الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي الجارم >> اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ >>
قصائدعلي الجارم
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
علي الجارم
- اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
- وارفعوا الستْرَ عن الصبح المبينْ
- وابعثوه عَسْجداً مُؤْتِلقاً
- زاد في لألائه طولُ السنين
- وانتضوا من غمدهِ سيفَ وَغى ً
- كان إن صال يَقُدُّ الدارعين
- وقناة ً جَلَّ من ثَقَّفها
- للحِفاظِ المُرِّ والعزمِ المكين
- لوتِ الدهرَ على باطله
- وهي كالحقِّ صَفاة ٌ لا تلين
- هزمت جيشَ الأباطيلِ فما
- غادرتْ غير جَريحٍ أو طعين
- كتب اللّه على عامِلها
- إنما الْخُلْدُ جزاءُ العاملين
- جدث ضمَّ سناء وسنا
- ومصاص الطهر في دنيا ودين
- طاعة الأملاك فيه امتزجت
- في السموات بعز المالكين
- فتشوا في الترب عن عزمته
- وعن الإقدام والرأي الرصين
- واخفضوا أبصاركم في هيبة ٍ
- إن رأت أبصاركم نور اليقين
- واخشعوا بالصمت في محرابه
- أفصح الألسن صمت الخاشعين
- وانتحوا من قبره ناحية ً
- واحذروا أن تزحموا الروح الأمين
- وحنانا بضريحٍ طالما
- صقلته قبلات الطائفين
- وجثت مصر به خاشعة
- تذرف الدمع على خير البنين
- صَيْحَة ٌ قدْسِيَّة ٌ إن سكتَتْ
- فلها في مِصْرَ رَجْعٌ ورَنينْ
- وعَرينٌ حَلَّ فيه ضَيْغَمٌ
- رحمة ُ اللّه على لَيْثِ العرين
- ومضاءٌ عَرَفَتْ مِصْرُ به
- أنَّ للحقِّ يميناً لا تمين
- لا أرَى قَبْراً ولكني أرَى
- صفحة ً من صَفحاتِ الخالدين
- أو أراه قَصَبَ المجدِ الذي
- دونه ينفَقُ جُهْدُ السابقين
- أو أراه عَلَماً في فَدْفَدٍ
- لمعتْ أضواؤُه للحائرين
- أو أراه روضة ً إنْ نَفَحتْ
- خَجِلَ الوردُ وأغْضَى الياسَمين
- أو أراه دَوْحَة ً وارفة ً
- نَشرَتْ أفياءَها للاجئين
- أو أراه قلبَ مصرٍ نابضاً
- بِمُنًى تمحو من القلبِ الأنينْ
- نَقَلوا التابوتَ تَحْتَفُّ به
- رَحَماتٌ من شمالٍ ويمين
- ذاك بَعْثٌ حَيِيَتْ مصرُ به
- من جديدٍ تلك عٌقبى الصابرين
- هل علمتم أنَّ مَنْ واريتُمُ
- في حَنايا كلِّ مصريٍّ دفين
- ما لسعدٍ حُفْرة ٌ واحدة ٌ
- هو مِلْء القلبِ ملءُ الأرَضين
- كلُّ بيتٍ فيه سعدٌ ماثلٌ
- في إطارٍ من حَنانٍ وحنين
- نظرة ُ الرئْبالِ في نظرته
- وانبلاجُ الحقِّ في ضَوْءِ الجبين
- وضعتْ مصرُ به آمالَها
- فاستقرَّتْ منه في حِصْنٍ حصين
- هو للأَبناءِ عمٌّ وأبٌ
- وهو للآباءِ خِلٌّ وخَدينْ
- كان سعدٌ عَلَماً منفرداً
- هل يُرَى للشمس في الأفقِ تَنين
- إنّ أمَّ المجدِ مِقْلاتٌ فكم
- سَوَّفَتْ بين جَنينٍ وجَنين
- تبخَل الدنيا بآسادِ الشرَى
- أيّها الدنيا إلى كم تَبْخَلين
- أنتِ قد أنجبت سعداً بطلاً
- وقليلٌ مثلَه مَنْ تلدين
- وجدتْ مصرُ به واحدَها
- ربَّ فَرْدٍ بأُلوفٍ ومئين
- ومن الناسِ نضارٌ خالصٌ
- ومن الناس غُثاءٌ وغَرين
- ومن الناس أسودٌ خُدَّرٌ
- ومن الناس ذُبابٌ وطنينْ
- قاد للمجد مناجيد الحمى
- كلُّهم أرْوَعُ مُنْبَتٌ القَرينْ
- تقرأُ الاقدامَ في صفحتِه
- مثلَما تقرأُ خطَّ الكاتبين
- كلّما مرّتْ به عاصفة ٌ
- زَعزَعٌ مرَّت على طَوْدٍ رَكين
- تقرَعُ الأقدارُ منه عَزْمَة ً
- أنِفَتْ صخرتُها أنْ تستكين
- يا بني الرُبّانِ لا تستيئسوا
- إنْ مضى الموتُ برُبانِ السفين
- إنّ سعداً أخضع الريح لكم
- والبقيَّاتُ على الله المعين
- لاحتِ الفرصة ُ في إبّانِها
- إنّها لا تُرْتَجَى في كلِّ حين
- فهلموّا فاقْنِصوا طائرَها
- كلّكُمْ بالسبق والنصر قمين
- صَدَقَ اللّه تعالَى وعدَه
- إنما الفوزُ ثواب المخلصين
المزيد...
العصور الأدبيه