في رؤيا القيامة والحساب والميزان والصحائف والصراط وما يتصل بذلك

فى رأى ابن سيرين :
( أخبرنا ) الحسن ابن بكير بعكا قال حدثنا أبو يعقوب اسحق ابن إبراهيم الأزرعي عن عبد الرحمن بن واصل عن أبي عبيدة التستري قال رأيت كأن القيامة قد قامت وقد أجتمع الناس فإذا المنادي ينادي أيها الناس من كان من أصحاب الجوع في دار الدنيا فليقم إلى الغداء فقام الناس واحدا بعد واحد ثم نوديت يا أبا عبيدة قم فقمت وقد وضعت الموائد فقلت لنفسي ما يسرني أني ثم ( أخبرنا ) أبو الحسن الهمداني بمكة حرسها الله قال حدثنا محمد ابن جعفر عن أحمد بن مسروق قال رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت والخلق مجتمعون إذ نادى مناد الصلاة جامعة اصطف الناس صفوفا فأتاني ملك عرض وجهه قدر ميل في طول مثل ذلك قال تقدم فصلى بالناس فتأملت وجهه فإذا بين عينيه مكتوب جبريل أمين الله فقلت فأين النبي صلى الله عليه و سلم فقال هو مشغول بنصب الموائد لأخوانه من الصوفية وذكر الحكاية ( قال الأستاذ أبو سعيد ) رحمه الله قال الله تبارك وتعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ) فمن رأى كأن القيامة قد قامت في مكان فإنه يبسط العدل في ذلك المكان لأهله فينتقم من الظالمين هناك وينصر المظلومين لأن ذلك يوم الفصل والعدل
ومن رأى كأنه ظهر شرط من اشراط الساعة بمكان مثل طلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض أو الدجال أو يأجوح ومأجوج فإن كان عاملا بطاعة الله عز و جل كانت رؤياه بشارة له وأن كان عاملا بمعصية الله أو هام بها كانت رؤياه له نذيرا فإن رأى كأن القيامة قد قامت وهو واقف بين يدي الله عز و جل كانت الرؤيا أثبت وأقوى وظهور العدل أسرع وأرجى وكذلك إن رأى في منامه كأن القبور قد انشقت والأموات يخرجون منها دلت رؤياه على بسط العدل فإن رأى قيام القيامة وهو في حرب نصر فإن رأى أنه في القيامة أوجبت رؤياه سفرا فإن رأى كأنه حشر وحده أو مع واحد أخر دلت رؤياه على أنه ظالم لقوله تعالى ( أحشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) فإن رأى كأن القيامة قد قامت عليه وحده دلت رؤياه على موته لما روي في الخبر أنه من مات قامت قيامته فإن رأى القيامة قد قامت وعاين أهوالها ثم رأى كأنها سكنت وعادت إلى حالها فإنها تدل على تعقب العدل الظلم من قوم لايتوقع منهم الظلم وقيل أن هذه الرؤيا يكون صاحبها مشغولا بارتكاب المعاصي وطلب المحال مسوفا بالتوبة أو مصرا على الكذب لقوله تعالى ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وأنهم لكاذبون )
ومن رأى كأنه قرب من الحساب فإن رؤياه تدل على غفلته عن الخير وإعراضه عن الحق لقوله تعالى ( إقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) فإن رأى كأنهم حسب حسابا يسيرا دلت رؤياه على شفقة زوجته عليه وصلاحها وحسن دينها فإن رأى كأنه حسب حسابا شديدا دلت رؤياه على خسران يقع له لقوله تعالى ( فحاسبناه حسابا شديدا ) فإن رأى كأن الله سبحانه وتعالى يحاسبه وقد وضعت أعماله في الميزان فرجحت حسناته على سيئاته فإنه في طاعة عظيمة ووجبت له عند الله مثوبة عظيمة وإن رجحت سيئاته على حسناته فإن أمر دينه مخوف وإن رأى كأن الميزان بيده فإنه على الطريقة المستقيمة لقوله تعالى ( ونزلنا معه الكتاب والميزان ) الآية فإن رأى كأن ملكا ناوله كتابا وقال له إقرأ فإن كان من أهل الصلاح نال سرورا وإن لم يكن كان أمره مخوفا لقوله تعالى ( إقرأ كتابك ) فإن رأى أنه على صراط فإنه مستقيم على الدين فإن رأى أنه زال عن الصراط والميزان والكتاب وهو يبكي فإنه يرجى له إن شاء الله تسهيل أمور الآخرة عليه

