الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> ليتهم عرفوه! >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- رثى بها صديقه يعقوب روفائيل صاحب مجلة الأخلاق.
- - - -
- يا نفس قد ذهب الرفيق الألمعي
- فتجلّدي لفراقه أو فاجزعي
- هذي النهاية ، لا نهاية غيرها،
- للحي إن يسرع وإن لم يسرع
- للموت من ملك البسيطة كلّها
- أو حاز من دنياه بضعة أذرع
- فازرع طريقك بالورود وبالسنا
- لا يحصد الإنسان إن لم يزرع
- واعمل لكي تمضي وتبقى رقة
- في مبسم ، أو نغمة في مسمع
- أو صورة مثل الربيع جميلة
- في خاطر أو ناظر مستمتع
- يا صحب يعقوب ، ويا عشراءه
- من منكمو أبكي ولا يبكي معي
- إنّا تساوينا فبين ضلوعكم
- نار ومثل سعيرها في أضلعي
- لبنان، هذا من روضك زهرة
- ذهبت كأن في الأرض لم تتضوّع
- لبنان هذا من سمائك كوكب
- غرّبته حتى انطوى في بلقع
- لبنان هذا من مروجك قطعة
- فيه بشاشة كلّ مرج ممرع
- قل للبنفسج في سفوحك والرّبى
- ولّي شبيهك في الوداعة فاخشع
- وأمر طيورك أن تنوح على فتى
- قد كان يهواها وإن لم تسجع
- قد عاش مثلك للمروءة والعلى
- متعفّفا كالزاهد المتورّع
- مترفّعا في قوله وفعاله
- عمّن غوى وهوى ولم يترفّع
- كم حرّضته النفس في نزواتها
- ليكون صاحب حيلة أو مطمع
- فأجابها: يا نفس لا تتوّرطي
- صدأ النفوس هي المطامع فاقتعي
- ليس المحارب في الوغى بأشدّ بأسا
- من محارب نفسه أو أشحع
- يا صاحبي أضنيت جسمك فاسترح
- وأطلت ، يا يعقوب، سهدك فاهجع
- حدّثت قومك حقبة فتسمّعوا
- والآن دور حديثهم فتسّع
- هجروا الكلام إلى الدموع لأنّهم
- وجدوا البلاغة كلّها في الأدمع
- كيف التفتّ وسرت لا ألقى سوى
- متوجع يشكو إلى متوجّع
- حتى الألى نفشوا عليك سمومهم
- حزّ الأسى أكبادهم كالمبضع
- عرفوا مكانك بعد ما فارقتهم
- يا ليتهم عرفوه قبل المصرع
- ولكم تمنّوا لو تعود إليهم
- أنت الشباب إذا مضى لم يرجع
- حنّوا إلى أرج الأزاهر بعدما
- عبثت بها أيدي الرياح الأربع
- واستعذبوا الماء المسلسل بعدما
- نضب الغدير وجفّ ماء المشرع
- يا لوعة الأحباب حين تساءلوا
- عنه وعادوا بالجواب الموجع
- إن الذي قد كان معكم قد مضى
- من موضع أدنى لأرفع موضع
- من عالم متكلّف متصنّع
- تشقى نفوس فيه لم تتصنّع
- للعالم الأسمى الطهور ، ومن مجاورة
- الأنام إلى جوار المبدع
المزيد...
العصور الأدبيه