الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> مغاني الشعب طيبا في المغاني >>
قصائدالمتنبي
مغاني الشعب طيبا في المغاني
المتنبي
- مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني
- بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ
- وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا
- غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ
- مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا
- سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ
- طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى
- خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ
- غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا
- على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ
- فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني
- وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني
- وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي
- دَنَانِيراً تَفِرّ مِنَ البَنَانِ
- لهَا ثَمَرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ
- بأشْرِبَةٍ وَقَفْنَ بِلا أوَانِ
- وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا
- صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني
- وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَاني
- لَبِيقُ الثّرْدِ صِينيُّ الجِفَانِ
- يَلَنْجُوجيُّ ما رُفِعَتْ لضَيْفٍ
- بهِ النّيرانُ نَدّيُّ الدّخَانِ
- تَحِلُّ بهِ عَلى قَلْبٍ شُجاعٍ
- وَتَرْحَلُ منهُ عَن قَلبٍ جَبَانِ
- مَنَازِلُ لمْ يَزَلْ منْهَا خَيَالٌ
- يُشَيّعُني إلى النَّوْبَنْذَجَانِ
- إذا غَنّى الحَمَامُ الوُرْقُ فيهَا
- أجَابَتْهُ أغَانيُّ القِيانِ
- وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمامٍ
- إذا غَنّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ
- وَقَدْ يَتَقَارَبُ الوَصْفانِ جِدّاً
- وَمَوْصُوفَاهُمَا مُتَبَاعِدانِ
- يَقُولُ بشِعْبِ بَوّانٍ حِصَاني:
- أعَنْ هَذا يُسَارُ إلى الطّعَانِ
- أبُوكُمْ آدَمٌ سَنّ المَعَاصِي
- وَعَلّمَكُمْ مُفَارَقَةَ الجِنَانِ
- فَقُلتُ: إذا رَأيْتُ أبَا شُجاعٍ
- سَلَوْتُ عَنِ العِبادِ وَذا المَكانِ
- فَإنّ النّاسَ وَالدّنْيَا طَرِيقٌ
- إلى مَنْ مَا لَهُ في النّاسِ ثَانِ
- لَقد عَلّمتُ نَفسِي القَوْلَ فيهِمْ
- كَتَعْليمِ الطّرَادِ بِلا سِنَانِ
- بعَضْدِ الدّوْلَةِ امتَنَعَتْ وَعَزّتْ
- وَلَيسَ لغَيرِ ذي عَضُدٍ يَدانِ
- وَلا قَبضٌ على البِيضِ المَوَاضِي
- وَلا حَطٌّ منَ السُّمْرِ اللّدَانِ
- دَعَتْهُ بمَفْزَعِ الأعْضَاءِ مِنْهَا
- لِيَوْمِ الحَرْبِ بِكْرٍ أوْ عَوَانِ
- فَمَا يُسْمي كَفَنّاخُسْرَ مُسْمٍ
- وَلا يَكْني كَفَنّاخُسرَ كَانِ
- وَلا تُحْصَى فَضَائِلُهُ بظَنٍّ
- وَلا الإخْبَارِ عَنْهُ وَلا العِيانِ
- أُرُوضُ النّاسِ مِنْ تُرْبٍ وَخَوْفٍ
- وَأرْضُ أبي شُجَاعٍ مِنْ أمَانِ
- يُذِمّ على اللّصُوصِ لكُلّ تَجْرٍ
- وَيَضْمَنُ للصّوَارِمِ كلَّ جَانِ
- إذا طَلَبَتْ وَدائِعُهُمْ ثِقَاتٍ
- دُفِعْنَ إلى المَحَاني وَالرِّعَانِ
- فَبَاتَتْ فَوْقَهُنّ بِلا صِحابٍ
- تَصِيحُ بمَنْ يَمُرُّ: ألا تَرَاني
- رُقَاهُ كلُّ أبيَضَ مَشْرَفيٍّ
- لِكُلّ أصَمَّ صِلٍّ أُفْعُوَانِ
- وَمَا تُرْقَى لُهَاهُ مِنْ نَدَاهُ
- وَلا المَالُ الكَريمُ مِنَ الهَوَانِ
- حَمَى أطْرَافَ فارِسَ شَمّرِيٌّ
- يَحُضّ على التّبَاقي بالتّفاني
- بضَرْبٍ هَاجَ أطْرَابَ المَنَايَا
- سِوَى ضَرْبِ المَثَالِثِ وَالمَثَاني
- كأنّ دَمَ الجَماجِمِ في العَناصِي
- كَسَا البُلدانَ رِيشَ الحَيقُطانِ
- فَلَوْ طُرِحَتْ قُلُوبُ العِشْقِ فيها
- لمَا خافَتْ مِنَ الحَدَقِ الحِسانِ
- وَلم أرَ قَبْلَهُ شِبْلَيْ هِزَبْرٍ
- كَشِبْلَيْهِ وَلا مُهْرَيْ رِهَانِ
- أشَدَّ تَنَازُعاً لكَرِيمِ أصْلٍ
- وَأشْبَهَ مَنظَراً بأبٍ هِجَانِ
- وَأكثرَ في مَجَالِسِهِ استِمَاعاً
- فُلانٌ دَقّ رُمْحاً في فُلانِ
- وَأوّلُ رَأيَةٍ رَأيَا المَعَالي
- فَقَدْ عَلِقَا بهَا قَبلَ الأوَانِ
- وَأوّلُ لَفْظَةٍ فَهِمَا وَقَالا:
- إغَاثَةُ صَارِخٍ أوْ فَكُّ عَانِ
- وَكنْتَ الشّمسَ تَبهَرُ كلّ عَينٍ
- فكَيفَ وَقَدْ بَدَتْ معَها اثنَتَانِ
- فَعَاشَا عيشةَ القَمَرَينِ يُحْيَا
- بضَوْئِهِمَا وَلا يَتَحَاسَدَانِ
- وَلا مَلَكَا سِوَى مُلْكِ الأعَادي
- وَلا وَرِثَا سِوَى مَنْ يَقْتُلانِ
- وَكَانَ ابْنا عَدُوٍّ كَاثَرَاهُ
- لَهُ يَاءَيْ حُرُوفِ أُنَيْسِيَانِ
- دُعَاءٌ كالثّنَاءِ بِلا رِئَاءٍ
- يُؤدّيهِ الجَنَانُ إلى الجَنَانِ
- فَقد أصْبَحتَ منهُ في فِرِنْدٍ
- وَأصْبَحَ منكَ في عَضْبٍ يَمَانِ
- وَلَوْلا كَوْنُكُمْ في النّاسِ كانوا
- هُرَاءً كالكَلامِ بِلا مَعَانِ
المزيد...
العصور الأدبيه