الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> حكاية حال >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- هجرت القوافي ما بنفسي ملالة
- سواي ، إذا اشتدّ الزّمان، ملول
- ولكن عدتني أن لأقول حوادث
- إذا نزلت بالطود كاد يزول
- وبغّضني الأشعار أنّ دعاتها
- كثير ، وأنّ الصّادقين قليل
- وأنّ الفتى في ذي الرّبوع عقاره
- وأمواله والباقيات فضول
- سكتّ سكوت الطّير في الرّوض بعدما
- ذوى الرّوض واجتاح النّبات ذبول
- فما هزّني إلاّ حديث سمعته
- عن الغيد كالغيد الحسان جميل
- فما أنا في هذي الحكاية شاعر
- ولكن كما قال الرّواة أقول
- فتّى من سراة النّاس، كلّ جدوده
- سريّ، كريم النّبعتين، نبيل
- قضى في ابتناء المكرمات زمانه
- ينال ويرجوه السّوى فينيل
- فدكّ مباني غزّه الدّهر بغتة
- وقلّم منه الظّفر فهو كليل
- هوى مثلما يهوي إلى الأرض كوكب
- كذاك اللّيالي بالأنام تدول
- وكان له الدّهر بطش وصولة
- فأعوزه، عند البلاء، خليل
- تفرّق عنه صحبه فكأنّما
- به مرض ، أعيا الأساة ، وبيل
- وأنكره من كان يحلف باسمه
- كما ينكر الدّين القديم عميل
- فأصبح مثل الفلك في البحر ضائعا
- يميل مع الأمواج حيث تميل
- يكاد يمدّ الكفّ لولا بقيّة
- من الصّبر في ذاك الرّداء تجول
- زوى نفسه كي لا يرى النّاس ضرّه
- فيشمت قال أو يسرّ عذول
- بدار... أناخ البؤس فيها ركابه
- وجرّت عليها للخراب ذبول
- مهدّمة الجدران مثل ضلوعه
- بها اليأس ضمت والسّقام يحول
- إذ ما تجلّى البدر في الأفق طالعا
- رعاه ، إلى أن يعتريه أفول
- حبال الأماني عند قوم شعاعه
- ولكنّه في مقلتيه نصول
- فيا عجبا حتّى النّجوم تضّلّه
- وفي نورها للمدلحين دليل
- وهل تهتدي بالبدر عين قريحة
- عليها من الدّمع السّجين سدول؟
- غفا الناس، واستولت عليهم سكينة،
- فما باله استولى عليه ذهول؟
- تأمّل في أحزانه وشقائه
- فهان عليه العيش وهو جميل
- فمدّ إلى السّكين كفا نقيّة
- أبت أن يراها تستغيث بخيل
- وقرّبها من صدره ثمّ هزّها
- وكاد بها نحو الفؤاد يميل
- وإذ شيح يستعجل الخطو نحوه
- وصوت لطيف في الظّلام يقول:
- رويدك، فالضّنك الذي أنت حامل
- متى زال هذا اللّيل سوف يزول
- نعم؛ هي إحدى محسنات نسائنا
- ألا إنّ أجر المحسنات جزيل
- أبت نفسها أن يكحل النّوم جفنها
- وجفن المعنّى بالسّهاد كحيل
- وأن تتولّى الابتسامات ثغرها
- وفي الحي مكلوم الفؤاد عليل
- فألقت إليه صرّة وتراجعت
- وفي وجهها نور السّرور يجول
- فلم تتناقل صنعها ألسن الورى
- ولا قرعت في الخافقين طبول
- لا أحسنت كي تعلن الصّحف إسمها
- فتعلم جارات لها وقبيل
- كذا فليواس البائسين ذوو الغنى
- وإني لهم بالصّالحات كفيل
- فإن القصور الشّاهقات إذا خلت
- من البّر والإحسان فهي طلول
- وخير دموع الباكيات هي التي
- متى دمع البائسين تسيل!
- ألا إن شعبا لا تعزّ نساؤه
- وإن طار فوق الفرقدين ، ذليل
- وكلّ نهار لا يكنّ شموسه
- فذلك ليل حالك وطويل
- وكلّ سرور غيرهنّ كآبة
- وكلّ نشاط غيرهنّ خمول
المزيد...
العصور الأدبيه