الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نزار قباني >> قرص الأسبرين >>
قصائدنزار قباني
- ليسَ هذا وطني الكبير
- لا..
- ليسَ هذا الوطنُ المربّعُ الخاناتِ كالشطرنجِ..
- والقابعُ مثلَ نملةٍ في أسفلِ الخريطة..
- هوَ الذي قالّ لنا مدرّسُ التاريخِ في شبابنا
- بأنهُ موطننا الكبير.
- لا..
- ليسَ هذا الوطنُ المصنوعُ من عشرينَ كانتوناً..
- ومن عشرينَ دكاناً..
- ومن عشرينَ صرّافاً..
- وحلاقاً..
- وشرطياً..
- وطبّالاً.. وراقصةً..
- يسمّى وطني الكبير..
- لا..
- ليسَ هذا الوطنُ السّاديُّ.. والفاشيُّ
- والشحّاذُ.. والنفطيُّ
- والفنّانُ.. والأميُّ
- والثوريُّ.. والرجعيُّ
- والصّوفيُّ.. والجنسيُّ
- والشيطانُ.. والنبيُّ
- والفقيهُ، والحكيمُ، والإمام
- هوَ الذي كانَ لنا في سالفِ الأيّام
- حديقةَ الأحلام..
- لا...
- ليسَ هذا الجسدُ المصلوبُ
- فوقَ حائطِ الأحزانِ كالمسيح
- لا...
- ليسَ هذا الوطنُ الممسوخُ كالصرصار،
- والضيّقُ كالضريح..
- لا..
- ليسَ هذا وطني الكبير
- لا...
- ليسَ هذا الأبلهُ المعاقُ.. والمرقّعُ الثيابِ،
- والمجذوبُ، والمغلوبُ..
- والمشغولُ في النحوِ وفي الصرفِ..
- وفي قراءةِ الفنجانِ والتبصيرِ..
- لا...
- ليسَ هذا وطني الكبير
- لا...
- ليسَ هذا الوطنُ المنكَّسُ الأعلامِ..
- والغارقُ في مستنقعِ الكلامِ،
- والحافي على سطحٍ من الكبريتِ والقصدير
- لا...
- ليسَ هذا الرجلُ المنقولُ في سيّارةِ الإسعافِ،
- والمحفوظُ في ثلّاجةِ الأمواتِ،
- والمعطّلُ الإحساسِ والضمير
- لا...
- ليسَ هذا وطني الكبير
- لا..
- ليسَ هذا الرجلُ المقهورُ..
- والمكسورُ..
- والمذعورُ كالفأرةِ..
- والباحثُ في زجاجةِ الكحولِ عن مصير
- لا...
- ليسَ هذا وطني الكبير..
- يا وطني:
- يا أيّها الضائعُ في الزمانِ والمكانِ،
- والباحثُ في منازلِ العُربان..
- عن سقفٍ، وعن سرير
- لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبةَ التزوير
- فالوطنُ المن أجلهِ ماتَ صلاحُ الدين
- يأكلهُ الجائعُ في سهولة
- كعلبةِ السردين..
- والوطنُ المن أجلهِ قد غنّت الخيولُ في حطّين
- يبلعهُ الإنسانُ في سهولةٍ..
- كقُرص أسبرين!!..
المزيد...
العصور الأدبيه