فى رأى أبو بكر الإحسائى :
من رأى أن القيامة قد قامت حصل له الفوز والنجاة إن كان من أهل الصلاح وإن كان من أهل الفساد فهو تحذير له من عاقبة ذلك ومن رآها قد قامت بمكان فإن العدل يبسط في ذلك المكان فإن كان أهله ظالمين انتقم منهم أو غير ظالمين نصروا وظفروا ومن رآها قامت عليه وحده فقد قرب أجله ومن رأى من أشراط الساعة شيئا مثل النفخ في الصور وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ونحو ذلك فإن تأويله كتأويل القيامة وقيل خروج الدابة فتنة تظهر ويهلك فيها قوم وينجو أخرون وخروج الدجال رجل ذو بدعة يظهر في الناس والنفخ في الصور طاعون أو إنذار السلطان في بعث أو غيره أو سفر عام إلى الحج واجتماع الخلق للحساب عدل من الله تعالى يكون في الناس بإمام عادل يقدم عليهم أو يوم عظيم يشهدونه ومن رأى كأنه أخذ كتابه بيمينه فاز بالصلاح وبالثناء الجميل ومن أخذه بشماله هلك بالإثم أو بالفقر والحاجة ( رؤية الحساب والميزان والصراط والحوض ) ومن رأى أنه حوسب وقع في محنة وعذاب ومن رأى ميزانه قد رجح حسن عمله وأطاع به وإلا فعلى قدر ما رآه ومن رأى الميزان دل على انبساط العدل وارتفاع الظلم ومن رأى أنه مر على الصراط سليما نجا من شدة وفتن وبلاء وإن سقط منه في النار يقع في فتنة وبلاء وإن رأى أنه قائم عليه تستقيم على يديه أمور معوجة ومن رأى أنه شرب من الحوض فإنه يموت على الإسلام

فى رأى ابن سرور :
طلوع الشمس أو القمر من المغرب : دال على رجوع الغياب ، والأكابر من أسفارهم ، وعلى عود المتولي إلى ولايته ، والمريض إلى مريضه ، ومن خرج من سجن : عاد إليه ، وعلى توبة الفاسق ، وعلى الأخبار المؤلمة ، والخوف ، وعلى نصر المظلومين . قال المصنف : واعتبر أشراط الساعة . كما قال لي إنسان : رأيت في زمن البرد أن الشمس رجعت ودفئت بحرها ، قلت : قد ضاع لك ثوب أو كساء سيعود . ومثله قال آخر ، قلت : أنت مريض بالحمار والباردة ، الساعة تعوج إلى العافية ، فعاد . وقال آخر : رأيت القمر قد غاب ثم عاد ، قلت : ضاعت لك مرآة ، قال : نعم ، قلت : ستعود فعادت . ومثله قال آخر ، قلت : ضاع لك قطعة فضة ، وستعود . وقال آخر : رأيت أنني فرحت بمغيب الشمس في المنام ثم طلعت فحزنت لذلك ، قلت : أردت أنك تعمل شيئا مخيفا ما تم لك مراد ، قال : صحيح . فافهمه .

ظهور الدابة أو عصا موسى عليه السلام : دال على ما دلت عليه الشمس أو القمر ، وعلى ظهور ملك جديد عادل ، وعلى أخبار غريبة . وأما ظهور يأجوج ومأجوج : فدليل على ظهور عدو يخرج من الجهة التي قدموا منها . قال المصنف : واعتبر الدابة . كما قال لي ملك مصر : رأيت أن الدابة قد ظهرت ، قلت : يقدم عندك حيوان غريب ، فعن قليل قدم الكركيد ولم يكن أبصره . وقد تدل على الجراد أيضا . وقال بعض العامة : رأيت الدابة تحكمي والناس ينظرون إليها ، قلت : أنت تفرج الناس على الدب ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن بنتي قد صارت الدابة المذكورة في القرآن العزيز ، قلت : تصير واعظة فصارت . وقالت أخرى : رأيت أنني صرت الدابة والناس يهربون مني ، قلت : تصيرين نائحة في الأعزية ، فصارت . وأما عصا موسى : فقال إنسان رايت أنها في يدي وهي ملوية ، قلت : أنت رجل تعلب بالحيات . وقال آخر : رأيت أنني أسجد لها ، قلت : يفسد دينك لأجل يهودي . وقال آخر : رأيت أنني ركبتها ، قلت : أنت تجامع امرأة يهودية . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تتعانى السيمياء . ودلت الدابة والعصا على الملوك لكون الدابة تأمر وتنهى والعصا انتصر بها موسى عليه السلام . واعتبر ظهور يأجوج ومأجوج . كما قال لي إنسان : رأيت أن يأجوج ومأجوج قد كثروا في البلد ، قلت : نزل مكانك منهم أحد ، قال : نعم ، قلت : ينزل بها لصص أو أقوام مفسدون فاحترز . ومثله قال آخر ، قلت : يخرج من في السجون من المفسدين . ومثله قال آخر ، قلت : تنكسر طائفة من دين النصرانية ، فكان كذلك ، لأن عيسى عليه السلام يهرب بالناس من يأجوج ومأجوج إلى الطور .

