الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نزار قباني >> حوارٌ مع امرأةٍ غيرِ مُلْتَزِمَة >>
قصائدنزار قباني
حوارٌ مع امرأةٍ غيرِ مُلْتَزِمَة
نزار قباني
- 1
- غَيِّري الموضوعَ يا سيِّدتي .
- ليسَ عندي الوقتُ والأَعصابُ
- كي أمضيَ في هذا الحِوَارْ ..
- إِنَّني في ورطةٍ كُبْرَى مع الدُنيا ،
- وإحساسي بِعَيْنَيْكِ كإحساسِ الجدارْ ...
- قَهْوَتي فيها غُبَارٌ .
- لُغَتي فيها غُبَارٌ .
- شَهْوتي للحُبِّ يكسُوها الغُبَارْ ..
- أنا آتٍ من زَمَان الوَجَعِ القوميِّ
- آتٍ مِنْ زمانِ القُبْحِ ،
- آتٍ مِنْ زَمَانِ الإِنكسَارْ .
- إِنَّني أكتُبُ مثلَ الطائِرِ المَذْعُورِ ،
- ما بينَ انفجارٍ .. وانفجارْ ..
- هل تظنّينَ بأَنَّا وَحْدَنا ؟
- إِنَّ هذا الوطنَ المَذْبُوحَ يا سيِّدتي
- واقفٌ خَلْفَ السِتَارْ .
- فاشْرَحي لي :
- كيفَ أَسْتَنْشِقُ عِطْرَ امرأَةٍ ؟
- وأَنا تحتَ الدَمَارْ .
- إِشْرَحي لي :
- كيفَ آتيكِ بوردٍ أحمر ؟
- بعدَ أَنْ ماتَ زَمَانُ الجُلَّنارْ ..
- 2
- غَيِّري الموضوعَ ، يا سيِّدتي .
- غَيِّري هذا الحديثَ اللا أُباليَّ ..
- فما يقتُلُني إِلا الغَبَاءْ .
- سَقَطَ العالمُ من حولكِ أجزاءً ..
- وما زلتِ تُعيدينَ مَوَاويلَكِ مثلَ البَبَغَاءْ .
- سَقَطَ التاريخُ . والإِنسانُ . والعقلُ ..
- وما زلتِ تظنّينَ بأنَّ الشَمسَ
- قد تُشرقُ من ثوبٍ جميلٍ
- أَو حِذَاءْ ..
- 3
- أَجِّلي الحُلْمَ لوقتٍ آخَرٍ ..
- فأنا مُنْكَسِرٌ في داخلي مثلَ الإِنَاءْ .
- أَجِّلي الشِعْرَ لوقتٍ آخَرٍ ..
- ليسَ عندي من قُمَاشِ الشِعْرِ
- ما يَكْفي لإِرضَاءِ ملايينِ النِسَاءْ ..
- أَجِّلي الحُبَّ ليومٍ أو ليومَيْنِ ..
- لشَهْرٍ أَو لشَهْرَيْنِ ..
- لعامٍ أَو لِعامَيْنِ ..
- فَلَنْ تَنْخَسِفَ الأَرْضُ ،
- ولَنْ تنهارَ أبراجُ السَمَاءْ ..
- هَلْ مِنَ السَهْل احتضانُ امرأَةٍ؟
- عندما الغُرْفَةُ تكتظُّ بأجسادِ الضَحَايا
- وعُيُونِ الفُقَرَاءْ ؟
- 4
- إِقْلِبي الصَفْحَةَ يا سيِّدتي
- علَّني أَعثرُ في أوراقِ عَيْنَيْكِ
- على نَصٍّ جديدْ .
- إِنَّ مأساةَ حياتي ، رُبّما
- هيَ أَنّي دائماً أبحثُ عن نَصٍّ جديدْ ..
- 5
- آهِ .. يا سيِّدتي الكَسْلَى
- التي ليسَتْ لديها مُشْكِلَهْ ..
- يا التي ترتَشِفُ القَهْوَةَ ..
- من خَلْف السُتُور المُقْفَلَهْ .
- حاولي .
- أَنْ تطرحي يوماً من الأيام بعضَ الأَسْئِلَهْ .
- حاولي أَنْ تعرفي الحُزْنَ الَّذي يَذْبَحُني حتَّى الوريدْ ..
- حَاولي .. أَنْ تَدْخُلي العصرَ معي .
- حَاولي أَنْ تصرَخي ..
- أَنْ تغضَبي ..
- أَنْ تَكْفُري ..
- حاولي .. أَنْ تقلعي أَعْمدَةَ الأرضِ معي .
- حاولي أَنْ تَفْعَلي شيئاً
- لكي نخرجَ من تحت الجليدْ ...
- 6
- غَيِّري صَوْتَكِ ..
- أَوْ عُمْرَكِ ..
- أَوْ إِسْمَكِ .. يا سيِّدتي
- لا تكُوني امْرَأَةً مخزونةً في الذاكِرَهْ
- وَادْخُلي سَيْفاً دمشقيّاً بلحم الخاصِرَهْ
- غَيِّري جِلْدَكِ أحياناً ..
- لكَيْ يشتعلَ الوردُ ،
- وكي يرتفعَ البحرُ ،
- وكي يأتي النَشِيدْ ..
- 7
- أُسْكُتي يا شَهْرَزَادْ .
- أُسْكُتي يا شَهْرَزَادْ .
- أَنتِ في وادٍ .. وأَحزاني بوادْ
- فالذي يبحثُ عن قِصَّة حُبٍّ ..
- غيرُ من يبحثُ عن موطِنِهِ تحتَ الرَمَادْْ ..
- أَنتِ .. ما ضَيَّعتِ ، يا سيِّدتي ، شيئاً كثيراً
- وأَنا ضيَّعتُ تاريخاً ..
- وأهلاً ..
- وبلادْ ...
المزيد...
العصور الأدبيه