الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> عذرِي، إنْ عذلتَ في خلعِ عذرِي >>
قصائدابن زيدون
عذرِي، إنْ عذلتَ في خلعِ عذرِي
ابن زيدون
- عذرِي، إنْ عذلتَ في خلعِ عذرِي
- غصنٌ أثمرَتْ ذرَاهُ ببدرِ
- هَزّ مِنْهُ الصَّبَا، فَقَوّم شَطْراً،
- وَتَجافَى ، عَنِ الوِشاحِ، بشَطْرِ
- رشأٌ، أقصَدَ الجوانحَ، قصداً،
- عن جفونٍ كحلنَ، عمداً، بسحرِ
- كسيَ الحسنَ، فهوَ يفتنَّ فيهِ،
- ساحباً ذيلَ بردِهِ المسبكرّ
- تَحتَ ظِلٍّ، مِنَ الغَرَارَة ِ، فَيْنَا
- نَ، وورقٍ، منَ الشّبيبة ِ، نضرِ
- أبرزَ الجيدَ في غلائلَ بيضٍ؛
- وجلا الخدَّ في مجاسدَ حمرِ
- وَتَثَنّتْ بِعطفِهِ، إذْ تَهادَى ،
- خَطْرَة ٌ تَمْزُجُ الدّلالَ بِكِبْرِ
- زارني، بعدَ هجعة ٍ، والثُّرَيّا
- راحة ٌ، تقدرُ الظّلامَ بشبرِ
- والدّجى ، منْ نجومِهِ، في عقودٍ
- يَتلألأن مِنْ سِمَاكٍ وَنَسْرِ
- تحسبُ الأفقَ بينَها لا زورْداً،
- نثرَتْ، فوقَهُ، دنانيرُ تبرِ
- فَرَشَفْتُ الرُّضَابَ أعذَبَ رَشْفٍ،
- وَهَصَرْتُ القَضِيبَ ألْطَفَ هَصْرِ
- للتّصافي، وقرْعِ ثغرٍ بثغرِ
- يا لها ليلة ً ! تجلّى دجاها،
- مِنْ سَنا وَجْنَتَيْهِ، عَنْ ضَوء فجرِ
- قَصّرَ الوَصْلُ عُمرَها؛ وَبِوُدّي
- أنْ يطولَ القصيرُ منْها بعمرِي
- من عذيرِي من ريبِ دهرٍ خؤونٍ،
- كلَّ يومٍ، أراعُ منهُ بغدرِ
- كلّمَا قلتُ: حاكَ فيهِ ملامي،
- نِهسَتْني مِنْهِ عَقارِبُ تَسْرِي
- وترتْني خطوبُهُ في صفيٍّ
- فاضِلٍ، نابِهٍ، من الدّهرِ، وِتْرِ
- بانَ عَنّي، وكانَ رَوْضَة َ عَيْني،
- فغدا اليومَ، وهوَ روضة ُ فكْرِي
- فكِهٌ، يبهجُ الخليلَ بوجهٍ،
- تَرِدُ العَينُ مِنْهُ يَنْبُوعَ بِشْرِ
- لوذَعيٌّ، إنْ يبلُهُ الخبرُ يوْماً،
- أخجلَ الوردَ عنْ خلائقِ زهرِ
- وإذا غازلَتْهُ مقلة ُ طرفٍ
- كادَ، مِنْ رِقّة ٍ، يَذُوبُ فيَجري
- يا أبَا القَاسِمِ الّذِي كانَ رِدئي،
- وَظَهِيري، على الزّمانِ، وَذُخْرِي
- يا أحقّ الورَى بممحوضِ إخْلا
- صِي، وأوْلاهُمُ بغاية ِ شكرِي
- طرقَ الدّهرُ ساحَتي، منْ تنائيـ
- ـكَ، بجَهْمٍ مِنَ الحَوادِثِ، نُكْرِ
