الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مظلوم >> المتأخر يرزم الأمكنة >>
قصائدمحمد مظلوم
المتأخر يرزم الأمكنة
محمد مظلوم
- أستمرُّ،
- واقفاً أعدُّ التوابيتَ الَّتِيْ لم تعد لقامتي،
- أستمرُّ،
- في الكتابةِ ضدَّ الْهَوَاْءِ المؤرَّخ،
- في محاصرةَ الماضي الهاربِ من تابوتِه،
- في الالتجاء إلى الكنايةِ الغائبة،
- في انتظارِ المرشَّحينَ للنسيانِ،
- أستمرُّ.
- لو انَّ لي غيرَ هذا القلب،
- أستمرُّ،
- في التورِّطِ بغابة غيابك،
- في حراسةِ دميةِ النسيان،
- في فواتكِ المستمرِّ،
- أستمرُّ.
- لو انَّ لي جسدينِ،
- أستمرُّ
- بأحدهما بانتظارك،
- وبالآخر،
- أستمرُّ في ملاحقةِ ازدحامك.
- أستمرُّ
- في النهوض من النوم قبلَ أحْلاْميْ.
- بلا حريقٍ يلتقطُ صُوْرَةً لاحتجاجي.
- أستمرُّ،
- لأنَّ ظلالَ الميِّتينَ تخيطُ لي أيامي
- لأنَّني ـ على الدوام ـ فخٌّ يهربُ،
- حيْثُ أمكنةٌ تعوي وقربها ظلامٌ يتكسَّر،
- حيْثُ أحْلاْميْ تتلفَّتُ،
- ولا عناوينَ في الكلمات توصلني إليها.
- أستمرُّ،
- مُنْدفعاً إلى الشَّموعِ الَّتِيْ تعطِّر المدافنَ
- معها حينَ يغادرُ الزائرونَ،
- أستمرُّ بلا زائرين،
- بلا حاشية تمجِّدُ زُهُوْريْ الَّتِيْ تروِّضُ النارَ،
- بلا ظلامٍ يوصلني إلى بَرِيْدِكِ،
- بلا مناديلَ تلوِّحُ للسِّطوح،
- بلا هزائمَ تشغلني عنْ تعقُّبِ هزيمتي.
- مرتدَّاً إليَّ،
- أستمرُّ،
- إلى أوَّل النسيان،
- إلى أنْ تستعيدَ الذكرى سوادَها،
- إلى انهدام العصافير فوق البنايات،
- إلى تأخري عن ملاحقة ندمي،
- إلى اكتمال الغيمة في رحم الغابة،
- أستمرُّ.
- ملغوماً بريعِ أخطائي،
- أستمرُّ
- ضدَّ أسلحةٍ تبكي،
- ضدَّ تعاليمِ موتي،
- ضدَّ ماضيَّ الواقفِ تحتَ سَمَاْءٍ بلا إشاعاتٍ،
- ضدَّك، جالسةً يباغتكِ صراخُ غيابي،
- ضدَّ تذكُّرٍ معتمٍ يتعثَّرُ بهِ نسياني الهارب،
- ضدَّ مرآةٍ تتنفَّسُ عريَكِ المشاغب.
- متعثراً بخطبةِ الخيالِ الواقفِ في المَمَرِّ
- أستمرُّ،
- ينقُصني كلُّ ما لم أحصلْ عليه،
- لكي أعرِّفَ الحاضرَ بالندم،
- لكي أخسرَ ـ دائماً ـ كلَّ ما لم أحصل عليه.
- أمامَ عاصفةٍ تندفعُ ولا قدرةَ لي على إرجاعها،
- أستمرُّ،
- متكئاً على كلامٍ خائفٍ،
- دائماً، كآخر النسيان،
- أستمرُّ، كمستقبلٍ هاربٍ وأقدامهُ تحرثُ الذكرى،
- أستمرُّ
- متأخراً عن مُدنٍ تستبدلُ سَمَاْءَهَاْ.
- أستمرُّ.
- دائماً كالتوابيت الغريبة،
- أتلفَّتُ لعراك أعيادي في الصحراء،
- كخيبة المفاتيح،
- أستمرُّ
- كأمطارٍ ترقِّعُ الذكرياتِ بأزهارٍ صدئة.
- أستمرُّ،
- مْصْغياً إلى جثَّة المحاربِ الَّتِيْ يفزعها المطر،
- وخلفَ نظارةِ الْمَوْتَىْ،
- أبْحثُ
- عن ذكرياتٍ لإيواءِ أيامي.
- أستمرُّ وحيداً،
- أبحثُ في المرآة عن جثَّة السَمَاْءِ،
- ترتعدُ الأرْضُ،
- أسقطُ
- على الأجْراسِ الَّتِيْ تُطيِّرُ الخديعةََ،
- أستمرُّ…
المزيد...
العصور الأدبيه