الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً >>
قصائدابن الرومي
يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً
ابن الرومي
- يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً
- وتبارياً فوق الغصونِ المُيَّسِ
- فَمُفَجَّعٌ خلجَ الفراقُ قرينَه
- وممتَّعٌ بقرينه لم يَبْأسِ
- متهزِّجٌ بَهجاً بألفة ِ شَملِه
- هَزَجاً يخفُّ له الوقورُ المجلِس
- وشجٍ أماويتُ الشجى في صوته
- لأياً تنالُ مسامعَ المتوجِّس
- فكأن لذة صوته ودَبِيبها
- سِنة ٌ تمشَّى في مفاصل نُعَّس
- بان الشبابُ وأيُّ جار مَضِنَّة ٍ
- ودَّعت منه وأيُّ عِلقٍ مُنْفِس
- لله دَرُّ العيش إذ أوطارُهُ
- طُرَفٌ وإذ لذَّاته لم تُعْنَس
- عُذراتُهُ مَختومة ٌ وثمارُهُ
- مكهُومة ٌ وجديدُه لم يُلْبس
- وتصيبُ بَعضَهمُ المصيبة ُ مرة ً
- فتنوب نَوبتُها أخاه فَيَأتسي
- حتى كأن كلومهم مأْسوَّة ً
- بكلوم إخوتهم تَعادِي أنفس
- فَبِع الأنيس من الأنيس فبيعُهم
- وأبيك أكيسُ للأريب الأكيس
- هل ما ترى من منظر أو مَسمعٍ
- أو مطعمٍ أو منكحٍ أو مَلْبس
- إلاّ وهم شركاءُ في مُتعاته
- فمَن السليمُ من الشريك الأشْكَس
- لا بدّ للشركاء أن يتشاكسوا
- في هذه الخمس التي لم تُسْدَس
- فَتَوقَّل النجواتِ من لمم الأذى
- واحللْ لكل مَحِلَّة ٍ لم تُؤنس
- إن الحياة نفيسة ٌ مَوقوتة ٌ
- فانفَس بها عمّا يُريبُك وانفس
- لو أن هذا الموتَ لم يَعْمُمْهُمُ
- لَتَغاير الموتى سَجيسَ الأَوجَس
- فَلْينجُ من طَلبَ السلامة منهُمُ
- وحبالُهُ بحبالهم لم تُمرس
- يسطو بسيف في المخاطبِ ناطقٍ
- شَفعٍ بآخر من الضرائب أخرس
- هذا يُصمِّم في الفُصُوصِ وذاكُمُ
- في أيما فصٍّ أصاب وأَبؤس
- ماضي القضاء يكاد يسبق عَضُّهُ
- ظهرَ القَطاة صَليله في القَوْنَس
- أرواحُها الأرواحُ تَمَعج بينها
- فترى بها منفُوسة ً لم تُنفَسَ
- فإذا أعارتْها الصَّبا حركاتِها
- أنستْ كأُنس الناطق المتنفس
- ولقد أديرُ عيونهن كأنني
- شمسٌ تدير ضُحًى عيون النرجس
- إحدى محابسكَ القديمة ِ فاحبس
- واسأل معاهدها وإن لم تنبس
- دلت معالمُها على أغفالها
- فعرفتُ دارسَها بما لم يدرس
- حتى إذا حسرتْ ظلالُ عمايتي
- أعرضتُ عنه بصفحة ِ المستيئس
- لَضَلَلتُ إن أمَّلتُ مرجع ما مضى
- أو منطق الرَّبع الأصم الأخرس
المزيد...
العصور الأدبيه