفِّض عليك فما حالٌ بباقية ٍ
- هيهات لا نعمٌ تبقى ولا نقم
- قد كنت بالأمس في عز في دعة ٍ
- حيث السرور وصفوا العيش والنعم
- واليوم أنتَ بدار الذلِّ مُمتهنٌ
- صفرُ اليدين فلا بأسٌ ولا كرمُ
- كأن سيفك لم تلمع بوراقه
- وغيث سيبك لم تهمع له ديم
- ما كان أغناكَ عن حِلٍّ ومرتحلٍ
- لولا القضاءُ وما قد خطَّه القلمُ
- يا سفرة ً أسفرت عن كلِّ بائِقة ٍ
- لا أنتجت بعدك المهرية الرسم
- حللت في سوح قومٍ لا خلاق لهم
- سِيان عندهم الأنوارُ والظُّلمُ
- تسطو بأسدِ الشَّرى فيها ثعالبُها
- والصقر تصطاده الغربان والرخم
- ويفضل الغمدُ يومَ الفخر صارمَه
- وتستطيلُ على ساداتها الخدمُ
- إن لم يبِنْ لهم فضلي فلا عَجبٌ
- فليس يطرب شادٍ من به صمم
- أو أنكروا في العلى قدري فقد شهدت
- حتماً بما أنكروه العُربُ والعجمُ
- ما شان شأني مقامي بين أظهرهم
- فالتبرُ في التُّرب لم تنقص له قِيمُ
- لا تعجبوا لهمومي إن برت جسدي
- وأصبحت نارُها في القلب تَضطرمُ
- فهم كل امرئٍ مقدار همته
- وليس يفترقان الهَمُّ والهِممُ
- لا كان لي في رقاب المعتفين يدٌ
- ولا سعت بي إلى نحو العلى قدم
- إن لم أشقَّ عُباب البحر ممتطياً
- هوجاءَ ليس لها عُقْلٌ ولا خُطُمُ
- أما الركابُ فقد أوليتُهنَّ قِلى ً
- والخيلُ لا قرعت أشداقَها اللُّجمُ
- ما زلتُ أطوي عليها كلَّ مقفرة
- يهماء لا نصبٌ فيها ولا علم
- فلم أنل عندها مما أُؤمِّلُه
- إلاّ أمانيَّ نفس كلُّها حُلمُ
- يا للرجال لخطب جل فادحه
- حتى المعارفُ ضاعت عندها الذممُ
- ما إن وثقت بخلّ أو أخي ثقة ٍ
- إلاَّ دهاني بخطب شرُّه عَممُ
- وكلُّ ذي رَحمٍ أوليتُه صلة ً
- شكت إلى ربِّها من قطعِه الرَّحِمُ
- هذا ابن أمي الذي راعيت قربته
- ما كان عندي بسوء الظنِّ يُتَّهم
- أدنيته نظراً مني لحرمته
- وذو الديانة للأرحام يحترمُ
- أضحى لعِرضي مع الأعداءِ منتهكاً
- وراح للمال قبل الناس يلتهم
- ما صانَ لي نسباً يوماً ولا نشباً
- ولا رعى لي عهوداً نقضُها يَصِمُ
- قد كنتُ أحسبَه بالغيب يحفظني
- ولو زواني عنه الموت والعدم
- حتى إذا غبت عنه قام منتهباً
- داري وراح لما خلَّفتُ يغتنمُ
- تالله ما فعل الأعداء فعلته
- كلا ولا اهتضموا ما ظل يهتضم
- هلاَّ نَهاهُ نُهاه أو حفيظتُه
- عن سلب ما حلي النسوان والحرم
- وافى بهن وما أوفى بذمته
- سلباً عواطل لا سورٌ ولا خدم
- أين الفتوة إن لم ينهه ورعٌ
- ولم يَخَفْ غبَّ ما قد راح يجترم
- هبه أضاعَ إخائي غير محتشمٍ
- أليس عن دون هذا المرء يحتشم
- كأنَّه كان مطويّاً على إحنٍ
- فعندما غبت عنه راح ينتقم
- ما كان هذا جزائي إذ رعيتُ له
- حقَّ الاخاءِ ولكن للورى شيمُ
- فقل سلامٌ على الأرحام ضائعة ً
- فقد لعمري أضاعت حقَّها الأممُ
المزيد...
العصور الأدبيه