الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> آخر ما الملك معزى به >>
قصائدالمتنبي
آخر ما الملك معزى به
المتنبي
- آخِرُ مَا المَلْكُ مُعَزّىً بِهِ
- هذا الذي أثّرَ في قَلْبِهِ
- لا جَزَعاً بَلْ أنَفاً شابَهُ
- أنْ يَقْدِرَ الدّهْرُ على غَصْبِهِ
- لَوْ دَرَتِ الدّنْيَا بمَا عِنْدَهُ
- لاستَحيَتِ الأيّامُ من عَتبِهِ
- لَعَلّهَا تَحْسَبُ أنّ الذي
- لَيسَ لَدَيهِ لَيسَ من حِزْبِهِ
- وَأنّ مَنْ بَغدادُ دارٌ لَهُ
- لَيسَ مُقيماً في ذَرَا عَضْبِهِ
- وَأنّ جَدّ المَرْءِ أوْطانُهُ
- مَن لَيسَ منها لَيسَ من صُلبِهِ
- أخَافُ أنْ تَفْطَنَ أعْداؤهُ
- فيُجْفِلُوا خَوْفاً إلى قُرْبِهِ
- لا بُدّ للإنْسانِ من ضَجعَةٍ
- لا تَقْلِبُ المُضْجَعَ عن جَنبِهِ
- يَنسى بها ما كانَ مِن عُجْبِهِ
- وَمَا أذاقَ المَوْتُ من كَرْبِهِ
- نحنُ بَنُو المَوْتَى فَمَا بالُنَا
- نَعَافُ مَا لا بُدّ من شُرْبِهِ
- تَبْخَلُ أيْدينَا بِأرْوَاحِنَا
- على زَمَانٍ هيَ من كَسْبِهِ
- فَهَذِهِ الأرْوَاحُ منْ جَوّهِ
- وَهَذِهِ الأجْسامُ مِنْ تُرْبِهِ
- لَوْ فكّرَ العاشِقُ في مُنْتَهَى
- حُسنِ الذي يَسبيهِ لم يَسْبِهِ
- لم يُرَ قَرْنُ الشّمسِ في شَرْقِهِ
- فشَكّتِ الأنْفُسُ في غَرْبِهِ
- يَمُوتُ رَاعي الضّأنِ في جَهْلِهِ
- مِيتَةَ جَالِينُوسَ في طِبّهِ
- وَرُبّمَا زَادَ على عُمْرِهِ
- وَزَادَ في الأمنِ على سِرْبِهِ
- وَغَايَةُ المُفْرِطِ في سِلْمِهِ
- كَغَايَةِ المُفْرِطِ في حَرْبِهِ
- فَلا قَضَى حاجَتَهُ طالِبٌ
- فُؤادُهُ يَخفِقُ مِنْ رُعْبِهِ
- أستَغْفِرُ الله لشَخْصٍ مضَى
- كانَ نَداهُ مُنْتَهَى ذَنْبِهِ
- وَكانَ مَنْ عَدّدَ إحْسَانَهُ
- كأنّمَا أفْرَطَ في سَبّهِ
- يُرِيدُ مِنْ حُبّ العُلَى عَيْشَهُ
- وَلا يُريدُ العَيشَ من حُبّهِ
- يَحْسَبُهُ دافِنُهُ وَحْدَهُ
- وَمَجدُهُ في القبرِ مِنْ صَحْبِهِ
- وَيُظْهَرُ التّذكيرُ في ذِكْرِهِ
- وَيُسْتَرُ التأنيثُ في حُجْبِهِ
- أُخْتُ أبي خَيرِ أمِيرٍ دَعَا
- فَقَالَ جَيشٌ للقَنَا: لَبّهِ
- يا عَضُدَ الدّوْلَةِ مَنْ رُكْنُها
- أبُوهُ وَالقَلْبُ أبُو لُبّهِ
- وَمَنْ بَنُوهُ زَينُ آبَائِهِ
- كأنّهَا النّوْرُ عَلى قُضْبِهِ
- فَخْراً لدَهْرٍ أنْتَ مِنْ أهْلِهِ
- وَمُنْجِبٍ أصْبَحتَ منْ عَقْبِهِ
- إنّ الأسَى القِرْنُ فَلا تُحْيِهِ
- وَسَيْفُكَ الصّبرُ فَلا تُنْبِهِ
- ما كانَ عندي أنّ بَدْرَ الدّجَى
- يُوحِشُهُ المَفْقُودُ من شُهْبِهِ
- حاشاكَ أن تَضْعُفَ عن حَملِ ما
- تَحَمّلَ السّائِرُ في كُتْبِهِ
- وَقَدْ حَمَلْتَ الثّقلَ من قَبْلِهِ
- فأغنَتِ الشّدّةُ عَنْ سَحْبِهِ
- يَدْخُلُ صَبرُ المَرْءِ في مَدْحِهِ
- وَيَدْخُلُ الإشْفَاقُ في ثَلْبِهِ
- مِثْلُكَ يَثْني الحُزْنَ عن صَوْبِهِ
- وَيَستَرِدّ الدّمعَ عن غَرْبِهِ
- إيمَا لإبْقَاءٍ عَلى فَضْلِهِ؛
- إيمَا لتَسْليمٍ إلى رَبّهِ
- وَلم أقُلْ مِثْلُكَ أعْني بِهِ
- سِواكَ يا فَرْداً بِلا مُشْبِهِ
المزيد...
العصور الأدبيه