الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ >>
قصائدابن الرومي
لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ
ابن الرومي
- لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ
- من الخيرِ والشر انتحيتُ على عرضِي
- فما عِبتني إلا بما ليس عائبي
- وكم جاهلٍ يُزرَى على خُلُقٍ محضِ
- وما الحقدُ إلا توأم الشكر في الفتى
- وبعضُ السجايا ينتسبنَ إلى بعض
- فحيثُ ترى حقداً على ذي إساءة ٍ
- فثمَّ ترى شُكراً على حَسنِ القرض
- إذا الأرض أدّتْ ريع ما أنت زارع
- من البذر فيها فهي ناهيك من أرض
- ولا عيبَ أن تُجزَى القروضُ بمثلها
- بل العيبُ أن تدّان ديناً فلا تَقْضي
- وخيرُ سجيّات الرجالِ سجيّة ٌ
- توفّيك ما تُسدي من القرض بالقرض
- ولولا الحقودُ المستكناتُ لم يكن
- لينقضَ وترا آخر الدهر ذو نقض
- أميّزُ أخلاق الكرام فأصطفي
- كرائمها والزبد يُنْزع بالمخضِ
- وأتركُ أخلاقَ اللئام لأهلها
- وأرفضها مذمومة ً أيما رفض
- وأُبقي على عِرضي من الطَّيخ إنه
- إذا طيخت الأعراض لم تَنقَ بالرحض
- وإني لبرٌّ بالأقارب واصلٌ
- على حسدٍ في جُلِّهم وعلى بُغض
- ولم أقطع الأدنى مخافة َ شينه
- ومني سَمارا كان أو غيره رُضّي
- وإني لذو حلمٍ وجهلٍ وراءه
- فمن كان مُختلا رضيتُ له حمضي
- ولولا عُرام في الفتى فُلَّ حدُّه
- ولولا ذُباحٌ في المهند لم يَمض
- أسوغُ لخلاَّني مساغَ شرابِهِمْ
- ويلقاني الأعداءُ كالحنظل الغضِّ
- ولولا إباءٌ في الفتى ومرارة ٌ
- لأغضي على أشياء يقذى بها المغضي
- وما بي من وَهْن فأرضى بمُسخطٍ
- ولا البغيُ من شأني فأسخط ما يُرضي
- وفيّ أناة ٌ لا تُفاتُ بفرضة ٍ
- لها سيرة ٌ موضوعة ٌ وهْي كالرَّكض
- ويُمكنني عِرضُ الرميّ فأرْعوي
- وأُبقي ولو أمكنْتُهُ لرمى عرضي
- أكفُّ يدي حِلما وفضلَ تكرُّمٍ
- وإني لرحب الذرع بالبسط والعضِّ
- وإني لليثٌ في الحروبِ مظفرٌ
- معارُ أداة َ الهصر بالظفر والعضّ
- إذا ما هززتُ الرمح يوم كريهة ٍ
- لجمعٍ فذاك الجمع أولُ منفضّ
- تضاءلُ في عيني الجموعُ لدى الوغى
- وإن هي جاءت بالقضيض وبالقضِّ
- وما ضرّ بي الأقران عند لقائهم
- بذبٍّ ولا طعني هنالك بالوخض
- وما نجمُ رأيي في الخطوبِ بآفلٍ
- ولا حينَ تنقضُّ النجومُ بمنقضّ
- إذا الخُطة ُ الدهياءُ أكمنَ غيبُها
- كمينا مخوفَ الشِّر فارضَ له نفضي
- وتُطلعني الأسرار في مستكنِّها
- على حركاتِ الحبضِ منهن والنَّبض
- بظنِّ كرأي العين لا متقسَّمٍ
- ولا حين ترفضُّ الظنونُ بمرفض
- تفضُّ خواتيمَ السرائر لمحتي
- وخاتمُ أسراري بعيدٌ من الفض
- وإني لصبّارٌ على الحق يعتري
- ولو كان في صبري له مابرى نحضي
- عليمٌ بأن المجد يهزلُ أهله
- وأن ليس عن طول الجُسومِ ولا العرض
- تواكَلَ عُدّالي ملامَة ماجدٍ
- يرى عذل العُدَّالِ في الجودِ كالحض
- إذا ضاقت الأخلاقُ أفضتْ خلائقي
- إلى سعة ٍ مثلي إلى مثلها يُفضي
- وإني لرحّال المطيِّ على الونى
- قليلُ مبالاة ٍ بإنضاء ما أُنضي
- أبيعُ بمكروه السُّرى لذة الكرى
- إذا رويت عين الدّثورُ من الغُمضِ
- وما ذاك أنّي بالرفاهة جاهلٌ
- ولكن رأيتُ الخفضَ يُلصقُ بالخفضِ
- أشدُّ لنيل المجدِ رحلي مُشمِّراً
- وهل بعده شيءٌ أشدُّ له غرضِي
- ولو شئتُ رويْتُ الجفون من الكرى
- وألجأتُ أعطافي إلى جسدٍ بض
- وإني لِنضْو المكرماتِ ونِقضُها
- على أنني لا أشتكي سأم النَّقض
- ولي همة ٌ تطوي إلى الريّ ظَمْأها
- عيوفٌ لطَرْقِ الماء والثَّمدِ البرض
- إذا ناهضَ العلياءَ قومٌ فقصَّروا
- فإني حريٌّ أن يتم لها نهضي
- أمُدُّ إلى الطُّولى يداً ذاتَ بسطة
- وعين كريم لا يُقال لها غُضِّي
المزيد...
العصور الأدبيه