النفخة الأولى : تدل على / أخبار وأراجيف ، وعلى قرب عافية المريض ، وخلاص المسجونين ؛ وكل من هو في شدة . والنفخة الثانية : تدل على حركات تقع بالناس ، وربما تجهزت عساكر لحادث يحدث ، ويدل ذلك على عافية المرضى ، وخلاص كل من هو في شدة ، وأمراض وسجن لمن هو خالص منها ، وهو فقر للأغنياء ، وعلى الأسفار الطويلة ، وعلى شدائد وفتن عظيمة . فإن كان مع ذلك نور ، أو رائحة طيبة ، أو يذكرون الله تعالى : فالعاقبة في ذلك سليمة . قال المصنف : دلت النفخة الأولى على عافية المريض لأنها تجمع الأجسام . وعلى خلاص المسجون لقرب خروجه من القبر ، كالسجن . وتدل على الحوائج . كما قال لي إنسان : رأيت النفخة الأولى وهي قوية ، قلت : تسقط ثمار البساتين لأجل ريح شديدة . ومثله قال آخر ، قلت : عندك حامل ، قال : نعم ، قلت : يسقط الحمل . ومثله قال آخر ، قلت : يقع بينك وبين أقاربك أو معارفك نكد ويتبرؤون منك ، لقوله تعالى ! ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) ! . وأما النفخة الثانية : على ما ذكرنا . وكما قال لي إنسان : رأيت النفخة الثانية عظيمة ، قلت : يعدم ملك كبير ويطلع في السماء شيء غريب ويعجب الناس من نظر ذلك ، لقوله تعالى ! ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) ! .

وأما إن وجد الله متغيرا عليه ، أو وجد ظلاما ، أو دخانا ، أو نارا ، أو شمسا أحرقه ضوؤها ، أو اسود وجهه ، أو أخذ كتابه بشماله ، أو من وراء ظهره ، أو ختم على فيه ، ونحو ذلك : كان عكس ذلك .

الميزان : رجل متوسط بين الناس ، وبين من دل الباري عز وجل عليه . فإن رجح ميزانه : نال خيرا ، وإلا فلا . قال المصنف : واعتبر حكم الميزان ، فإن رجح لمن يطلب فائدة ، وإلا فلا . وأما من حكم على ميزان الآخرة ، فالحكم فيه ، كما قال لي إنسان : رأيت أنني أزن بميزان الآخرة ، قلت : تأخذ الحق من حمام ، لأن الناس يوم القيامة عرايا ، وهم في حر الشمس والعرق كالحمام . ومثله قال آخر ، قلت : تبقى ضامن أو كاتب سجن يعرض عليك أصحاب الذنوب والحسنات . وقال آخر : رأيت أنني أزن بميزان الآخرة ، قلت : أنت تصنع الصغار في مرجوحة كالميزان ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني حكمت على ميزان الآخرة ، قلت : تبقى تعدل الناس وتجرحهم عند متولي . فافهم ذلك .

