الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أحاد أم سداس في أحاد >>
قصائدالمتنبي
أحاد أم سداس في أحاد
المتنبي
- أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ
- لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي
- كأنّ بَناتِ نَعْشٍ في دُجَاهَا
- خَرائِدُ سافراتٌ في حِداد
- أُفَكّرُ في مُعاقَرَةِ المَنَايَا
- وقَوْدِ الخَيْلِ مُشرِفةَ الهَوادي
- زَعيمٌ للقَنَا الخَطّيّ عَزْمي
- بسَفكِ دمِ الحَواضرِ والبَوادي
- إلى كمْ ذا التخلّفُ والتّواني
- وكمْ هذا التّمادي في التّمادي
- وشُغلُ النّفسِ عن طَلَبِ المَعالي
- ببَيعِ الشّعرِ في سوقِ الكَسادِ
- وما ماضي الشّبابِ بمُسْتَرَدٍّ
- ولا يَوْمٌ يَمُرّ بمُسْتَعادِ
- متى لحظَتْ بَياضَ الشّيبِ عيني
- فقد وَجَدَتْهُ منها في السّوَادِ
- متى ما ازْدَدْتُ من بعدِ التّناهي
- فقد وقَعَ انْتِقاصي في ازْدِيَادي
- أأرْضَى أنْ أعيشَ ولا أُكافي
- على ما للأميرِ مِنَ الأيادي
- جَزَى الله المَسيرَ إلَيْهِ خَيْراً
- وإنْ تَرَكَ المَطَايا كالمَزادِ
- فَلَمْ تَلقَ ابنَ إبْراهيمَ عَنْسِي
- وفيها قُوتُ يَوْمٍ للقُرادِ
- ألَمْ يَكُ بَيْنَنا بَلَدٌ بَعيدٌ
- فَصَيّرَ طُولَهُ عَرْضَ النِّجادِ
- وأبْعَدَ بُعْدَنا بُعْدَ التّداني
- وقَرّبَ قُرْبَنا قُرْبَ البِعَادِ
- فَلَمّا جِئْتُهُ أعْلَى مَحَلّي
- وأجلَسَني على السّبْعِ الشِّدادِ
- تَهَلّلَ قَبْلَ تَسليمي علَيْهِ
- وألْقَى مالَهُ قَبْلَ الوِسَادِ
- نَلُومُكَ يا عَليّ لغَيرِ ذَنْبٍ
- لأنّكَ قد زَرَيْتَ على العِبَادِ
- وأنّكَ لا تَجُودُ على جَوادٍ
- هِباتُكَ أنْ يُلَقَّبَ بالجَوادِ
- كأنّ سَخاءَكَ الإسلامُ تَخشَى
- إذا ما حُلتَ عاقِبَةَ ارتِدادِ
- كأنّ الهَامَ في الهَيْجَا عُيُونٌ
- وقد طُبِعتْ سُيُوفُكَ من رُقادِ
- وقد صُغتَ الأسِنّةَ من هُمومٍ
- فَما يَخْطُرْنَ إلاّ في الفُؤادِ
- ويوْمَ جَلَبْتَها شُعْثَ النّواصِي
- مُعَقَّدَةَ السّباسِبِ للطّرادِ
- وحامَ بها الهَلاكُ على أُنَاسٍ
- لَهُمْ باللاّذِقِيّة بَغْيُ عَادِ
- فكانَ الغَرْبُ بَحْراً مِن مِياهٍ
- وكانَ الشّرْقُ بَحراً من جِيادِ
- وقد خَفَقَتْ لكَ الرّاياتُ فيهِ
- فَظَلّ يَمُوجُ بالبِيضِ الحِدادِ
- لَقُوكَ بأكْبُدِ الإبِلِ الأبَايَا
- فسُقْتَهُمُ وحَدُّ السّيفِ حادِ
- وقد مزّقتَ ثَوْبَ الغَيّ عنهُمْ
- وقَد ألْبَسْتَهُمْ ثَوْبَ الرّشَادِ
- فَما تَرَكُوا الإمارَةَ لاخْتِيارٍ
- ولا انتَحَلوا وِدادَكَ من وِدادِ
- ولا اسْتَفَلُوا لزُهْدٍ في التّعالي
- ولا انْقادوا سُرُوراً بانْقِيادِ
- ولكن هَبّ خوْفُكَ في حَشاهُمْ
- هُبُوبَ الرّيحِ في رِجلِ الجَرادِ
- وماتُوا قَبْلَ مَوْتِهِمِ فَلَمّا
- مَنَنْتَ أعَدْتَهُمْ قَبْلَ المَعادِ
- غَمَدْتَ صَوارِماً لَوْ لم يَتُوبوا
- مَحَوْتَهُمُ بها مَحْوَ المِدادِ
- وما الغضَبُ الطّريفُ وإنْ تَقَوّى
- بمُنْتَصِفٍ منَ الكَرَمِ التّلادِ
- فَلا تَغْرُرْكَ ألْسِنَةٌ مَوالٍ
- تُقَلّبُهُنّ أفْئِدَةٌ أعادي
- وكنْ كالمَوْتِ لا يَرْثي لباكٍ
- بكَى منهُ ويَرْوَى وهْوَ صادِ
- فإنّ الجُرْحَ يَنْفِرُ بَعدَ حينٍ
- إذا كانَ البِناءُ على فَسادِ
- وإنّ المَاءَ يَجْري مِنْ جَمادٍ
- وإنّ النّارَ تَخْرُجُ من زِنَادِ
- وكيفَ يَبيتُ مُضْطَجِعاً جَبانٌ
- فَرَشْتَ لجَنْبِهِ شَوْكَ القَتادِ
- يَرَى في النّوْمِ رُمحَكَ في كُلاهُ
- ويَخشَى أنْ يَراهُ في السُّهادِ
- أشِرْتُ أبا الحُسَينِ بمَدحِ قوْمٍ
- نزَلتُ بهِمْ فسِرْتُ بغَيرِ زادِ
- وظَنّوني مَدَحْتُهُمُ قَديماً
- وأنْتَ بما مَدَحتُهُمُ مُرادي
- وإنّي عَنْكَ بَعدَ غَدٍ لَغَادٍ
- وقَلبي عَنْ فِنائِكَ غَيْرُ غَادِ
- مُحِبُّكَ حَيثُما اتّجَهَتْ رِكابي
- وضَيفُكَ حيثُ كنتُ من البلادِ
المزيد...
العصور الأدبيه