الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> متى يذكر الوطن النوم >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- جلست وقد هجع الغافلون
- أنكر في أمسنا والغد
- وكيف استبدّ بنا الظالمون
- وجاروا على الشيخ والأمرد
- فخلت اللواعج بين الجفون
- وأنّ جهنم في مرقدي
- وضاق الفؤاد بما يكتم
- فأرسلت العين مدرارها
- ذكرت الحروب وويلاتها
- وما صنع السيف والمدفع
- وكيف تجور على ذاتها
- شعوب لها الرتبة الأرفع
- وتخضب بالدم راياتها
- وكانت تذمّ الذي تصنع
- فباتت بما تهدم
- صروح العلوم وأسرارها
- نساء تجود بأولادها
- على الموت، والموت لا يرحم
- وجند تجود بأكبادها
- على الأرض ، والأرض لا تعلم
- وتغدو الطيور بأجسادها
- فإن عطشت فالشراب الدم
- وفي كلّ منزلة مأتم
- تشقّ بها الغد أزرارها
- لقد شبع الذئب والأجدل
- وأقفرت الدور والأربع
- فكم يقتل الجحفل
- ويفتك بالأروع الأروع
- ولن يرجع القتل من قتلوا
- ولن يستعيد الذي ضيعوا
- فبئس الألى بالوغى علموا
- وبئس الألى أجّجوا نارها
- أمن أجل أن يسلم الواحد
- تطلّ الدماء وتفنى الألوف؟
- ويزرع أولاده الولد
- لتحصدهم شفرات السيوف؟
- أمور يحار بها الناقد
- وتدمي فؤاد اللبيب الحصيف
- فيا ليت شعري متى يفهم
- معاني الحياة وأسرارها
- وحوّلت طرفي إلى المشرق
- كما جتمعت حول نفسي الغموم
- فأسندت رأسي إلى مرفقي
- وقلت ، وقد غلبتني الهموم
- بربك، أيتها الأنجم
- متى تضع الحرب أوزارها؟
- كما يقتل الطير في الجنة
- ويقتنص الظبي في السبب
- كذلك يجنى على أمتي
- بلا سبب وبلا موجب
- فحتذام تؤخذ بالقوة
- ويقتصّ منها ، ولم تذنب؟
- وكم تستكين وتستسلم
- وقد بلغ السيل زنارّها
- وسيقت إلى النّطع سوق الغنم
- مغاورها ورجال الأدب
- وكل امرىء لم يمت بالخذم
- فقد قتلوه بسيف السغب
- فما حرّك الضيم فيها الشمم
- ولا رؤية الدم فيها الغضب
- تبدّلت الناس والأنجم
- ولما تبدّل أطوارها
- أرى الليث يدفع عن غيضته
- بأنيابه وبأظفاره
- ويجتمع النمل في قريته
- إذا خشيء الغدر من جاره
- ويخشى الهزار على وكنته
- فيدفع عنها بمنقاره
- فلا الكاسرات ولا الضيغم
- ولا الشاة تمدح جزّارها
- عجبت من الضاحك اللاعب
- وأهلوه بين القنا والسيوف
- يبيتون في وجل ناصب
- فإن نصبوا ألجئوا للكهوف
- وممن يصفقّ للضارب
- وأحبابه يجرعون الحتوف
- متى يذكر الوطن النّوم
- كما تذكر الطير أوكارها؟
المزيد...
العصور الأدبيه