قصائدابن معصوم المدني



برقُ الحِمى لاحَ مُجتازاً على الكثُب
ابن معصوم المدني



  • برقُ الحِمى لاحَ مُجتازاً على الكثُب

  • وراحَ يسحبُ أذيالاً من السُّحبِ

  • أضاءَ والليلُ قد مُدَّت غياهبُه

  • فانجابَ عن لهبٍ يَذكو وعن ذَهبِ

  • فما تحدَّرَ دمعُ المزنِ من فَرَقٍ

  • حتى تبسَّم ثغرُ الروضِ من طربِ

  • وغنَّت الوُرقُ في الأفنان مُطربة ً

  • وهزَّت الريحُ أعطافاً من القُضب

  • والصبحُ خيَّم في الآفاق عَسكرُهُ

  • والليلُ أزمعَ من خوفٍ على الهربِ

  • فقلت للصََّحب قوموا للصَّبُوح بنا

  • يا طيبَ مُصطَبح فيه ومُصطَحَب

  • واستضحكوا الدَّهر عن لهوٍ فقد ضحكتْ

  • كأسُ المُدامة عن ثغرٍ من الحَببِ

  • فقام يَسعى بها السَّاقي مُشَعْشَعَة ً

  • كأنَّها حَلَبُ العُنَّاب لا العِنبِ

  • حمراءُ تسطعُ نوراً في زجاجَتها

  • كالشمسِ في البَدْر تَجلُو ظُلمة الكُربِ

  • وراح يثني قواماً زانَه هَيَفٌ

  • بمعطفٍ من قضيب البانِ مُقتَضَب

  • في فِتية ٍ يَتجلَّى بينهم مَرَحاً

  • كأنَّه البدرُ بين الأنجم الشُّهبِ

  • مُهفهفُ القدِّ مَعسولُ اللَّمى ثمِلٌ

  • يَتيهُ بالحُسنِ من عُجْب ومن عَجَبِ

  • لا يمزجُ الكأس إلَّا من مَراشِفه

  • فاطربْ لما شِئبَ من خمرٍ ومن ضَرَب

  • قد أمكنت فُرَصُ اللذَّات فاقضِ بها

  • ما فاتَ منك وبادرْ نُهزَة َ الغَلَبِ

  • واغنم زماكَ ما صافاك مُنتهباً

  • أيَّام صَفوِكَ نهباً من يدِ النِّوبِ

  • ولا تَشُبْ مَورداً للأنس فزتَ به

  • بذكرِ ما قد قضى في سالف الحُقُبِ

  • أنَّ الزمانَ على الحالينِ مُنقلبٌ

  • وهلْ رأيت زماناً غيرَ مُنقلبِ

  • وانَّما المرءُ مَن وفَّتْه همَّتُهُ

  • حَظَّيْهِ في الدَّهر من جِدٍّ ومن لَعبِ

  • كم قلَّبتني اللَّيالي في تصرُّفها

  • فكنتُ قُرَّة َ عينِ الفضلِ والأدبِ

  • تزيدُني نِوبُ الأيَّام مكرمة ً

  • كأنَّني الذَّهبُ الابريز في اللَّهبِ

  • لا أستريبُ بعين الحقِّ أدفعُه

  • ولا أرابُ بغَيْن الشَّكِّ والرِيبِ

  • لقد طلبتُ العُلى حتى انتهيتُ إلي

  • ما لا يُنالُ فكانت مُنتهى أرَبي

  • حسبي من الشَّرف العليا أرومَتُه

  • أن أنتمي لنظام الدِّين في حسَبي

  • هذا أبي حين يُعْزى سيِّدٌ لأبٍ

  • هيهات ما لِلورى يا دهرُ مثل أبي

  • قُطبٌ عليه رَحى العَلياء دائِرة ٌ

  • وهل تدورُ الرَّحى إلَّا على القُطُبِ

  • كاللَّيثِ والغيثِ في عَزمٍ وفي كَرَمٍ

  • والزَّهرِ والدَّهرِ في بِشْر وفي غضبِ

  • مُملَّكٌ تهبُ الآلافَ راحتُه

  • فكم أغاثَتْ بجدواها من التَّعبِ

  • أضحت به الهندُ للألباب سالبة ً

  • كأنَّها هندُ ذاتُ الدلِّ والشَّنبِ

  • مولى ً إذا حلَّ محتاجٌ بساحتِه

  • أغناه نائلُه عن وابلٍ سَرِب

  • ترى مدى الدَّهر من أفضاله عجباً

  • فنحن كلَّ شهورِ الدَّهر في رَجَب

  • رقى من الذِّروة العلياءِ شامخها

  • وحلَّ من هاشمٍ في أرفع الرُّتَب

  • حامي الحَقيقة ِ مِن قومٍ نوالهُمُ

  • يسعى إلى مُعتَفيه سَعي مُكتسِبُ

  • الباسمُ الثَّغرِ والأبصارُ خاشعة ٌ

  • والحربُ تُعْولُ والفُرسانُ بالحَرَبِ

  • يقومُ في حَومة الهَيجاءِ مُنفرداً

  • يومَ الكِفاحِ مَقام العَسكر اللَّجِبِ

  • لو قابَلْته أسُودُ الغاب مُشِبلة ً

  • لأدبرَتْ نادماتٍ كيفَ لم تغبِ

  • يَفنى المقالُ ولا تَفنى مدائحُه

  • نظماً ونثراً من الأشعار والخُطبِ

  • لا زال غَوثاً لملهوفٍ ومُعَتَصماً

  • لخائفٍ ونجاة َ الهالكِ العطبِ

  • ما رنَّحتْ نسماتُ الريح غصنَ رُبى ً

  • وأوْمضَ البرقُ مُجتازاً على الكُثُبِ



أعمال أخرى ابن معصوم المدني



المزيد...

العصور الأدبيه



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك