الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي الجارم >> غداً في سَماءِ الْعبْقَرِيَّة ِ نلتقي >>
قصائدعلي الجارم
غداً في سَماءِ الْعبْقَرِيَّة ِ نلتقي
علي الجارم
- غداً في سَماءِ الْعبْقَرِيَّة ِ نلتقي
- وتجتمعُ الأنْدادُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ
- وَنذكر عيْشاً كالأزَاهِر لم يَطُلْ
- وَوُدّاً كَمشْمُولِ الرَّحيقِ الْمُصَفقِ
- وَنَضْحك من آمالِنا كيف أنَّها
- أَصَاخَتْ إلى وَعْدِ الزَّمان المُلَفِّقِ
- ونَسْبَحُ في أنْهَارِ عَدْنٍ كأنَّما
- سَرَائِرُنَا مِن مائِها المُتَدَفِّق
- ونَخْتَرِق الأجْواءَ بَيْنَ مُدَوِّمٍ
- يَمَدُّ جَنَاحَيْهِ وبين مُصَفِّق
- ذَكَرْتُ أَحِبَّائي وقَدْ سَارَ رَكْبُهُمْ
- إلى غير آفاقٍ على غير أَيْنُقِ
- أُودِّعهم ما بَيْنَ لَوْعَة ِ وَاجِدٍ
- تَطِيرُ به الذِّكْرَى وَزفْرَة ِ مُشْفِق
- وَأَبْعَثُ في الصَّحْراء أَنَّاتِ شَيِّقِ
- وهَلْ تَسْمعَ الصَّحراء أَنَّاتِ شَيِّقِ
- تعلقتُ بالحَدْبَاءِ حَيْرانَ وَالِهاً
- وكيف ومَاذَا نافِعِي من تعلٌّقِي
- لَمَسْتُ فلم ألْمِسُ سوى أَرْيَحِيَّة ٍ
- من النورِ لُفَّتْ في رِدَاءٍ مُخلَّقِ
- أَتُدْفَنُ في الأرض الكنوزُ وفوقها
- خَلاَءٌ إلى لأْلائِهَا جِدُّ مُمْلِقِ
- ويَمْضِي الْحِجَا مَابَيْنَ يومٍ وليلة ٍ
- كَلَمْحَة ٍ طَرْفٍ أَو كَوَمْضَة ِ مُبْرِق
- يضيق فضاءُ الأرض عن هِمَّة ِ الفَتى
- ويُجمَعُ في لَحْدٍ من الأرض ضيِّقِ
- تَبَابٌ لهذا الدَّهْرِ مَاذَا يُرِيدُه
- وأَيّ جديدٍ عنده لم يُمَزّقِ
- يُصَدِّعُ من أَعْلاَمِنَا كلَّ راسخٍ
- ويُطفِىء ُ من أَنْوَارِنَا كلَّ مُشْرِقِ
- هُوَ المُوتُ مَا أغْنَى اسمه عَنْ صِفَاتِه
- وعن كلِّ ألْوَانِ الكلام المُنَمَّقِ
- رَمَتْنِي عوَادِيه فإِن قلتُ إِنَّهَا
- مَضَتْ بِأَمانِيِّ الحياة فَصَدِّقِ
- أَأَحمدُ أين الأمْسُ والأمسُ لم يَعُدْ
- سِوَى ذِكرياتٍ للخيال المُؤَرِّقِ
- كَأَني أراكَ اليومَ تخطُبُ صَائِلاً
- وتَهْدِرُ تَهْدَارَ الْفَينقِ المُشَقْشِقِ
- تُنَافِحُ عن بِنْتِ الصَّحارِى مُشَمِّراً
- وتَفْتَحُ مِن أسْرَارِهَا كُلَّ مُغْلَقِ
- مَضَى حَارِسُ الفُصْحى فَخَلَّده اسْمُه
- كما خلَّد الأَعْشى حَديثَ الْمُحَلَّقِ
- فَقدْنَا به زَيْنَ الْفَوَارِسِ إِن رَمَى
- أَصَابَ وإِنْ يُرْخِ الْعِنَانَيْنِ يَسْبِقِ