العبور على الصراط : دال على الأسفار ، وعلى الدخول في العمال الخطيرة ، وعلى الأمراض ، والسجون ، والشدائد . فإن عبره سليما : كان عاقبة ذلك سليمة ، وإن وقع عنه : حصل له نكد على ما ذكرنا . قال المصنف : واعتبر الصراط . كما قال لي إنسان : رأيت أنني حاكم على الصراط ، قلت : تصير حاكما على جسر أو معدية . وقال آخر : رأيت أنني أمنع الناس العبور على الصراط ، قلت : أنت قاطع طريق . وقال آخر : رأيت أنني نصبت الصراط ، قلت : تعمل جسرا أو معدية . وقال آخر : رأيت أنني نصبته ومشيت عليه ، أنت تنصب الحبال وتمشي عليها كالبختيار . ودل عبوره على الأعمال الخطيرة لقلة من يسلم عليه ، وعلى الأمراض والشدائد لأن الناس يقاسون عليه شدائد كالمرضى والسجون .

وأما الوقوف بين الجنة والنار : فدال على تعويق المسافرين ، ووقوف الحوائج ، والمعايش ، وطول المرض ، والشدة ، لمن هو في ذلك . ويدل : على الأعمال الجيدة ، والردية . وعلى معاشرة أهل الخير ، والشر . قال لامصنف : دل الوقوف بين الجنة والنار على تعويق المسافرين ، وتعطيل المعايش والحوائج ، لكونه لم يبلغ مراده من الجنة . ودل على الأعمال الجيدة والردية لأن حسناته تمنعه عبور النار ، وسيئاته تمنعه عبوره إلى الجنة . وقال إنسان : رأيت أنني واقف بين الجنة والنار ، قلت : / يحسبك كبيرك في مكان لا رديء ولا جيد . ومثله قال آخر ، قلت : تعاشر أقواما فيهم خير وشر . ومثله قال آخر ، قلت : لا تسافر ؛ تعوق في بعض الطريق .

دخول النار : دال على الأمراض ، والسجون ، والشدائد ، وفقر الأغنياء ، وعزل المتولين ، وفراق الأحبة ، والأسفار المتلفة ، ومعاشرة أرباب الجرم ، والفساد . فإن أحرقته في أذنه : كان لأجل سماعه . أو في فمه : فلأجل كلامه ، أو ما أكله . وكذلك بطنه . أو في عينيه : فلأجل نظره . أو في يده : فلأجل ما أخذت ، أو أعطت ، أو ضربت . أو في صدره ، أو قلبه : فلأجل اعتقاده . أو في فرجه : فلأجل نكاحه . أو في رجله : فلأجل سعيه . وأما إن احترق جميعه : كان رديا .
قال المصنف : واعتبر النار . والعياذ بالله . كما قال لي إنسان : رأيت أنني حاكم على جهنم ، قلت : أنت رجل سجان . ومثله قال آخر ، قلت : أنت رجل شوى أو طباخ . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تتولى عذاب الناس ، فاتق الله . ومثله قال آخر ، قلت : تحكم على مارستان . ومثله قال آخر ، قلت : أنت قاطع طريق تقتل الناس وتطمرهم . وقال آخر : رأيت أن جهنم قد جاءت وصرخت صوتا عظيما ، قلت : يدل على عزل الأكابر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ' تزفر جهنم يوم القيامة فتساقط الأنبياء عن منابرهم ' . ومثله قال آخر ، قلت : يجيء حر شديد يتلف الغلات ويكثر الحمايات . وقال آخر : رأيت أنني سقطت في النار ، قلت : تقع في أتون أو فرن ونحوهم ، فوقع . وقال آخر : رأيت أنني متصرف في جهنم ، قلت : أنت رجل مختلف قد ضمنت دار فسق وقمار ، فتاب ورجع عن ذلك . نعوذ بالله الكريم الرؤوف الرحيم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة إنه على كل شيء قدير .

