الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> كل من عليها فان >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- ( بعث بها الى صديقه السيد فهمي يعزيه و قد فجع بموت والدته و كريمته و شقيقته في اسبوع واحد )
- ------------------
- فديناك ، لو أنّ الردى قبل الفدى ،
- بكلّ نفيس بالنفاس يفتدى
- أبى الموت إلاّ ن ينالك سهمه
- و ألا يرى شمل مبدّدا
- فأقدم لا يبغي سواك و كلّما
- درى أنّه عظيما تشدّدا
- دهاك الردى لكن على حين فجأة
- فتبّت يداه غادر صرح النّدى
- دهاك و لم يشفق عل الصبيّة الألى
- تركتهم يبكون مثنى و موحدا
- فقدت و أوجدت الأسى في قلوبنا
- أسى كاد لولا الدمع أن يتوقّدا
- بكيناك حتى كاد يبكي لنا الصفا
- و حتى بكت ممّا بكينا له العدى
- و ما كاد يرقى الدمع حتى جرى به
- غد عندما ، يا ليتنا لم نر غدا !
- قضت طفلة تحكي الملاك طهارة
- و ألحقها الموت الزؤام بمن عدا
- لقد ظعنت تبغي لقاك كأنّما
- ضربت لها قبل التفرّق موعدا
- كأنّ لها نذرا أرادت قضاءه
- كأنّك أنت الصوت جاوبه الصدى
- مشت في طريق قد مشى فيه بعدها
- فتاك الذي أعددت منه المهنّدا
- فتى طاب أخلاقا و طاب محادا
- و طاب فؤادا مثلما طاب محتدا
- فتى كان مثل الغصن في عنفوانه
- فللّه ذاك الغصن كيف تاوّدا
- تعوّد أن يلقاك في كلّ بكرة
- فكان قبيح ترك ما قد تعوّدا
- فجعنا به كالبدر عند تمامه
- و لم نر بدرا قبله الأرض وسّدا
- فلم يبق طرف لم يسل دمعه دما
- و لم يبق قلب في الملا ما تصعّدا
- كوارث لو نابت جبالا شواهقا
- لخرّت لها تلك الشواهق سجّدا
- و لو أنّها في جلمد صار سائلا
- و لو أنّها في سائل صار جلمدا
- ( أفهمي ) إنّ الصبر أليق بالفتى
- و لا سيما من كان مثلك ( سيّدا )
- فكن قدوة للصابرين فإنّما
- بمثلك في دفع الملمّات يقتدى
- لعمرك ما الأحزان تنفع ربّها
- فيجمل بالمحزون أن يتجلّدا
- فما وجد الإنسان إلا ليفقدا
- و ما فقد الإنسان إلا ليوجدا
- و ما أحد تنجو من الموت نفسه
- و لو أنّه فوق السماكين أصعدا
- فلا يحزن الباكي و لا تشمت العدا
- فكل امريء ، يا صاح ، غايته الردى
المزيد...
العصور الأدبيه