الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مظلوم >> تحت سَمَاْءٍ مثقوبة >>
قصائدمحمد مظلوم
- مرَّة أخيرةً أخرى أمام بَرِيْدِ الْمَوْتَىْ بقَمِيْصٍ مثَّقب.
- مرَّةً أخيرةً أخرى، أستدعي يتامى أحْلاْميْ، من المَمَرَّرَاْتِ السُّوْدِ لأزجَّ بهم في هواء المطاحن.
- مرة أخيرة أخرى، أحتاجُ هذا الظلام ـ كل الظلام ـ لإعلانِ ربيعي الفائت.
- [كان الناسُ يُحرقونَ معاطفَهم
- وأثاثَ بيوتهم،
- كأنَّهُ الشِّتَاْء الأخير]
- الْهَوَاْءُ نفسهُ، ضيِّقٌ ساخنٌ، والطرقات ذاتُها، سوى أنَّها ليسَتْ هيَ، والأنْفاقُ بظلامها المزدحمِ، والجسور بتاريخها الماكر، والطَّعام بمذاقه المفقود، والنساء باحتمالهنَّ المؤجل، والجميع بما جمعوا من المحال المؤكد.
- فلمن كلُّ هذا العيد؟
- السنةُ الَّتِيْ لمْ تبْدأ
- تخْلعُ ملابسَها على سياج حروبٍ قديمة
- بانتظار سياطِ الحديدِ الَّتِيْ تجْلدها
- تحتً سَمَاْءٍ تبكي!
- أسْقطُ عالياً وبطيئاً كمظليٍّ يتذكَّر، أسقطُ خارجَ الربيع المُعلن، أسقط هذهِ المرَّةَ هادئاً.
- لمنْ كلُّ ما أرى من جدرانٍ تصلُ الشوارعَ بالحدائقِ؟
- لمنْ العيونُ المتساقطة في الشوارعِ كفصِّ الخاتم؟
- لمن تُبنى الغيومُ هناك؟
- لمن بقايا الآن؟
- [قريباً من السطوح
- صواريخ " كروز" تتنزَّهُ
- كزجاجات البيرة،
- والسَمَاْءُ حانة بلا زبائن]
- مرَّةً أخيرةً أخرى، يداك ـ بلا زُهُوْرٍـ تبحثانِ عنْ رفاتِ أيامي.
- مرَّةً أخيرةً أخرى، القبورُ ممراتُ، مسطَّحة، والطرقات مقابر عالية لفتيانٍ غامضين.
- مرَّةً أخيرةً أخرى، الشاهدةُ واحدةٌ لقتْلى متعدِّدين.
- [ كانت الطائرات تنظِّف السَمَاْءَ
- من ذكريات الطِّيور
- ليكتبَ الطيَّارون بدلاً عنها،
- أسْمَاْءَ حبيباتهم.]
- أرفقُ هذا اليأسَ الفاحشَ بعناوينَ وهميِّةٍ للمدنِ السُّوْدِ.
- فشلٌ مؤكدٌ هو كلُّ ما أعرفُ عن كمون النقاطِ في صرْخةِ المتخلِّينَ عنْ إنقاذ ساحلي من الوقت.
- فشَلٌ مؤكدٌ هو كلُّ ما أعرفُ عن إرداء أسئلتي أمام سفراء الذكريات.
- [ترتدُّ إلى التسمياتِ الأشجارُ،
- إلى كلامٍ يرقِّعُ الفشلَ
- إلى حبلٍ أبْيضَ، هاربٍ من حبر النسيان.]
- نصْفُ حياتي لنقْل الغيومِ من أماكنَ طارئة لأخرى مؤجَّلة، وعليَّ إحصاء كلِّ هذا الأبد الممزَّق.
- نصْفُ حياتي لأتعلَّم مكافحةَ الأزهار الَّتِيْ تُردي حياتي.
- نصْفُ حياتي لحراسةِ الوحوش الحديديَّةِ من هواء الشِّتَاْء.
- [المدافعُ مَحْبَرةُ تُلاحِقُ جُثَّة الْهَوَاْءِ،
- تَرْسُمَ ـ بالدويِّ ـ عرياً أسْود]
- لماذا كلُّ هذا الاسترخاء حيالَ طوفانِ الغياب؟
- لماذا يتخلى المنتحرونَ عن الرصاص المتبقيِّ في مسدَّساتهم؟
- سأنْذِرُ اللافتاتِ بالرَّحيلِ عن البابِ لأخرج.
- [وهذا خطاُ آخرُ أحصيه بعناية
- أنْتِ والحياة باطلتان.]
- أرثيه، كما أصفُ غابةً مهدَّدةً بالغيمِ،
- تقدَّمْ إلى احتمالكَ الناقص أيُّها الزمن المصفَّدُ.
- حريَّة لمْ يطأها المجْنون، ربيعُها أقلُّ إعلاناً ورمادُها مزدوجٌ إلى آخر الماضي.
- أقلُّ استحواذاً على فجرٍ يفزُّ من نومه في الحافلة.
- أقلُّ من أزهارٍ تنتقلُ من شعر امرأة إلى مكتب شخصٍ ينسى حياته في غابة بيضاء.
- [وهو لمَّا أرسلوه ـ نائماً ـ إلى الصَّحْراء
- نسيَ احتجاجَه،
- وصفَّقَ بأجفانه.]
المزيد...
العصور الأدبيه