- فَقُلْ للَّذِي يَسْمُو لذَيْلِ غُبارِهِ
- ظلَمْتَ العِتَاقَ الشَّيْظَمِيَّاتِ فَارفُقِ
- إذا ما رَمَى عِنْدَ الجِدَالِ عَبَاءَهُ
- رَمَاكَ بِسَيْلٍ يَقْذِفُ الصَّخْرَ مُغْرِقِ
- فجانِبْ إذا كُنتَ الحكِيمَ سُؤَالَهُ
- وَأَطْرِقْ إلى آرائِهِ ثُمَّ أطْرِقِ
- أَأَحْمَدُ إِنْ تَمْرُرْ بِوَالِي فَحَيِّه
- وَبَلِّغْه أشْوَاقَ الفُؤادِ المُحَرَّقِ
- طوَيناه صيَّادَ الأَوابدِ لَمْ يَدَعْ
- عَزِيزاً عَلَى الأفْهامِ غَيْر مُوَثقِ
- لَهُ نَظْرَة ٌ لم يحَتَمِلْ وَقعَ سِحْرِهَا
- غريبُ ابن حُجْرٍ أَو عَوِيصُ الفَرَزْدَقِ
- أَحَاطَ بآثار الْخَلِيلِ بْنَ أَحْمَدٍ
- إِحاطَة َ فيَّاضِ البَيَانِ مُدَقِّقِ
- إذا مَسَّ بالكَفِّ الجبينَ تدافَعَتْ
- جُيُوشُ المعانِي فَيْلقاً إِثْرَ فَيْلَق
- ويوماً مع الإِسكندريّ رأيته
- يُجاذِبُه فَضْلَ الْحَدِيثِ المشَقَّقِ
- فَهَذَا يَرَى في لَفْظَة ٍ غَيرَ مَايَرى
- أَخوه ويختارُ الدليلَ وَينْتَقى
- فقلت أرى ليثاً وليثاً تَجَمَّعَا
- وأَشْدَقَ مِلءَ العَيْنِ يَمْشِي لأَشْدَقِ
- وأَعْجَبَنِي رأيٌ سَلِيمٌ وَمَنْطِقٌ
- يَصُولُ على رأيٍ سليمٍ ومَنْطِقِ
- وقد لوَّحتْ أيْدِيهِمَا فكأنّها
- إِشاراتُ راياتِ تروحُ وتَلتَقِي
- ولم أرَ في لفْظَيْهِمَا نَبْرَ عَائِبٍ
- ولم أَرَ في عَيْنَيْهِمَا لَمْحَ مُحْنَقِ
- فقلتُ هِيَ الفُصْحَى بِخَيرٍ وَإِنَّهَا
- بأَمثالِ هَذَيْن الْحَفييْنِ تَرْتَقي
- وَلَمْ أَنْسَ نَلِّينُو وقَدْ جَاء فَيْصَلاً
- بِحُجَّة ِ بَحَّاثٍ وَرَأْيِ مُحَقِّقِ
- وَفِكْرٍ لهُ مِنْ فطْرَة ِ الرُّومِ دِقَّة ٌ
- ومِنْ نَفَحاتِ العُرْبِ حُسْنُ تَأَلُق
- يُنَسِّقُ علم الأوّلين مُجاهِداً
- ولاخَيْرَ في عِلْمٍ إِذَا لَمْ يُنَسَّقِ
- تَقَاسَمَهُ غَرْبٌ وشَرْقٌ فَألَّفَتْ
- مَنَاقِبُهُ مابَيْنَ غَرْبٍ ومَشْرِقِ
- فَدَعْ مايُغَطِّي الرّأس واسْمَعْه لاتجِدْ
- سِوَى عَرَبِيٍّ في العُروُبَة مُعْرِقِ
- إِذا صَالَ ألْقَى الرُّمحَ كُلُّ مُنَازِلٍ
- وإِنْ هو دَوّي سَفّ كلُّ مُحَلِّقِ
- عَشقْناه وَضَّاحَ الْخَلاَئِقِ مُخْلِصاً
- وَمَنْ يَكُ وضّاحَ الخلائق يُعْشَق
- فَيَا مَجْمَعَ الفُصْحى عَزَاءً فَكُلُّنَا
- إِلَى الشاطىء المَوْعُودِ ركّابُ زَوْرَقِ
- وما عَقِمَتْ أُمُّ اللُّغَاتِ ولاخَلَتْ
- خَمائِلُهَا منْ سَجْعِ كلِّ مُطَوَّقِ
المزيد...
العصور الأدبيه