الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نزار قباني >> قراءة ثانية لمقدّمة ابن خلدون >>
قصائدنزار قباني
قراءة ثانية لمقدّمة ابن خلدون
نزار قباني
- 1
- هذا هو التاريخُ ، يا صديقتي
- من غيرِ ما تعليقْ.
- وكل ما قرأتِ عن سيرتِنا المعطّرهْ
- من كَرَمٍ..
- ونَجْدةٍ..
- و نَخْوَةٍ..
- و العَفْوِ عندَ المقدِرَة..
- ليس سوى تَلْفِيقْ..
- وكل ما سمعتهِ من قصص الشهامهْ
- وعن سجايا حاتمٍ
- وعن حكايا عنترهْ..
- لم يبقَ شيءٌ منه في المفكرهْ
- وكل ما سمعتِ عن حروبنا المظفَّرَهْ
- وكرِّنَا..
- و فَرِّنا..
- وأرضنا المحرَّرهْ..
- ليس سوى تلفيقْ..
- هذا هو التاريخُ ، يا صديقتي
- فنحن منذ أن تُوفيَ الرسولُ ،
- سائرونَ في جنازهْ ..
- ونحن ، منذ مصرعِ الحسينِ ،
- سائرون في جنازهْ..
- ونحن، من يوم تخاصَمْنَا
- على البُلدانِ..
- والنسوانِ..
- والغلمانِ..
- في غرناطةٍ
- موتى، ولكن ما لهمْ جنازهْ !..
- 3
- فنِصْفُهُ هَلْوَسَةٌ..
- ونصفه خطابهْ..
- أطفالُنا، ليسَ لهمْ طفولةٌ.
- سماؤنا، ليسَ بها سَحَابَهْ.
- نساؤنا.. ما زلنَ في ثلاجة الخليفهْ
- عُشَّاقُنا..
- يستنشِقُون وردةَ الكآبهْ ..
- كُتَّابُنا، يحاولون القفزَ كالفئرانِ ،
- من مصيدةِ الرقابهْ ..
- 4
- لا تثقي ، يا صديقتي ،
- فعزفها مكررٌ..
- وصوتها نشازْ..
- المخبرونَ.. كسَّرُوا عِظامَنا
- وشعبُنا..
- يمشي على عُكَّازْ...
- 5
- صديقةَ العمر التي..
- أقرأ في عيونها المأساةْ
- والحزنَ .. والشتاتْ..
- نحنُ شعوبٌ تجهلُ الفرحْ
- أطفالنا ما شاهدوا في عمرهمْ
- قوس قزحْ..
- هذي بلادٌ أقفلتْ أبوابَها..
- وألغتِ التفكيرَ عند شعبها
- وألغتِ الإحساسْ..
- هذي بلادٌ تطلقُ النارَ على الحَمَامِ..
- والغمامِ..
- والأجراسْ..
- 6
- ما طارَ طيرٌ عندنا..
- إلا انْذَبَحْ..
- ولا تغنَّى شاعرٌ بشِعْرِهِ..
- 7
- هذي بلادٌ ..
- ما بها مسيرةٌ تمشي..
- ولا ذبابةٌ تطيرُ من حيٍّ.. إلى حيٍّ..
- ولا أمسيةٌ شعريةٌ تُعْطَى..
- 8
- هذي بلادٌ
- نصفها زنزانةٌ
- ونصفها حراسْ..
- تزوجَ الموتى نساءَ بعضهمْ
- فأينَ راحَ الناسْ؟؟
- بلادكم أجمل ما شاهدت من بلدانْ.
- فالماء فيها ضاحكٌ..
- والورد فيها ضاحكٌ..
- والخوخُ.. والرمانْ..
- والياسمين عندكمْ ،
- يمشط الشعرَ على الحيطانْ...
- لا يضحكُ الإنسانْ؟؟
- بلادكم أجمل ما شاهدت من بلدانْ.
- فالماء فيها ضاحكٌ..
- والورد فيها ضاحكٌ..
- والخوخُ.. والرمانْ..
- والياسمين عندكمْ ،
- يمشط الشعرَ على الحيطانْ...
- فكيف في بلادكُمْ
- لا يضحكُ الإنسانْ؟؟
المزيد...
العصور الأدبيه