- لَيتَ شِعرِي! والنّفسُ تَعلمُ أن لَيْـ
- ـسَ بمُجْدٍ على الفَتى : لَيتَ شعرِي
- هَلْ لخالي زَمانِنا مِنْ رِجوعٍ،
- أمْ لماضي زمانِنا مِنْ مَكَرِّ؟
- أينَ أيّامُنَا؛ وأينَ ليالٍ،
- كَرِياضٍ لَبِسْنَ أفْوافَ زَهْرِ
- وزَمانٌ، كأنّما دَبّ فيهِ
- وسنٌ، أوْ هفَا بهِ فرطُ سكرِ
- حينَ نغدو إلى جداولَ زرقٍ،
- يتغلغلْنَ في حدائقَ خضرِ
- في هضابٍ، مجلوّة ِ الحسنِ، حمرٍ،
- وبوادٍ، مصقولة ِ النّبْتِ، عفْرِ
- نَتَعاطى الشَّمُولَ، مُذْهَبَة َ السّرْ
- بَالِ، وَالجَوُّ في مَطارِفُ غُبْرِ
- في فُتُوٍ، تَوَشّحُوا بِالمَعالي،
- وَتَرَدّوا، بِكُل مَجْدٍ وَفَخْرِ
- وضَّحٍ، تنجلي الغياهِبُ منهمْ
- عنْ وجوهٍ، مثلِ المصابيحِ، غرّ
- كلُّ خرقٍ، يكادُ ينهلّ ظرْفاً،
- زَانَ مَرْأى بهِ بأكْرَمِ خُبْرِ
- وسجايَا، كأنّهنّ كؤوسٌ؛
- أو رياضٌ قدْ جادَها صوبُ قطرِ
- يَتَلَقّى القَبُولَ مِنّي قُبولٌ،
- كُلّما رَاحَ نَفْحُها ارْتاحَ صَدْرِي
- فهوَ يسرِي محمَّلاًن منْ سجايا
- كَ، نَسيماً يُزْهَى بِأفْوَحِ عِطْرِ
- يا خَليلي وواحِدي والمُعلّى
- منْ قداحي، والمستبدّ ببرّي
- لا يضعْن ودّيَ، الصّريحُ، الذي أرْ
- ضاكَ منهُ استواءُ سرّي وجهْري
- وتوالي أذمّة ٍ، نظمتْنَا
- نَظْمَ عِقدِ الجُمانِ في نحرِ بِكْرِ
- لا يكنْ قصرُكَ الجفاءَ، فإنّ الودّ،
- إنْ ساعَدَتْ حَياتيَ. قَصْرِي
- وَأعِدْ، بالجَوابِ، دَوْلة َ أُنْسٍ،
- قد تَقَضّتْ، إلاّ عُلالَة َ ذِكْرِ
- وَاكسُ مَتنَ القِرْطَاسِ ديباجَ لَفْظِ
- يبهرُ الفكرَ منْ نظيمٍ ونثرِ
- غررٌ، من بدائعٍ، لا يشكّ الدّهْـ
- ـرُ في أنّها قلائدُ درّ
- تتوالى على النّفوسِ، دراكاً،
- عن فتى ً موسرٍ، من الطّبعِ، مثرِ
- شدّ في حلبة ِ البلاغة ِ، حتى
- بانَ فيها عنْ شأوِ سهلٍ وعمرِو
- وإذا أنْتَ لمْ تعجِّلْ جوابي،
- كانَ هذا الكِتابُ بَيْضَة َ عُقْرِ
- فابْقَ في ذمّة ِ السّلامة ِ، ما انْجا
- بَ، عنِ الأفقِ، عارضٌ متسرّ
- وَعليكَ السّلامُ ما غَنّتِ الوُرْ
- قُ، ومَالَتْ بهَا ذَوائِبُ سِدْرِ
المزيد...
العصور الأدبيه