دخول الجنة : دال على عكس ما دلت عليه النار ، وعلى تزويج الأعزب ، والأعمال الجيدة ، وتوبة الفاسق ، والتمكن من دور الأكابر . فإن كان معه في الجنة كتاب فتعلمه : دخلها . وإن كان مصليا ، أو مسبحا ، أو مؤذنا ، ونحو ذلك من آثار الدين : فبالعبادة دخلها . وإن كان بشيء من العدد : فبالجهاد نالها . ويدل دخولها : على الأمن من الخوف ، والاجتماع بالغياب ، ونحو ذلك . نسأل الله الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .
قال المصنف : دخول الجنة دال على الضد مما دلت عليه النار . وأعط كل إنسان ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني ملكت الجنة ، قلت : تملك أو تحكم على بستان . ومثله قال آخر ، قلت : تحكم على كتاب فيه منافع وفرج . وقال كافر : رأيت أنني طردت من الجنة ، قلت : لك دار مليحة مزوقة فيها نبات ستؤخذ منك وتتنكد عليك دنياك ، لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . وقال إنسان : رأيت أنني عبرت الجنة وأخذت منها شيئا وهربت ، قلت : عبرت دار جليل القدر أو بستانا وسرقت شيئا ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت أنني دخلت في الجنة مع أهلها ، قلت : تعبر بلدا فيه مسافرون من مل مكان وتطلع على أخبار غريبة . وقال آخر : رأيت أنني في الجنة وهي متغيرة ، قلت تعبر مكانا فيه تزاويق وأصوات حسنة وصور ملاح . وقال لي مريض بالحرارة : رأيت أنني عبرت الجنة ، قلت : تعافى ، فكان كذلك . نسأل الله الفوز بالجنة والنجاة من النار بفضله وإحسانه .

من ضرب من هو أكبر منه أو أعلى قدرا : تكلم في عرضه ، أو يحصل للضارب نكد . وكذلك إن جلس في موضع لا يليق به الجلوس فيه . وأما إن ضرب الأكبر ، أو الأعلى لمن هو دون - ولم يجرحه ، ولا قطع ثيابه ، ولا كان بين الناس - : فذلك خير ، وفائدة للمضروب ، وربما كان كسوة . وأما إن جرحه ، أو كسر فيه شيئا ، أو كشف عورته ، ونحو ذلك : نزل بالمضروب آفة . قال المصنف : كون الضارب يتكلم في عرض المضروب لأنه مما يؤلمه . وحصول النكد للمضروب لكون الأعلى لا يسكت عن مجازاة الضارب / في غالب ما يؤذيه . وأما إن كان الضارب هو الأعلى إذا ضرب الأدنى ظلما : يندم ويحسن إلى المضروب ، ولو بكلام طيب . وكون المضروب يحصل له كسوة - خصوصا إن كان في الشتاء - لثوران الحرارة وورم البدن ، كالكسوة . فافهم ذلك .

من ملك - من الأموال أو المواشي أو المآكل أو الملابس - ما لا يقدر على حفظه ، أو على حمله : كان نكدا . قال المصنف : إنما دل ملك ما لا يقدر على حمله أو حفظه على النكد لأنه يتعلق به حقوق الله تعالى من الزكوات والعشر فيطالب بذلك . وأيضا يكثر طمع الناس فيما عنده ، فهو أيضا يريد مداراة لأرباب الطمع . وكونه لا يقدر على حفظه ولا حمله يضيق صدر مالكه ما يهون عليه أن يأخذ أحد منه شيئا وهو لا يسلم له ، والعشر والزكاة ما يتركان نكدا .

لفظة الثلاثة أو الثلاثين أو الثلاثمائة أو الأربعة أو الأربعين ، أو الأربعمائة ، ونحو ذلك : تدل على الوفاء بالمواعيد ، وقضاء الحوائج ، لقوله تعالى ! ( ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) ! . ولدليل الآية في الأربعين . قال المصنف : لفظة : الثلاثة والثلاثمائة ، ونحوهما ، لقوله تعالى : ! ( ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) ! . والله أعلم .

من دخل في بعض أعضائه : فإن كان في أذنه : فخبر من قرابته ، أو صديق يجيء . فإن سد أذنه : كان خبرا رديا ، وإلا فلا . فإن دخل في عينه فأتلفها : فنكد يبصره في أقاربه ، أو ماله ، أو معارفه أو نفسه . وإن لم يتلفها : فغائب يقدم . وإن دخل في أنفه ، ولم يمنعه النفس ، ولا تلوث بمخاطه : فركوب في بحار ، أو طرق صعبة . وأما إن منعه النفس : سجن ، أو مرض ، أو قهر في خصومة . وإن دخل في فيه ، ولم يؤذه : أكل رأس ماله ، أو قدم عليه كلام طيب ، أو غائب فيه نفع . وإن آذاه كان رديا .
وإن دخل في ذكره ، وآذاه : تنكد ممن دل الذكر عليه . وكذلك الدبر والفرج . وإن لم يؤذه ذلك : دخل الرائي في مداخل لا تليق به . وربما دل ذلك جميعه : على أنه ربما عبر داره ، من غير بابها ، ونحو ذلك . قال المصنف : أما دخول ابن آدم في بعض أعضائه فلم أعلم أن أحدا ذكره من المتقدمين ، ولا من المتأخرين . ولما تكرر رؤية بعض الناس لذلك فسرت بما ذكرته في الفصل . والمنكر لذلك معترض على الله ، جاهل بأحكام الرؤيا ، فاعتبر ما ذكرنا . كما قال لي إنسان : رأيت أن رأسي مدهون وكأنني نزلت فيه إلى وسطي ، قلت : لك أشجار أو زرع وقد سقيته بالماء وجلت في طين ذلك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني وقعت بين أصابع يدي ووجدت مشقة ، قلت : تقع من بين شرافات مكان عال . وقال آخر : رأيت أنني وقعت في كفي والطبق علي أصابعي ، قلت : يتعصب عليك أولادك أو أولادهم أو أولاد أخيك ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أنني داخل فؤادي بين أمعائي وقد عرقت كثيرا ، قلت : عبرت مع عيالك وصغارك ونسائك حماما وكان الجميع عرايا وأنت بينهم ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني داخل جوفي وقد قطعت جميع الأمعاء بالسكين ، قلت : أنت رجل قتلت جماعة من أهل دارك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني عبرت فمي وأكلت أضراسي وأسناني ، قلت : بعت جميع مالك من طواحين ورفوف ومجارف وقداديم وأوتاد ونحو ذلك ، وأكلت ثمنه . وقالت امرأة : رأيت أنني أدخلت يدي في فرجي خلاف العادة ، قلت : قد وطيأك بعض من تحزنين عليه ، قالت غصبني عن نفسي ، واعترفت بذلك أمها عندي . وقال آخر : رأيت أن ذكري عبر في دبري ولم أعلم ، قلت : قد وطأت بعض المحرمات عليك - وربما كان ذكرا - وأنت لا تعلم ، قال : كنت سكرانا . / وقال آخر رأيت أنني آخذ الحيوانات وأعبرها جوفي وأذبحها وآخذ جلودها ، قلت : أنت تعمل الحيلة على الناس تقتلهم في منزلك وتأخذ ما عليهم ، فما كان عن قليل حتى مسكه ملك مصر لأجل ذلك . وأما دخول بعض أعضائه في بعض : كما قال لي إنسان : رأيت أن عيني اليمين تدخل في اليسار واليسار تدخل في اليمين ، قلت : اطلعت على امرأتين عندك يتساحقان ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أصبعي أتلفت عيني ، قلت : عندك ولد وقد كشف وجه أخته ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني انسلخت مني ، قلت : حفظت شيئا من الكتاب العزيز ثم أنسيته ، قال : نعم ، لقوله تعالى ! ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) ! . وقال لي بعض الملوك : رأيت أنني بدلت أسناني ، قلت : تغير جماعة من بابك وعسكرك . وعلى هذا فقس موفقا إن شاء الله تعالى . وقد ذكرت ما يسر الله تعالى علي من شرح كتابي ' البدر المنير في علم التعبير ' . ولم أذكر فيه شيئا من الكلام والحكايات إلا ما فتح الله علي من بعض ما جرى من تفسير الناس . ولم أرغب في التطويل في ذلك ليسهل تناوله على حافظه والناظر فيه . والله أعلم بالصواب . نستغفر الله من كل ذنب ، ونعوذ به من العمل الذي لا يقرب إليه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.




Alladin.net


المزيد من المقالات

فهرس مكونات الأحلام

فهرس مكونات الأحلام

نقدم لك موصوعه كامله  لتفسير الأحلام وفقا للأشياء التى تراها فى الحلم ، نشرح لك مثلا معنى أن ترى أسدا أو غرابا أو أفعى أو فرح أو غير ذل

المزيد
في تأويل رؤيا الإسلام

في تأويل رؤيا الإسلام

فى رأى ابن سيرين : قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله كل مشرك رأى في منامه أو رآه غيره كأنه في الجنة أو حلى أساور من فضة فإنه يسلم لقوله تعالى : { وحلوا

المزيد
في تأويل السلام والمصافحة

في تأويل السلام والمصافحة

فى رأى ابن سيرين : ( من رأى ) كأنه يصافح عدوا أو يعانقه ارتفعت من بينهما العداوة ونبتت الإلفة لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال المصافحة تزيد في المو

المزيد
في تأويل الرؤيا الطهارة

في تأويل الرؤيا الطهارة

فى رأى ابن سيرين : ( قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله ) الأولى بالطهارات بتقديم الذكر : الختان وهي من الفطرة . فمن رأى كأنه اختتن فقد عمل خيرا طهره الل

المزيد


في تأويل الصوم والفطر

في تأويل الصوم والفطر

فى رأى ابن سيرين : ( قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه ) اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم فقال بعضهم من رأى أنه في شهر الصوم دلت رؤياه على غلاء السعر

المزيد
في رؤيا الجهاد

في رؤيا الجهاد

فى رأى ابن سيرين : ( حدثنا ) محمد بن شاذان قال حدثني محمد بن سليمان عن الحسن بن علاء عن حسام بن محمد بن مطيع المقدسي عن سعيد بن منصور عن ابن جريج عن

المزيد
في تأويل رؤيا الجن والشياطين

في تأويل رؤيا الجن والشياطين

فى رأى ابن سيرين : ( قال الأستاذ أبو سعيد ) من رأى أنه تحول جنيا قوي كيده ورؤيا سحرة الجن في المنام تدل على الغيلان فإذا رأى الانسان في منامه الجن وا

المزيد
في رؤيا الأنبياء والمرسلين

في رؤيا الأنبياء والمرسلين

فى رأى ابن سيرين : سمعت أبا بكر أحمد بن الحسين بن مهر أن المقري قال اشتريت جارية أحسبها تركية ولن تكن تعرف لساني ولا أعرف لسانها وكان لأصحابي جوار يت

المزيد


في الوحش والسباع

في الوحش والسباع

فى رأى ابن سيرين : أما حمار الوحش فقد إختلف في تأويله فمنهم من قال هو رجل فمن رآه دل على عداوة بين صاحب الرؤيا وبين رجل مجهول خامل دنئ الأصل وقيل أنه

المزيد


في ذكر أنواع من البلايا

في ذكر أنواع من البلايا

فى رأى ابن سيرين : أما اليأس من الأمر فدليل الفرج والنجاة لقوله تعالى { فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا } وقوله تعالى { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم

المزيد
في أصوات الحيوانات وكلامها

في أصوات الحيوانات وكلامها

فى رأى ابن سيرين : صهيل الفرس نيل هيبة من رجل ذي شرف وكلامه كما تكلم به لأن البهائم لا تكذب ونهيق الحمار تشنيع من رجل عدو سفيه وشحيج البغل صعوبة يراه

المزيد
في مياه الأرض

في مياه الأرض

فى رأى ابن سرور : من رأى أنه يشرب أو يأخذ ماءً حلواً من بحر ، أو يصطاد منه شيئاً نافعاً ، أو يأخذ منه جواهر ، أو يطفيء به ناراً ، أو يتوضأ منه أو يغت

المزيد
في الحوادث في الجو

في الحوادث في الجو

فى رأى ابن سرور : الرعود المزعجة أو الأمطار أو الجليد أو البرد المؤذي أو الصواعق المحرقة أو الرياح العظيمة أو البروق الكثيرة أو الغيوم السود الوحشة ك

المزيد
في الأدوات المستعملات

في الأدوات المستعملات

فى رأى ابن سرور : المذكر منها : رجال . والمؤنث : نساء . فالمسبحة : امرأة صالحة ، أو معيشة حلال ، أو عساكر نافعة ، لمن ملكها أو سبح بها . والدواة : من

المزيد
في أوقات الركبان والفرسان

في أوقات الركبان والفرسان

فى رأى ابن سيرين : ( الاكاف ) امرأة أعجمية غير شريفة ةلا حسيبة تحل من زوجها محل الخادمة وركوب الرجل الاكاف يدل على توبته عن البطالة بعد طول تنعمه فيه

المزيد
الرجل و رؤية الجنس في المنام

الرجل و رؤية الجنس في المنام

منح الله الاحلام لنا كهبة نُنفث بها عن ما يجول بداخلنا ، و لك لابُد من الفصل بين أنواع الاحلام المُختلفة خاصة و بتعدد الاقاويل فيها ، موضوعنا الان ع

المزيد
العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر